جرائم الشرف في محافظة السويداء بين التشريع القانوني القاصر والموروث الشعبي السلبي

السويداء – نورث برس

عادت  قضية ما تسمى بـ”جرائم الشرف” في محافظة السويداء، جنوبي سوريا، لتثير حالة استياء واسعة النطاق بين أفراد المجتمع المحلي، معتبرين أن “لا شرف في الجريمة”.

وقد هزت أركان المجتمع الدرزي، الشهر الفائت، جريمة بشعة بحق امرأة ثلاثينية حين أقدمت أمها وخالها على ضربها بآلة حادة “شاكوش” على رأسها حتى الموت ورمي الجثة في أحد الأحياء الجنوبية لمدينة السويداء.

“القتل جريمة”

وقال رمزي الميمساني، وهو محام من السويداء، إن جريمة “الشرف “هي جريمة متكاملة الأركان وينبغي التعاطي معها كأي جريمة جنائية موصوفة دون تمييز.

وأضاف، في حديث لنورث برس، أن دافع القتل هو القتل ولا يمكن جعله مبرراً بعقوبات تخفيفية تعزز “موروثاً شعبياً بغيضاً يجعل المرأة ضلعاً قاصراً.”

وتنص المادتان “192”و”548″ من قانون العقوبات السوري على تخفيف العقوبة على الجاني بدافع “الشرف”.

ورغم أن تعديلات طالت بنود القانون، إلا أن محامين وناشطات يدعون إلى تعديل جذري لإلغاء مواد تمييزية ضد المرأة.

  ويرى “الميمساني” أن القانون يساهم مع الموروث المجتمعي في أن للرجل أحقية الوصاية على النساء، “وكأنهن ملك خاص أو عورة لا محيص من عقابها ولو بالقتل لمجرد أنها باتت تشكل عاراً لهم أمام المجتمع ويجب التخلص منها.”

“دمك برقبتنا”

ودعا ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم “دمك برقبتنا” إلى وقفة احتجاجية صامتة اليوم على قتل تسع ضحايا من النساء، وذلك للمطالبة بأقصى العقوبات “لنحمي مجتمعنا من الغرق في الدم والهمجية”.

ويؤمن من دعوا للاحتجاج بأن “الشرف هو العلو والسمو، والجريمة وجه من وجوه الانحطاط، ولا يمكن أن يقترن الشرف بالجريمة.”

وقالت فضيلة الشامي، وهي ناشطة نسوية، إن الجريمة التي وقعت مؤخراً هي “قتل لإنسان، ويجب أن يقدم الخال والأم للمحكمة رغم أن القانون في سوريا يقدم أعذاراً مخففة.”

 وأضافت “الشامي” أن هذه الجريمة لم تُرتكب لأسباب جنسية كما في العديد من الجرائم السابقة، بل بسبب الزيارات التي كانت تقوم بها الضحية إلى جيران لهم يتحدرون من خارج المنطقة.

ولذلك ترى الناشطة أن هذه الجريمة تندرج تحت وصف “جريمة العنصرية والتمييز السكاني، فالأسباب هي مجرد حديث الضحية (من الطائفة الدرزية) مع الجيران من طائفة أخرى.

“مقصلة الجهّال”

وقالت رؤية سليمان (55 عاماً)، وهي ناشطة مدنية تقيم في السويداء وتعمل لدى منظمة “نور” للمرأة والمدعومة من منظمة الأمم المتحدة للسكان، إن غياب الوعي المجتمعي والجهل لدى بعض العائلات والتي تدفع الذكور الى القتل بدافع “غسل العار” لا يمثل حالة مجتمعية سائدة في السويداء.

وأضافت لنورث برس أن مطرقة القانون التي قد تجد للقاتل مخففات قانونية ، لا تردع الآخرين وتضع المرأة تحت مقصلة “الصقور الجهال والمتطرفين الرذل من بعض القلة من أبناء المجتمع الدرزي”، على حد تعبيرها.

ولا توجد إحصاءات عددية دقيقة توثق جميع حالات القتل بدافع “الشرف” في محافظة السويداء، رغم أن هناك حالات عديدة تم الإبلاغ عنها من قبل أهالي الضحايا على أنها “انتحار”، بحسب ناشطين مدنيين وأكاديميين.

بينما قالت مها نعيم، وهي محامية وناشطة في مجال حقوق المرأة، إن الجرائم التي تقترح تسميتها بجرائم “اللاشرف”، شكلت 60% من مجمل جرائم القتل في العام 2014.

كما تضيف المحامية أن سوريا هي الخامسة عالمياً والثانية عربياً في جرائم الشرف، وفق تصنيفات للأمم المتحدة”.

وبحسب المكتب السوري للإحصاء، تتراوح جرائم الشرف في سوريا بين 200 و300 جريمة في كل عام، وتزداد في الأرياف رغم أن الفحص الشرعي لجثث معظم الضحايا بين أنهن عذراوات.

وخلصت دراسة قانونية اجتماعية، أعدتها المحامية “نعيم”، إلى أن” أصل هذه الجريمة بدأ خلال العصر الروماني لتتطور في مراحل تاريخية متلاحقة إلى أن وصلت إلى هذا المستوى”.

إعداد: سامي العلي- إحسان الخالد – تحرير: حكيم أحمد