تضرر الزراعة بريف الحسكة يطيح بدخل عمال ويفرض تحديات على الإدارة الذاتية

ريف الحسكة – نورث برس

بدد الانحباس المطري هذا العام، آمال المزارع فرهاد موسى (55 عاماً) بموسم مقبول بعد عدم نضج سنابل القمح في أرضه بشكل جيد، رغم جهده في ريها بمياه الآبار ورش الأسمدة.

وعلى امتداد النظر في منطقة تل تمر بريف الحسكة، شمال شرقي سوريا، تبدو الأراضي البعلية خالية من النبات بسبب شح الأمطار الشتاء الفائت، بينما تفاوتت الأضرار التي لحقت بالمروية بحسب عدد مرات السقاية وطبيعة الأرض وخصوبتها.

وقال فرهاد موسى ، الذي استأجر قطعة أرض زراعية غرب بلدة تل تمر بعد استيلاء الجيش التركي على قريته القاسمية شمالاً، إنه كان يأمل في إنتاج أفضل رغم قلة الأمطار.

وأضاف أنه كان يتوقع أن تنتج الأرض ثلاثة أضعاف ما وضعه من بذار إلا أنها لم ينتج حتى ضعفي كمية البذار.

وقدر المزارع خسارته بنحو 50 بالمئة من التكاليف التي تكبدها للبذار والحراثة والسقاية والسماد وأجرة الحصاد.

تلف البعلية كلياً

وعلى صعيد الإنتاج البعلي، وكغالبية المناطق الشمالية لسوريا، تسبب شح الأمطار وانقطاع الروافد المائية من قبل تركيا في تلف المحاصيل البعلية في منطقة تل تمر كلياً.

وقال سعيد نايف، الرئيس المشارك للجنة الزراعة في بلدة تل تمر، إن إنتاج الأراضي المروية رغم تضررها تعتبر “مقبولة” إذا ما قورنت بمساحات كانت معتمدة على الأمطار.

وتقدر المساحات الزراعية في منطقة تل تمر بـ 900 ألف دونم، بينما تبلغ مساحة الأراضي المروية المرخصة لدى لجنة الزراعة بـ 55 ألف دونم هذا العام.

وأشار  “نايف” إلى أن “آلاف الهكتارات في ريف البلدة لم تزرع للسنة الثانية على التوالي بسبب سيطرة الجيش التركي وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها عليها أو وقوعها في خطوط التماس.”

عمال وعائلات تضرروا

ووسط الظروف المعيشية المتدهورة في البلاد عموماً، تسبب تلف المحاصيل بغياب فرص لمئات الأيدي العاملة ممن كانوا ينتظرون موعد الحصاد السنوي.

 ونخفض عدد من الحصادات العاملة وورشاتها، إذ فضل كثيرون منهم عد تشغيل آلياتهم في ظل قلة الإنتاج وارتفاع تكاليف الصيانة.

ولا يبدو فواز أمين (36 عاماً)، وهو صاحب حصادة زراعية من مدينة الحسكة، راضياً عن مردود عمله بعد عشرة أيام من مباشرته بالحصاد.

يقول: “في المواسم الفائتة كان عملنا جيداً، كانت الحصادة تعيل الكثير من العائلات التي يعمل أبناؤها ضمن الورشة، لكن المردود هذا العام “سيء جداً.”

 وبالإضافة إلى تدني الإنتاج وضيق المساحات التي ستعمل حصادته فيها، يضيف “أمين” نقص مخصصات وقود مادة المازوت (الديزل) وارتفاع تكاليف الصيانة كأسباب إضافية لتدني دخله وعماله.

ويشير إلى أن قلة الإنتاج ووجود الرطوبة والحشائش الخضراء في الأراضي الزراعية، يلحق أضرار بالحصادة، ما يعني تكاليف إضافية.

يقول “أمين”: “هذا الواقع دفع بالكثيرين من أصحاب الحصادات للعزوف عن الخروج لموسم الحصاد هذا العام.”

تحديات غير سهلة

ومنتصف أيار/مايو الماضي، حددت الإدارة الذاتية تسعيرة شراء القمح بـ 1150 ليرة سورية، بينما حددت سعر شراء الشعير 850 ليرة سورية للكيلو غرام الواحد.

وجاء تحديد التسعيرة مراعياً للظروف العامة للموسم الحالي، وما يمر به محصول القمح من جفاف وقلة أمطار وانخفاض المساحات المروية، بحسب تصريحات لمسؤولين في الإدارة.

وتواجه المنطقة تحديدات للأمن الغذائي والوضع المعيشي بسبب تدني إنتاج القمح، رغم أن شمال وشرقي سوريا توصف بسلة غذاء سوريا.

وتشمل التحديات توفير مخزون كاف للطحين اللازم إنتاج الخبز وكميات كافية لبذار الزراعة للموسم القادم، إلى جانب خسارة كثيرين من سكان المنطقة مورد دخلهم وفرص عمل في الزراعة أو معتمدة عليها.

ومطلع حزيران الجاري، قال سلمان بارودو، الرئيس المشارك لهيئة الاقتصاد والزراعة في الإدارة الذاتية، إن ‘‘الإدارة مستعدة لاستيراد القمح لسد احتياجات المنطقة في حال لم يكن الانتاج المحلي كافياً’’.

وفي تصريح آخر، لنورث برس، توقع “بارودو” أن لا يتجاوز إنتاج موسم القمح هذا العام 400 ألف طن، أي حوالي ثلثي احتياجات شمال وشرق سوريا والتي تتراوح بين 500 و600 ألف طن سنوياً.

ويعتقد المزارع “موسى” أن من واجب الإدارة الذاتية دعم المزارعين هذا العام ليتمكنوا من الاستمرار في الزراعة للموسم القادم.

إعداد: دلسوز يوسف – تحرير: حكيم أحمد