سري كانيه في تشرين الثاني.. منازل تحولت لمعاهد شرعية وفصائل معارضة تسرق محتويات كنيسة

حسكة – نورث برس

شهدت مدينة سري كانيه (رأس العين) شمال مدينة حسكة، شمال شرقي سوريا، خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر، استمراراً للفلتان الأمني وارتكاب انتهاكات بحق المدنيين ودور العبادة من قبل الجيش التركي وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها.

وتفيد الأنباء الواردة من داخل المدينة لنورث برس بواقع مأساوي للسكان وتدهور للظروف المعيشية والأمنية والخدمية، إلى جانب اعتقالات تعسفية وفرض إتاوات على السكان.

وسيطرت تركيا وفصائل المعارضة المسلّحة على منطقة سري كانيه أواخر العام الماضي في هجوم تسبب بنزوح عشرات الآلاف من المدنيين.

فلتان أمني

وما زالت سلسلة الانفجارات داخل المدينة وريفها مشهداً متكرراً وتؤدي غالباً لحصد أرواح مدنيين دون معرفة الفاعل.

ومع مطلع الشهر الجاري، أصيب مدنيان بجروح طفيفة جراء انفجار عبوة ناسفة داخل سوق الخضار قرب دوار الجوزة وسط مدينة سري كانيه، إلى جانب أضرار مادية بالمكان.

وفي الـ 15 من تشرين الثاني/ نوفمبر، داهم فصيل “الشرطة العسكرية” قرية العزيزية بريف سري كانيه الغربي.

 وأثناء البحث، فر الشاب عبد الإله محمود النرجس من منزله خوفاً من الاعتقال، لكن عناصر “الشرطة العسكرية” أطلقوا النار باتجاه المدني ليردوه قتيلاً.

وفي الـ 27 من هذا الشهر، قضى ثلاثة مسلحين من فصيل “أحرار الشرقية” التابع للمعارضة المسلحة، إثر انفجار سيارة مفخخة استهدفت حاجزاً امنياً في قرية تل جنب، 35 كم غرب مدينة سري كانيه.

كما فقد ثلاثة مدنيين حياتهم خلال الانفجار وأصيب آخرون بجروح.

منازل تحولت لمعاهد شريعة

واستولت الفصائل المعارضة على ثمانية منازل للمدنيين من مدينة سري كانيه وحولتها لمعاهد شرعية، بدعم من منظمة (IHH) التركية.

وتستهدف المنظمات والجمعيات التركية أطفالاً لم تتجاوز أعمارهم /14/ عاماً، حيث سيُدرس في تلك المعاهد /140/ معلماً ومعلمة وبإشراف من مدرسين أتراك.

ويأتي هذا بعد ظهور عناصر لتنظيم الدولة الإسلامية، الشهر الماضي، في مدينة سري كانيه ورفعهم أعلام التنظيم وشعاراته، خلال وقفة احتجاجية على خلفية نشر صحيفة “شارلي إيبدو” الفرنسية لرسوم كاريكاتيرية للنبي محمد.

سرقة محتويات كنيسة

وقامت الفصائل المعارضة الأسبوع الفائت بسرقة ونهب محتويات كنيسة “مار توما” للسريان الأرثوذكس في شارع الكنائس وسط مدينة سري كانيه بعد كسر أقفالها.

وأكدت مصادر من داخل المدينة أن الآلات الموسيقية التي تملكها الفرقة النحاسية التي تتبع للكنيسة لم تسلم من السرقة.

واعتبر الأب ميخائيل يعقوب، كاهن كنيسة مار آسيا الحكيم في مدينة الدرباسية، ذلك “استهتاراً بالمقدسات الدينية المسيحية، ذلك أنه لم يبق لنا في مدننا سوى الكنائس التي يجب الحفاظ عليها”، على حد تعبيره.

وكان الأب ميخائيل يعقوب، قد أقام آخر قداس في الكنيسة بسري كانيه، قبيل  يوم واحد من الاجتياح التركي للمدينة أواخر العام الفائت، ولم يستطع بعدها العودة بعد هجرة جميع سكانها المسيحيين.

وكانت مدينتا سري كانيه وتل أبيض قد خلتا بشكل شبه كلي من السكان الأصليين من السريان والأرمن والكرد والعرب بعد سيطرة تركيا وفصائل المعارضة التابعة لها، بينما جرى توطين مسلحين من مناطق أخرى وعائلاتهم في منازل المنطقة.

 سرقات ونبش آثار

وفي السابع من شهر تشرين الثاني، أوضحت مصادر محلية لنورث برس، أن فصيل “الحمزات” قام بالاستيلاء على مطعم وكافتيريا “ميتان” قرب دوار الأعلاف وسط المدينة، والذي تعود ملكيته لشخصين من سكان المنطقة.

وأقدم الفصيل على تغيير اسم المطعم إلى “حمصي يا خال” لتديرها عائلة أحد قادة الفصيل والذي ينحدر من مدينة حمص.

كما استولى أحد المستوطنين، الذي ينحدر من مدينة “السفيرة” بريف حلب، على كافتيريا “باب الحارة” قرب مشفى “روج”، ونشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي ادعى فيه أن أملاكه عادت له بعد سيطرة الفصائل على المدينة.

ويأتي كل ذلك في سياق التغيير الديمغرافي وأعمال السلب والنهب المستمرة التي تنتجها الفصائل المعارضة بإيعاز من تركيا، وفق ما نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان ومنظمات حقوقية محلية.

وذكرت تقارير قيام الفصائل المعارضة بأعمال تخريب في المواقع الأثرية بواسطة آليات ثقيلة في منطقة سري كانيه التي تشتهر بوجود أقدم المواقع الأثرية فيها.

وأفادت مصادر مطلعة من داخل سري كانيه لنورث برس أن عناصر من فصائل المعارضة المسلحة شوهدوا في الـ 27 من تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، وهم يقومون بأعمال حفر في الأحياء القديمة بالمدينة بحثاً عن قطع أثرية.

ووفق المصدر، فإن أن الاحياء التي يتم النبش بها هي أحياء “المحطة والعبرة والكنائس.”

قصف مستمر

ولم يخلُ الشهر الحالي كسابقاته من القصف المتكرر من قبل الجيش التركي وفصائل المعارضة التابعة له على القرى الآهلة بالسكان على خطوط التماس بأرياف بلدتي تل تمر وأبو راسين شمال حسكة.

ففي التاسع منه، استهدفت المدفعية التركية بشكل عشوائي قرى “دادا عبدال، والصفا، ومطمورة، وبسيس” التابعة لبلدة أبو راسين مع إطلاق نار.

وتسبب القصف بنزوح قرويين من منازلهم بعد الأضرار التي أصابت ممتلكاتهم.

كما شهد ريفا بلدة تل تمر الغربي والشمالي استهدافات متكررة من جانب، واقتتالاً بين الفصائل من جانب آخر إثر خلافاتهم على المسروقات في قرى “ريحانية، وقاسمية، والمناخ، وعنيق الهوى”.

إعداد: دلسوز يوسف – تحرير: حكيم أحمد