نشطاء مدنيون في الرقة يستنكرون هجمات تركيا وفصائلها على عين عيسى

الرقة – نورث برس

استنكر نشطاء مدنيون في مدينة الرقة، القصف والهجمات التي تتعرّض لها بلدة عين عيسى من قِبل الجيش التركي والفصائل المسلّحة التابعة لها.

وأدان النشطاء الدور الروسي، وحمّلوا المجتمع الدولي مسؤولية الانتهاكات والهجمات.

وقال خليل الأحمد، وهو ناشط مدني، لنورث برس، إن العمليات العسكرية التي تقوم بها الفصائل المعارِضة المسلّحة التابعة لتركيا “تجهض الجهود التي بُذلت في السنوات السابقة في سبيل استقرار المنطقة.”

وأضاف أن الهجمات تنعكس بشكل كارثي على المدنيين، “وتعرّضهم للترحيل والتهجير والقتل.”

وفقد مدنيان حياتهما، وما تزال جثتاهما تحت الأنقاض منذ منتصف ليل الخميس الفائت، بعد انهيار منزلهما في قرية الجهبل جراء قصف عنيف للقوات التركية.

وقالت إدارة مشفى الشهيد عمر علوش (المشفى الوحيد في عين عيسى)، في وقتٍ سابقٍ لنورث برس، إن المشفى  تحولَ إلى مشفى إسعافي منذ بداية كانون الأول/سبتمبر الجاري، “بسبب ضعف إمكانياته.”

وأضافت إدارة المشفى أن ذلك ترافق مع اشتداد وتيرة القصف التركي وهجمات الفصائل المسلّحة التابعة لتركيا على البلدة وقراها، “والذي أودى بحياة مدنيين بعضهم ما يزال تحت الأنقاض.”

عودة التنظيمات الراديكالية

وقال “الأحمد” إن الدول الضامنة لوقف إطلاق النار بين قسد وتركيا، وعلى رأسها روسيا، هي من تتحمّل نتائج هذه العمليات العسكرية وانعكاساتها على المجتمع المحلي.

وأضاف أن “الحرب التي تشنّها تركيا ومرتزقتها على عين عيسى، تعرقل مسار الحل السوري وتهيئ المناخ لإعادة ظهور التنظيمات الراديكالية على الساحة السورية ومنها تنظيم داعش الإرهابي.”

وعمدت تركيا والفصائل المسلّحة التابعة لها بعد السيطرة على تل أبيض وسري كانيه (رأس العين) أواخر العام الماضي، إلى اتخاذ هذه المناطق كقاعدة للقيام بالعديد من العمليات ضد مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.

وكانت مواقع وصفحات محسوبة على الفصائل المسلّحة التابعة لتركيا قد تداولت العام الماضي، عقب سيطرتها على تل أبيض وسري كانيه، فيديوهات تُظهر مسلّحين يرفعون أعلام “داعش” ويطلقون صيحات “اله أكبر” في كلٍّ من سلوك وسري كانيه.

“لعبة قذرة”

قال حاتم إسماعيل، وهو موظف في إحدى المنظمات العاملة في الرقة، إن ما يجري في عين عيسى “لعبة قذرة” بين تركيا وروسيا.

وأضاف لنورث برس، أن ما يحدث حالياً ما هو إلا تطبيق لاتفاقية قديمة بين أميركا وتركيا وروسيا، وتبلوِرها روسيا الآن على أرض الواقع بغية الضغط على قسد لتسليم المناطق التي تسيطر عليها لصالح روسيا ومن ثم للنظام السوري، بحسب تعبيره.

وقالت حسابات ومواقع يديرها أشخاص محسوبون على الحكومة السورية، إن تدخّل القوات الحكومية في عين عيسى والتصدي للفصائل المدعومة من أنقرة مشروطٌ بانسحاب قسد بشكل كامل من عين عيسى وتسليمها للروس والقوات الحكومية.

وأضافت تلك الحسابات أن الروس اشترطوا رفع العلم السوري فوق المؤسسات الرسمية وعودتها إلى سيطرة القوات الحكومية، “ولكن قسد رفضت تلك المطالب.”

ونوَّه “إسماعيل” إلى أن روسيا تستغل الفترة الانتقالية في واشنطن لتعزيز مواقعها أكثر في شمال شرقي سوريا، خاصةً أن دلائل وتصريحات عدة تشير أن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، ليست في صالح تركيا وتعارض قيامها بعمليات عسكرية في سوريا، بحسب قوله.

ولم يُصدِر الرئيس الأميركي المُنتخب بايدن والرئيس المنتهية ولايته ترامب حتى تاريخه، أي تصريحات حيال ما تقوم به تركيا من قصف لعين عيسى.

ومن جانبه، قال محمود الهادي، وهو مدير منظمة صُنّاع الأمل في الرقة، إنه بالرغم مما رآه  العالم من قتل وتهجير وانتهاكات على أيدي المسلّحين الموالين لتركيا في منطقتي تل أبيض وسري كانيه، “فإن الدول الضامنة تقف متفرّجة على المقتلة السورية الجديدة في عين عيسى دون تدخل لإنقاذ المدنيين.”

ورأى “الهادي” أنه من الخطأ أن يعوِّل السوريون على الدور الروسي، كونها تلعب دوراً سلبياً في وجه طموحات الشعب السوري في كلِّ مكان، بحسب قوله.

وقال إن الروس يمثّلون “الضامن القاتل أو الضامن الصامت.”

وأضاف أن تركيا لا تتقدم نحو عين عيسى “إلا بتواطؤ روسي”، وما يجري الآن ما هو “إلا لوضع قسد أمام خيارين: إما تسليم عين عيسى للحكومة السورية أو مواجهة الجيش التركي ومرتزقته.”

وناشد “الهادي” المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لإيقاف الحرب في عين عيسى ومنع تقدّم الفصائل المسلّحة المدعومة من أنقرة.

وذكر مصدرٌ عسكري لنورث برس، صباح الاثنين، إن اشتباكات بالأسلحة الثقيلة دارت، مساء أمس الأحد، بين قوات سوريا الديمقراطية وفصائل المعارضة المسلّحة التابعة لتركيا في قرى المشيرفة والجهبل، وأن البلدة تشهد حالياً هدوءً حذراً.

إعداد: مصطفى الخليل – تحرير: زانا العلي