العراق مهدد بشبح الجفاف على غرار سوريا بسبب الإجراءات التركية

أربيل  ـ نورث برس

يرى مراقبون أن ما تعاني منه سوريا اليوم سيعاني العراق منه غداً، إذ سبق وتعرضت بلاد ما بين النهرين للجفاف عام 2018 نتيجة ملئ خزانات سد أليسو على نهر دجلة.

ويعتمد العراق بشكل أساسي على نهر دجلة وروافده أكثر من نهر الفرات الذي تتقاسمه جغرافياً 3 دول وهي تركيا كدولة منبع وسوريا المرور والعراق المصب.

لكن الجفاف الذي ظهر في نهر الفرات وانخفاض منسوبه بشكل كبير وما خلفه من تداعيات بيئية وصحية وزراعية وخدمية في المنطقة الشمالية من سوريا، يدق ناقوس الخطر في العراق أيضاً.

وقال عضو لجنة الزراعة والموارد المائية العراقية جمال فاخر، الخميس، في حديث لنورث برس، إن الحكومة العراقية مطالبة بأخذ ملف المياه على محمل الجد والتفاوض بشكل فعال مع تركيا لإطلاق الحصص المائية.

وأضاف البرلماني أن الدول المتشاطئة لها حق نيل حصصها المائية العادلة  وفق الأعراف والقوانين الدولية.

وأشار إلى أن السدود التي تنجزها تركيا باعتبارها دولة المنبع تؤثر سلباً على القطاع الزراعي الذي يعتبر شرياناً اقتصادياً رئيسياً في العراق، وبالتالي تتسبب بأزمة وبطالة.

وقال إن الحكومة العراقية بإمكانها الضغط على تركيا باستخدام الملف التجاري وحجم التبادلات التجارية بين البلدين الجارين.

وطالب النائب حكومته بالقيام بالإجراءات المتاحة حتى لو وصل الأمر إلى المطالبة بتدخل أممي لحل هذه القضية.

والثلاثاء الماضي، قال رئيس لجنة الزراعة والموارد المائية البرلمانية سلام الشمري، إن “تركيا تحاول بين الحين والآخر استخدام ورقة المياه لتنفيذ ما تخطط له بدولتي مسرى نهر الفرات بشكل خاص.”

وعدّ انخفاض منسوب مياه نهر الفرات، أمراً خطيراً وينذر بالأمر نفسه في العراق.

ودعا الشمري حكومة بلاده إلى “الإسراع بتوقيع اتفاقية مع تركيا حول حصة العراق من مياه نهري دجلة والفرات، وعدم استخدام الأمر كورقة ضغط لتنفيذ أهدافها.”

وينبع نهري دجلة والفرات من الأراضي التركي ويمران عبر الأراضي السورية ثم إلى العراق ليصبا في الخليج العربي، لذا يعتبران مياهاً دولية بموجب الأعراف والقوانين الدولية.

وتنص المادة الثامنة من اتفاقية استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية على التزام التعاون على أساس المساواة السيادية للدول المتشاطئة لتحقيق الفوائد المتبادلة بقصد بلوغ الاستخدام الأمثل للمجرى المائي الدولي.

ويشمل ذلك تبادل المعطيات والمعلومات حول حالة مجرى النهر، وفي مجال ضبط المياه وتدفقها، والتشاور فيما يتعلق بالمشروعات المخطط.

لكن جواد البيضاني وهو استاذ في جامعة بغداد، وباحث سياسي، اعتبر قطع مياه نهر الفرات عن العراق وسوريا مع تخفيض حصة العراق المائية “ما هو إلا سياسة معادية لسكان هذه الدول اعتمدتها أنقرة ضمن أولوياتها الاستراتيجية.”

وأضاف في حديث لنورث برس، إن “تركيا لا تختلف عن أثيوبيا في سياستها المائية لتدمير السودان ومصر اقتصادياً وتعطيش أهلها.”

وقال: “يبدو أن هناك تنسيقاً مشتركاً بين هاتين الدولتين لهذه الغاية التدميرية التي تنم عن حقد تركي.”

وانحسرت مياه نهر دجلة في العراق بشكل كبير عام 2018، بسبب ملء سد أليسو التركي، حيث حجب أكثر من نصف كميات المياه عن النهر، ما أثار موجة غضب شعبي وصلت إلى حد مقاطعة المنتجات التركية والمطالبة من الحكومة بالضغط على تركيا تجارياً.

وتبلغ قيمة التبادل التجاري بين تركيا والعراق أكثر من 20 مليار دولار. وهذا ما يعتبره خبراء وسياسيون ورقة بيد العراق للرد المعاكس على الضغوط التركية.

وقال محمود عزت وهو خبير في الشأن المائي، واستاذ جامعي في أربيل، إن تركيا ومثلها إيران “لا تعترف بأنهار تنبع من أراضيها وتصب في العراق على أنها مياه دولية.”

وكشف في تصريح لنورث برس أن العراق يحصل حالياً على نصف استحقاقاته السابقة من نهر دجلة. وأشار إلى أن تركيا تسيس ملف المياه.

كما حذر الاستاذ الجامعي من دخول دجلة إلى “غرفة الانعاش” في حال أنجزت تركيا سد الجزرة وهو مشروع تركي آخر على النهر.

إعداد: حسن حاجي ـ تحرير: معاذ الحمد