إسطنبول ـ نورث برس
أعلنت روسيا، أمس الأربعاء، عن إعادة تمركز نقاط المراقبة العسكرية التابعة لها على طول خط التماس في إقليم قرة باغ المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان.
كما أعلنت عن موافقة مجلس الاتحاد الروسي على نشر قوات حفظ سلام روسية في الإقليم.
وقامت قوات حفظ السلام الروسية، صباح الخميس، وللمرة الأولى بمرافقة قافلة للجيش الأذربيجاني انطلقت من مدينة شوشا باتجاه إحدى قرى إقليم قرة باغ.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية “إيغور كوناشينكوف” في تصريح صحفي، إن قوات حفظ السلام الروسية قامت بإعادة تمركز نقاط المراقبة التابعة لها، وتغيير عددها في الإقليم المتنازع عليه نظراً لمتطلبات الوضع الميداني.
وكشف المتحدث عن تواجد 23 نقطة في نطاق إجراء عملية حفظ السلام، منها 11 في منطقة المسؤولية “الشمالية”، و12 في المنطقة “الجنوبية.”
وتبنى مجلس الاتحاد الروسي قراراً بالإجماع يتضمن الموافقة على طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إرسال قوات روسية مزودة بالأسلحة والمعدات العسكرية إلى إقليم قره باغ.
“التواجد التركي على المحك”
ولم يصدر أي تصريح عسكري أو دبلوماسية من روسيا يشير إلى تفاصيل جديدة تتعلق بالموقف الروسي من نية تركيا أو مطالبها بنشر قوات حفظ سلام تابعة لها في الإقليم.
وتصر روسيا على أن التواجد التركي سيكون فقط في “مركز المراقبة المشترك” الذي تم الاتفاق عليه بين وزارتي الدفاع الروسية والتركية قبل أيام.
وقال جواد غول الصحفي المختص بالشأن التركي والعلاقات الدولية لنورث برس: إن “ما تفعله روسيا اليوم يجري من دون التنسيق مع الجانب التركي.”
وأشار إلى أن “نشر هذا العدد من نقاط المراقبة على أرض الواقع إضافة لتمركز روسيا في مركز المراقبة الذي من المفترض أن يكون مشتركاً مع تركيا، يأتي كرد فعل استباقي على عزم تركيا إرسال قوات بلادها إلى خط التماس في إقليم قرة باغ.”
وأضاف أنها “رسالة من بوتين لأردوغان بأن إقليم قرة باغ وتلك البقعة الجغرافية المتنازع عليها باتت بيد الروس عسكرياً.”
وبات أي تحرك تركي في الإقليم، بحسب “غول”، يتم تحت إشراف روسي، “وهذا الأمر لن تقبل به تركيا، كونه يضعف موقفها أمام حلفائها، وأمام أذربيجان.”
وقال “غول” إن “تركيا لن تقدم على أي خطأ من الممكن أن يؤدي إلى إغضاب روسيا وجعل الأمور تخرج من يدها.”
وستلجأ تركيا للقنوات الدبلوماسية والتفاهمات العسكرية على طاولة الحوار وليس بالميدان، “لأن روسيا كانت سبّاقة كما نلاحظ لوضع وتثبيت أقدامها في الإقليم”، بحسب “غول”.
وتعلم روسيا، بحسب المختص بالشأن التركي، مدى “أهمية هذا الإقليم بالنسبة لتركيا، ومن أجل ذلك سارعت لقطع أي طريق بوجه تركيا، وليكون الإقليم ورقة ابتزاز جديدة بيد الروس ضد الأتراك.”
وفي الـ10 من هذا الشهر، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، توصل أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق ينص على وقف إطلاق النار في إقليم “قره باغ.”
ووافق البرلمان التركي، الثلاثاء الماضي، على مذكرة رئاسة الجمهورية، بشأن إرسال قوات إلى أذربيجان.
“أسلوب الحوار والرسائل الناعمة”
وقال عبدالله أوزديمير، وهو محلل مختص بالشأن التركي لنورث برس: إن “تركيا لن تقبل تهميشها وإبعادها عن هذا الاتفاق، وهي تعلم حجم الخسائر المعنوية والسياسية والاقتصادية في حال خرجت أو تم عزلها عن أي قرار يخص إقليم قرة باغ.”
وأشار إلى أن تركيا “تتبع أسلوب الحوار والرسائل الناعمة، بدلاً من سياسة التعنت التي تتبعها في ملفات شرقي المتوسط أو الملف الليبي أو ملف إدلب.”
وأضاف أن تركيا في إدلب “تعلم أن تواجدها العسكري القوي يعطيها ورقة للتفاوض أما في قرة باغ فهي تعلم حجم الثقل الروسي والتواجد العسكري للروس.”
وتسعى تركيا من خلال رسائلها “الناعمة” في قرة باغ، لكسب موافقة الشارع التركي على أي تحرك عسكري محتمل، بالإضافة لكسب ود روسيا المستعدة أساساً للرد على تركيا وابتزازها من بوابة إدلب”، بحسب “أوزديمير”.
ويرى أن تركيا في النهاية “مضطرة للقبول بالأمر بعكس ما تقوله دائماً أنها لن تسمح لأحد بفرض سياسة الأمر الواقع عليها.”
وقال رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي، المحلل السياسي الروسي “دينيس كوركودينوف” في تصريحات خاصة لنورث برس، إن “تركيا حريصة على عدم إغضاب روسيا.”
وأشار إلى أن ذلك “يتعلق بالتطورات الدائرة بين أذربيجان وأرمينيا، وتدخلها هناك لصالح أذربيجان، خاصة وأن هذا الدعم التركي، سيدفع بروسيا لأن تعيد هيكلة علاقاتها مع تركيا.”
وأعلنت الخارجية الروسية، الخميس، أن الطرفين الأرمني والأذربيجاني تبادلا منذ الـ13 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري 385 جثة.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن “القيادة الروسية لا تزال على تواصل مستمر مع الطرفين لتنسيق العمل في مرحلة ما بعد الصراع.”