القاهرة – نورث برس
تسعى تركيا إلى إعادة ترتيب علاقاتها مع الغرب، بعد الصدامات المختلفة التي أفضت إلى فرض الولايات المتحدة عقوبات على أنقرة والتهديد الأوربي المتكرر بفرض عقوبات.
ويرى محللون سياسيون أن تلك المحاولات مهددة بالفشل، نظراً للتقاطعات السياسية بين تركيا والغرب فيما يخصُّ عدداً من الملفات، من بينها الملفان السوري والليبي.
سياسة تهدئة واختراق
قال كرم سعيد، وهو خبير في العلاقات الدولية ويقيم في القاهرة، في تصريحات خاصة لنورث برس، إن تركيا تهدف إلى إحداث نوع من التهدئة والاختراق مع القوى الغربية.
وانخرطت تركيا في مشكلات مع محيطها الإقليمي والدولي، وبدا السعي التركي واضحاً خلال الشهور الماضية بصفة خاصة لترتيب تلك العلاقات.
وأضاف “سعيد” المختص بالشؤون التركية، أن التهدئة “ظهرت مؤخراً بشكل عملي من خلال التصريحات التركية بشأن العلاقات مع إسرائيل على سبيل المثال، في ظل التوافق حول عددٍ من الملفات.”
وقالت مصادر إعلامية وسياسية في أراضي 48، لنورث برس، في وقت سابق، إن هناك “مُغازلات جدّية” واردة من أنقرة تجاه إسرائيل، بموازاة لقاءات سرية، بهدف توطئة العلاقات السياسية التي توترت في السنوات الأخيرة.
وذكر “سعيد” أن “هذا التقارب ومساعي تركيا لترتيب علاقاتها لن يكون ذو شأن كبير، ولن يسهم في تحوّل كبير في العلاقات الغربية-التركية، نظراً لوجود تقاطعات واختلافات جوهرية.”
وأشار إلى أن الموقف التركي في سوريا، والعلاقة مع الكرد، وملفّ شرق المتوسط، والأزمة الليبية، تشكل عائقاً أمام تلك المساعي.
ويعتقد محللون بأن تلك المساعي قد تؤدي إلى تخفيف الضغط على تركيا التي تئنُّ تحت وطأة الضغوطات الاقتصادية، وثمن السياسات والتدخلات الخارجية، لكنّها لن تفضي إلى اختراقات نهائية لأزمتها في ظل تمسّكها بالسياسات ذاتها.
ويرى “سعيد” أن ثمة قضايا عديدة مشتركة بين تركيا والغرب، ستكون لها انعكاسات على طبيعة الاختراق التركي للتوترات الحادثة الآن بين أنقرة والغرب، ومن ثم فإن “التهدئة أو الاختراق الإيجابي، المأمول من الجانب التركي، مُهدد بالفشل.”
غضب أميركي-أوربي
وتُعوِّل أنقرة على الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، في الانخراط في علاقات أفضل من العلاقات التركية-الأميركية، وكذا العلاقات التركية-الغربية، في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقال الناطق باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، قبل أيام، إن بلاده تتوقع علاقة إيجابية وجيدة مع الولايات المتحدة في عهد بايدن.
وذكر خلال حلقة نقاشية نظمها مركز أبحاث “صندوق مارشال الألماني” حول السياسة الخارجية لتركيا، أن بلاده تتطلّع إلى “حلِّ القضايا الإقليمية بالتعاون مع واشنطن.”
وأضاف أنها تنتظر “خطوات ملموسة” لم تتحقق حتى الآن من العالم الغربي بهذا الشأن.
وقال بشير عبد الفتاح، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لنورث برس، إن “هناك غضباً أميركياً-أوربياً من سياسات تركيا في الشرق الأوسط.”
وأضاف أن “أنقرة تأمل في تقليص ذلك الغضب الأميركي، ومنع أيّ عقوبات قاسية أو أيّ عقوبات جديدة يمكن أن تفرضها واشنطن.”
ورأى أن “تركيا بحاجة ماسة لوسيط، يقوم بتبديد الخلافات مع أوروبا وأميركا، أي تلك الخلافات التي أدت لفرض عقوبات على تركيا.”
ويعتقد “عبد الفتاح” أنه يمكن لإسرائيل أن تقوم بذلك الدور، لما لها من تأثير ونفوذ كبير في أوروبا والولايات المتحدة، “وبالتالي تراهن تركيا على ذلك الأمر من أجل منع هذه العقوبات أو منع فرض المزيد منها.”
وقرر قادة الاتحاد الأوروبي، قبل أسبوعين، اعتماد حزمة جديدة من العقوبات على تركيا، بسبب “أنشطتها الأحادية والاستفزازية في شرق البحر المتوسط”، لكن تركيا عبّرت عن رفض ذلك الموقف، ووصفته بـ”غير القانوني.”