حالات وفاة وإصابات لأطفال يعملون في مهن شاقة في إدلب
إدلب- نورث برس
كاد سعيد زينو (11عاماً) وهو اسم مستعار لطفل نازح من مدينة معرة النعمان ويسكن في مدينة إدلب، شمال غربي سوريا، أن يفقد حياته بعد سقوطه من مبنى مرتفع أثناء عمله في مهنة البناء بداية العام الجاري، لكنه أصيب بكسور متفرقة تمثلت بتهشم العظام في كلتا قدميه وإصابات متفرقة في جسده تسببت له بإعاقة دائمة.
ولم تلقَ إصابة “زينو” أي اهتمام من صاحب العمل حيث اكتفى الأخير بإعطائه أجره الأسبوعي، دون أي تعويض مالي يستطيع من خلاله تأمين المستلزمات العلاجية.
وانقطع الطفل عن ارتياد مركز العلاج الفيزيائي الذي كان يتردد إليه مرتين أسبوعياً، لعدم قدرته على تغطية نفقات الجلسات والتي تبلغ 20 ليرة تركية (حوالي سبعة آلاف ليرة سورية) للجلسة الواحدة، وهو ما جعله يفقد أمله في أن يستعيد حركته الطبيعية مستقبلاً.
وقال “زينو” إنه كان مضطراً للعمل بهذه المهنة “الشاقة”، لأنه المعيل الوحيد لعائلته المؤلفة من ستة أشخاص بعد وفاة والده ولأن أجورها تكون “أفضل” من باقي المهن.
واتهم ذوي الطفل صاحب العمل بأنه كان المتسبب بالحادثة، حيث أنه كان يستغله من خلال تكليفه “بأعمال شاقة وخطرة” في حمل الأثقال وإجباره على العمل في الأماكن المرتفعة.
وفي تصريح سابق لمحمد حلاج مدير فريق “منسقو استجابة سوريا” لنورث برس، قال إن هناك أطفالاً يتعرضون للعنف من أرباب عملهم، “فهي موجودة دائماً وأبداً، حيث نرى أن الطفل الذي يرتكب غلطة بسيطة أثناء عمله، يتعرض للضرب من قبل صاحب العمل.”
حوادث متكررة
وتتكرر حوادث فقدان أطفال حياتهم أو إصابتهم بإعاقات دائمة في إدلب، أثناء عملهم في مهن لا تناسب أعمارهم وقدرتهم الجسدية، حيث تدفع عائلات أطفالها للعمل نتيجة تردي الوضع المعيشي وفقدان معيلها.
وتتنوع تلك الأعمال، إلا أن معظمها شاقة تتركز في المجال الصناعي، كـ(صيانة السيارات والحدادة والنجارة وأعمال البناء والمحلات الغذائية وبيع المواد على البسطات وجمع الخرداوات من مكبات القمامة.”
ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، فإن 6.1 مليون طفل بحاجة إلى المساعدة “وهي زيادة بنسبة 20 في المائة عن العام الماضي، وتمثل هذه النسبة 90 بالمئة من الأطفال السوريين.”
ويعيش “أربعة من بين خمسة أشخاص من السوريين تحت خط الفقر، ما يدفع بالأطفال إلى اتخاذ تدابير قصوى للبقاء على قيد الحياة مثل التوجه إلى عمالة الأطفال وزواج الأطفال والتجنيد للقتال، وذلك لمساعدة أفراد عائلاتهم في سد الرمق”،
بحسب اليونيسف.
وبداية العام الجاري، فقد الطفل سليم قدور (10 أعوام) وهو من سكان مدينة إدلب حياته، بانفجار قنبلة من مخلفات الحرب، أثناء عمله في استخراج مادة النحاس من إحدى القنابل غير المنفجرة في ورشة الخرداوات التي يعمل فيها.
والعام الماضي، فقد ثلاثة أطفال حياتهم إثر انهيار مكب للنفايات عليهم أثناء جمعهم لأكياس النايلون وقطع البلاستيك
في مكب “الهباط” على أطراف مدينة معرة مصرين شمال مدينة إدلب.
أمرض جسدية
وفي آذار/ مارس الماضي، فقد حسن زعلان (10 أعوام) حياته أثناء مساعدة والده في حفر الآبار الجوفية، حيث سقط في بئر يتجاوز عمقه 22 متراً في بلدة كفر روحين شمال إدلب.
وقال والد “زعلان” إنه أجبر على تعليم طفله مهنة تساعده على “تحمل مشقة الحياة مستقبلاً في ظل الواقع التعليمي المزري.”
ويرى خبراء اقتصاد أن الحرب التي تعيشها سوريا منذ العام 2011، أدت إلى أن يعيش أكثر من 80% من السوريين تحت خط الفقر، وأن يتجاوز معدل التضخم ألفين في المئة.
ويعاني سمير الأحمد (12عاماً) وهو نازح في مدينة معرة مصرين شمال إدلب، من مشاكل تنفسية عديدة جراء عمله في إحدى حراقات الفحم الحجري.
ويعمل “الأحمد” وهو الأخ الأكبر، 12ساعة يومياً مقابل 20 ليرة تركية.
وفي الثامن من هذا الشهر، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن الأمم المتحدة لا تزال “قلقة للغاية بشأن تدهور الوضع الإنساني لـ 13.4 مليون شخص محتاج” في جميع أنحاء سوريا.
وقال الطفل: “أنا مجبر على العمل لأني المعيل الوحيد لعائلتي. في حال لم أعمل لا أستطيع تأمين ثمن دواء والدتي المريضة بداء السكري.”