انتشار صالات الألعاب الالكترونية بدمشق بلا رقيب يؤثر سلباً على حياة الأطفال

دمشق – نورث برس

أدى الانتشار الواسع لصالات ألعاب الكترونية في العاصمة دمشق إلى آثار سلبية أبرزها تراجع المستوى الدراسي إلى جانب حالات الاكتئاب والأضرار الصحية طبقاً لذوي أطفال ومعالجين نفسيين، وسط غياب خطط حكومية أو رقابة.

وتعج العاصمة دمشق بصالات لألعاب الفيديو يرتادها أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و15 عاماً، دون وضع شروط لنوع اللعبة أو تحديد ساعات معينة للعب.

وقالت ميساء أبو صافي (40 عاماً)، وهي من سكان حي جرمانا، إن المستوى الدراسي لابنها البالغ من العمر عشرة أعوام تراجع، بعد أن أصبح يقضي حوالي سبع ساعات يومياً في ممارسة ألعاب الفيديو.

وحاولت “أبو صافي” منع ابنها من تلك الألعاب كلياً بعد أن وصل لدرجة عدم الخروج من غرفته إلا لتناول الطعام، “إلا أن ذلك أدخله في حالة من الاكتئاب.”

وتعمل الآن جاهدة مع زوجها “تخفيف عدد ساعات لعبه والانتباه أكثر إلى نوعية الألعاب.”

وفي أيار/مايو من العام الفائت، قالت منظمة الصحة العالمية إن “اضطراب الألعاب هو مشكلة ذهنية حقيقية.”

وأظهرت إحصائيات لهذا العام نشرتها مؤسسة “نيوزوو” العالمية المتخصصة ببيانات وإحصائيات الألعاب الإلكترونية، أن عدد مستخدمي هذه الألعاب قد بلغ 2.7 مليار، وبذلك يكون العدد قد زاد عن العام 2019 بنسبة 6.4 % .

وقال رغد الشوفاني (24 عاماً)، وهو صاحب إحدى صالات ألعاب الفيديو في دمشق، إن بعض الأطفال قد يهربون من المدرسة للقدوم إلى محله من أجل اللعب.

لكن “الشوفاني” نفى جلوس الأطفال لساعات طويلة، بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي بالإضافة للتكلفة التي لا يتحملها تلميذ المدرسة غالباً.

ورأى صاحب صالة اللعب أن الساعات الطويلة التي تُقضى وراء شاشات “البلايستيشن” تحدث غالباً في البيوت التي تمتلك هذه الأجهزة وليس في الصالات.

وكانت ألعاب الفيديو تعتمد، حين ظهرت قبل 30 عاماً تقريباً، على الرسوم المتحركة البسيطة، إلى أن حظيت باهتمام كبير من قبل مبرمجي الحاسوب لتصل في النهاية إلى مستوى هائل من التطور التقني.

وتعتبر ألعاب الفيديو، وخاصة “البلايستيشن”، أحد أشهر أشكال التسلية لدى الأطفال واليافعين، ويعدها البعض طريقاً سهلاً وقصيراً يمنح الطفل فرصة كي يكون البطل الذي يريده.

وبحسب أطباء مختصين، فإن كثرة استخدام الأطفال لهذه الألعاب قد تسبب مخاطر صحية عديدة في البصر وسائر عضلات الجسم، وتؤدي أحياناً إلى ما يشبه الإدمان.

وقال عمران الحجار، وهو طبيب أطفال يعيش في دمشق، لنورث برس، إن ألعاب الفيديو “قد تسبب ضعف شهية أحياناً، وباعتبارها تستهلك وقتاً كثيراً لا يتحرك فيه الطفل فهي تسبب أيضاً خمولاً في العضلات.”

وأشار “الحجار” إلى أن السبب الرئيسي خلف انجرار الأطفال وراء هذا الأمر، هو أنها جذابة وتحوي الكثير من الألوان والقصص الممتعة، “والتي تعتبر أسهل من الألعاب التقليدية وأقل جهداً من اللعب بكرة القدم مثلاً.”

ويعتقد متخصصون في العلاج النفسي أن هذه الألعاب تحرض على العنف أحياناً من خلال بعض الألعاب التي تحتوي الكثير من الدماء والوحشية.

وقال المعالج النفسي سليمان الهادي (35 عاماً)، إن هذه الألعاب قد تسبب القلق والكآبة وقد تؤدي في بعض الحالات إلى “رهاب اجتماعي” نتيجة العزلة والانغلاق على الذات.

وتشجّع هذه الألعاب، بحسب “الهادي”، على الغياب عن المدرسة وضعف الاتصال مع الآباء الذين يقومون بدورهم بالسماح بلعب أطفالهم لفترات طويلة بحجة أن الأمر يخفف من الضوضاء التي يحدثونها في المنزل.

وأشار المعالج النفسي إلى أن بعض الشركات المنتجة لهذه الألعاب قامت مؤخراً بتزويدها بخيار “الرقابة الأبوية” الذي يسمح للأبوين بتقليل ساعات اللعب والتحكم فيها.

وينصح “الهادي” بأن يقوم الأبوان بوضع جهاز “البلايستيشن” أو الحاسب في غرفة المعيشة وليس في غرفة نوم الطفل بهدف القدرة على التحكم أكثر بساعات اللعب.

وقال إن الرقابة لا يجب أن تعني حرمان الطفل من التسلية، “فبعض هذه الألعاب تكون محفزة للذكاء وسرعة البديهة.

وأضاف: “رغم ذلك يجب أن نبقي أعيننا مفتوحة على ما يقوم به أولادنا.”

إعداد: فادي الجمال – تحرير: حكيم أحمد