منازل سماسرة التهريب.. انتظار لأيام بأجور مرتفعة

إدلب – نورث برس

بعد عدة محاولات بائسة للعبور إلى الأراضي التركية، بدأت تنفذ أموال يوسف العبدالله (39عاماً) وهو اسم مستعار لنازح من ريف حماة، وذلك بعد مضي أكثر من أسبوع في منزل لأحد المهربين إلى تركيا في قرية أكدة بريف أعزاز بريف حلب الشمالي.

ولم يعد بإمكان النازح التراجع عن خطوة العبور إلى تركيا والرجوع إلى إدلب، إذ أنه قام ببيع ممتلكات منزله وتكبد مبالغ “كبيرة”، منذ عزمه الذهاب إلى تركيا.

وقال “العبدالله” وهو رب عائلة مكونة من زوجة وطفلين، إنه كلما ازادت أيام البقاء في منزل المهرب تزداد معها التكاليف من أجرة الليلة الواحدة، حيث أنه يدفع 30 ليرة تركية (10 آلاف ليرة سورية) يومياً.

كما تكلف مصروف الطعام والشراب الذي يقوم المهرب بجلبه لهم، “والذي في الغالب يقتص من المال المُعطى له ثمن وقود سيارته.”

ويتذرع المهرب وبحسب قول النازح، بمنع الأشخاص من مغادرة المنزل لشراء احتياجاتهم “خوفاً” من الشرطة المدنية أو عناصر الفصائل والتي تُغرم كل مهرب بطريقة تهريب غير شرعية إلى تركيا بحوالي 250 دولاراً أميركياً.

كما تقوم بتغريم السكان القادمين إلى الحدود التركية للعبور بـ 200 ليرة تركية (70 ألف ليرة سورية) على كل شخص، “فيقوم هو بشراء الاحتياجات وجلبها لكل من طلبها من المقيمين في المنزل”، بحسب “العبد الله”.

التكلفة مختلفة

وتختلف تكلفة الليلة الواحدة بحسب عدد الأشخاص أو العائلات، ففي حال كان هناك أكثر من عائلة فإنه يتم توزيع الغرف بين الرجال والنساء وتكون التكلفة في تلك الحالة على كل عائلة 15 ليرة تركية (خمسة آلاف ليرة سورية) يومياً.

أما في حال فضلت العائلة غرفة مستقلة بها، فإن التكلفة تصل إلى 30 ليرة تركية يومياً.

ويلجأ معظم من يحاولون دخول الأراضي التركية إلى طرق تهريب خطرة في ظل عدم توفر طرق أخرى لجمع شمل عائلاتهم أو تأمين عمل لتلبية احتياجاتهم.

ويزداد عدد من يحاولون عبور الحدود التركية شمالي سوريا مع التصعيد العسكري الأخير والقصف المتبادل بين قوات الحكومة السورية وحليفتها روسيا من جهة وفصائل معارضة مسلحة من جهة أخرى  في مناطق “خفض التصعيد”.

ويأتي هذا وسط أنباء عن معركة قريبة قد تشنها الأخيرة على المنطقة، خاصةً بعد انتشار تقارير صحفية تتحدث عن وصول تعزيزات عسكرية لقوات الحكومة إلى محاور القتال في مناطق إدلب، حماة، حلب واللاذقية.

ومنذ منتصف شهر أيار/مايو الماضي، تشهد مناطق في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الغربي الخاضعة لاتفاق خفض التصعيد، قصفاً مكثفاً من قبل القوات الحكومية.

ومنذ أكثر من عشرة أيام، تنتظر فاطمة المنصور (31 عاماً) وهو اسم مستعار لنازحة من ريف حمص العبور إلى الأراضي التركية مع طفلها البالغ من العمر خمسة أعوام.

وتدفع “المنصور” عن كل ليلة تمضيها 30 ليرة تركية، بالإضافة إلى مصروف طعامها مع صغيرها.

“مضايقات”

وقالت النازحة إن ازدحام النساء اللواتي يردن الذهاب إلى أزواجهم في تركيا داخل تلك المنازل “أمر لا يطاق”، وهو ما جعلها تفضل السكن في غرفة مستقلة لحين موعد العبور.

وأضافت: “سبعة نسوة مع أطفالهن داخل غرفة مساحتها 20 متراً، في ظل الحر وبدون مروحة تغير جو الغرفة، يشبه الجحيم.”

وتتخوف “المنصور” من أن تطول فترة انتظارها على الحدود، ولم تستبعد هي وآخرون أن يكون المهربون يتعمدون تمديد فترة الانتظار، “لتحقيق أرباح أكثر.” 

ويقول ناشطون وسكان محليون، إن عناصر حرس الحدود التركي يتعمدون إطلاق النار على المدنيين الذين يحاولون اجتياز الحدود السورية التركية.

كما يتم اعتقال عشرات السكان بشكل يومي وتعذيبهم بقسوة، فضلاً عن حجزهم لساعات طويلة، بحسب ناشطين.

لكن أشخاصاً ممن يحاولون الدخول إلى الأراضي التركية “بطرق غير شرعية” قالوا إن الأوضاع المادية السيئة وتردي المستوى المعيشي في إدلب الخاضعة لسيطرة “هيئة تحرير الشام”، تدفعهم لتحمل مخاطر اجتياز الحدود.

وفي الثالث من هذا الشهر، أصيب طفل، برصاص حرس الحدود التركي أثناء تواجده بالقرب من الحدود السورية التركية بمنطقة سلقين بريف إدلب.

وفي التاسع من آذار/ مارس الماضي، قتل مدني من قرية الرصافة بريف إدلب الشرقي برصاص حرس الحدود التركي أثناء محاولته العبور إلى الأراضي التركية بالقرب من منطقة حارم القريبة من الحدود السورية ـ التركية.

ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن عدد المدنيين السوريين الذين قتلوا برصاص قوات الجندرمة التركية منذ بداية الحرب السورية وصل إلى 464 مدني، بينهم 84 طفلاً دون الثامنة عشر، و44 امرأة فوق سن الـ18.

وأشارت “المنصور” إلى أن فترة إقامة النزيلات من النساء والفتيات في تلك  المنازل لا تخلو من “التحرش والمضايقات” لبعض الفتيات اللواتي يردن العبور إلى ذويهن أو أقاربهن في تركيا.

وأضافت أنها كانت شاهدة ولأكثر من مرة على تعرض فتيات لتحرش لفظي من قبل مهربين.

إعداد: فاروق حمو- تحرير: سوزدار محمد