سوريون يعتبرون ترخيص الحكومة لمنشآت سياحية بالمليارات استفزازاً لغالبيتهم
دمشق – نورث برس
في الوقت الذي لا يجد فيه معظم السكان في العاصمة ومناطق سورية أخرى، ما يسدُّ رمقهم ويردُّ عنهم البرد جراء الأوضاع المعيشية المزرية، يعتبرُ سوريون إقرار الحكومة السورية لمشروعات سياحية بالمليارات استفزازاً لشرائح واسعة من الشعب السوري.
ومنحت وزارة السياحة السورية، مؤخراً، عبر مديريتيها في دمشق وحماة، تراخيص لـ 106 منشآت سياحية، بقيمة استثمارية تقدَّر بـ 30 مليار ليرة سورية.
استفزاز للغالبية
سوريون كثر، تساءلوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي جلسات خاصة، عن هذه القرارات التي اعتبروها “استفزازاً” لغالبية العائلات السورية.
وقالوا متهكمين إن جميع شكاوى السكان من جوع وبرد وحرب تغدو أمام مشاريع سياحية بعشرات المليارات محض “افتراءات” أو “حملات مضادة للنيل من هيبة الدولة.”
وبحسب تقرير لبرنامج الأغذية العالمي (نُشِر في حزيران/يونيو الماضي)، “تواجه سوريا أزمة غذاء غير مسبوقة، حيث يفتقر أكثر من 9٫3 مليون شخص إلى الغذاء الكافي، ما يعني انعدام الأمن الغذائي في وقت يتسارع فيه تفشي فيروس كورونا.”
وأوضحت وزارة السياحة السورية، عبر إعلامها الرسمي، أن مديريتها بدمشق “منحت 89 رخصة تأهيل سياحي لمنشآت في المحافظة من مستوى نجمتين وثلاث نجوم بقيمة استثمارية تقارب 24 مليار ليرة.”
كما منحت مديرية سياحة حماة “17 رخصة تأهيل وتوظيف وتشييد لمنشآت سياحية من مستويات مختلفة بتكلفة إجمالية تبلغ ستة مليارات ليرة.”
ووفق بيانات الوزارة وأعمالها المنجزة خلال العام الجاري، وصل عدد المنشآت السياحية الجديدة التي دخلت الخدمة إلى 87 منشأة بتكلفة استثمارية قُدِّرت بـ 89 مليار ليرة سورية.
كما منحت الحكومة رخص تشييد لستة مشاريع إطعام سياحية، ورخصتي تشييد سياحيتين وفق نظام (بي أو تي) لمشروع شاطئ مفتوح في وادي قنديل باللاذقية ومشروع المارينا في طرطوس.
وكان وزير السياحة السوري، محمد رامي مارتيني، قد أقرَّ في تصريحاتٍ سابقة للإعلام الرسمي، بعدم قدرة السوريين على أيِّ نوع من النشاط السياحي.
وأضاف أن “الحكومة عملت على تشجيع السياحة الداخلية والشعبية، إلا أن ارتفاع التكاليف وغلاء الأسعار أثّرا على قدرة المواطن على التوجّه للسياحة بأيّ مكان.”
“سياحة نشطة رغم كورونا”
لكن مصدراً في غرفة سياحة دمشق، تحفّظ على نشر اسمه، قال إن السياحة الداخلية شهدت خلال الفترة الماضية “نشاطاً جيداً، حيث تم تسيير رحلات أسبوعية لعشرات الحافلات لمعظم المواقع في سوريا.”
لكن المصدر نفسه قال لنورث برس، إن جائحة كورونا “أثّرت كثيراً، إذ أن الناس تخوّفوا من السفر والمرض، بالإضافة الى الوضع الاقتصادي والغلاء.”
ويشير بعض العاملين في منشآت وقطاعات سياحية إلى أن تأثيرات ظروف تفشي كورونا وتدهور المعيشة لم تبلغ حد كساد أعمال هذه المنشآت، لأن لها روّادها.
وقال ياسر المصري، وهو صاحب مكتب سياحة وسفر في درعا، لنورث برس، إن “السياحة الشعبية كانت نشطة في درعا الصيف الماضي، وتم تسيير أكثر من ٦٥ رحلة سياحة داخلية.”
وأضاف: “سيّرنا رحلات إلى الساحل السوري وبلودان وبصرى الشام وإلى بعض المناطق الأثرية في سوريا.”
وقال “المصري” إن “كلفة المشاريع السياحية في درعا تبلغ حوالي خمسين مليار ليرة.”
واعتبر أن تفشي “بعبع” كورونا شكّل عائقاً أمام السياحة الوافدة، لكنه يعتقد أن تأثير الظروف الاقتصادية كان محدوداً على المنشآت السياحية، “فلكل وعاءٍ واعٍ”، على حدِّ تعبيره.