نازحون في الرقة يبنون منازل طينية وينتقدون غياب الخدمات عن قريتهم “المحدثة”

الرقة – نورث برس

ينتقد نازحون بريف الرقة الغربي، شمالي سوريا، كانوا قد بنوا منازل طينية خلال العام الجاري، غياب الخدمات عن قريتهم التي أسموها “الخالدية”.

وتتكون قرية الخالدية من أكثر من ٨٠٠ منزل لنازحين من مختلف المناطق السورية، لكنها تفتقد للمدارس وشبكات الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي.

والقرى الطينية هي ظاهرة جديدة بدأت هذا العام في المنطقة الواقعة بين قريتي السلحبية (25 كم غرب الرقة) وأبو كبرى (35 كم غرب مدينة الرقة).

مأوى لنازحين

وقالت مريم العلي (٦٤ عاماً)، وهي نازحة من قرية الأسطوانية شرق بلدة سلوك على الحدود السورية-التركية، إنها بنت منزلها من اللبنات والطين بعد أن اشترت قطعة أرض صغيرة في ريف الرقة الغربي بجوار مزرعة الرشيد.

“اشترينا ٦٠٠ متر مربع من الأرض، وبنينا ثلاث غرف من الطين لنأوي عائلاتنا.”

وكانت “العلي” وعائلتها يترددون على هذه المنطقة منذ أكثر من 20 عاماً بهدف العمل في الزراعة.

 ولكن التدخل التركي في شمالي سوريا منعها من العودة إلى قريتها بعد تدمير منزلها وفقدان كل ما تملك، “فقدنا أرضنا وكل ما نملك، والحمد لله على سلامة أبنائي.”

وفي تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، كانت القوات التركية وفصائل المعارضة المسلّحة التابعة لها قد شنّت عملية عسكرية على مناطق شرق الفرات انتهت بسيطرتها على مدينتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض وريفيهما.

ونزحت “العلي” و١٣ شخصاً من عائلات أبنائها، بعد أن فقدوا الأمل بعودة قريبة إلى قريتهم.

ووفرت منازل القرية المحدثة مأوى أفضل من الخيام لنازحين، معظمهم من حمص وحماة ودير الزور، حتى أصبحت “الخالدية” أكبر من بعض القرى المجاورة.

“أفضل من الخيام”

وقال حسون النايف (٧٥ عاماً)، وهو نازح من قرية أم الريش بريف حماة الشرقي، إنه توجه إلى ريف الرقة منذ بداية الأزمة السورية بعد أن دُمِّرت قريته بالكامل خلال المعارك التي دارت في المنطقة بين فصائل المعارضة المسلّحة والقوات الحكومية.

وأضاف لنورث برس: “خرجنا من بيوتنا بأرواحنا تاركين كل شيء وراءنا.”

وأقام “النايف” مع عائلته وعدد من أقاربه لأكثر من ثماني سنوات في خيام بريف الرقة الغربي، وبسبب صعوبة العيش قرروا بناء بيوت طينية لإيوائهم.

“المنازل الطينية أفضل من الخيام خلال فصلي الشتاء والصيف.”

ويطالب النازح الإدارة الذاتية في الرقة بتوفير الخدمات لقريتهم المحدثة.

وقال حسين الخلف (٥٨ عاماً)، وهو نازح من قرية بويطي بريف حمص، إن هذه القرية تأسست منذ عام فقط، وكانت قبل ذلك مجمعاً واسعاً من الخيام يضمُّ مئات العائلات من مختلف المناطق السورية.

وأضاف لنورث برس: “هناك من يقيم في هذه المنطقة منذ عشر سنوات وآخرون منذ أقل من أربع سنوات وجميعهم كانوا يسكنون الخيام.”

خدمات معدومة

وأشار “الخلف” إلى أن المشكلة الأكبر التي يعاني منها سكان هذه القرية، بالإضافة الى مشكلتي الكهرباء ومياه الشرب، هي مشكلة عدم توفر مدارس وحرمان أجيال من الأطفال من التعليم.

“كبر بعض أطفالنا وهم لا يجيدون القراءة ولا الكتابة.”

ويضطر أطفال من العائلات التي سكنت المخيم للمشي لمسافة تزيد عن خمسة كيلومترات للوصول إلى مدرسة قرية الجايف كي يتعلّموا.

ويعزو مسؤولو البلديات غياب الخدمات عن القرية إلى أنها منطقة مخالفات لم تكن مدرجة في مشاريع وخطط العام الجاري.

وقال سند الحمد، رئيس بلدية الشعب في الرشيد، إن اتساع نطاق القرى التي تتبع لبلدية الرشيد وضعف إمكانات البلدية تسببا بنقصٍ في الخدمات بتلك القرى.

وأضاف لنورث برس أن ١٤ قرية تتبع لبلدية الرشيد، “وجميعها بحاجة إلى خدمات أساسية.”

واعتبر “الحمد” تقديم الخدمات لهذه القرى، بما فيها المخالفة والمشيدة حديثاً، أولوية نتيجة الدمار الذي طالَ المنطقة خلال فترة سيطرة داعش.

وأشار إلى قريتين أخريين في ريف الرقة الغربي بُنيتا خلال عام واحد بالطريقة نفسها، وهما قرية السخاني (نسبة الى نازحين من مدينة السخنة)، تضمُّ أكثر من ١٥٠ منزلاً، وقرية البو سرايا (نسبة إلى نازحين من ريف دير الزور)، وتضمُّ ما يقارب ٦٠ منزلاً.

وقال “الحمد” إن الخدمات ستُقدَّم لهذه القرى بعد وضع دراسة مفصلة لها بالتنسيق مع لجنة الإدارة المحلية والبلديات خلال العام المقبل، دون ذكر تفاصيل أكثر.

أما بخصوص التعليم في هذه القرى المحدثة، قال خلف المطر، الرئيس المشارك للجنة التربية، إنهم يقومون بالتنسيق مع بعض المنظمات لافتتاح مراكز تعليمية داخل تلك التجمّعات.

لكنه أشار إلى أن التعليم فيها سيقتصر على محو الأمية حتى وضع دراسة مفصلة لتلك القرى لافتتاح مدارس رسمية فيها خلال الأعوام المقبلة.

إعداد: أحمد الحسن – تحرير: حكيم أحمد