اسرائيل تذكر موسكو بوعودها بشأن إبعاد إيران وميليشياتها من سورية

دمشق – نورث برس

تصف الأوساط السياسية العلاقة الروسية – الإيرانية في سوريا، بأنها أسيرة “العقدة الإسرائيلية.” علاوة على اختلاف مقاربة البلدين بشأن مستقبل سوريا.

لكن باحثين سوريين يرون أن سوريا ليست الساحة الوحيدة التي تتشابك فيها مصالح البلدين، لذا لن يكون انحدار العلاقة بين الجانبين إلى الصراع المباشر بتلك السهولة.

ضمن هذا السياق أشارت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية مؤخراً، إلى وجود “إصرار إسرائيلي للتعاون مع روسيا على إخلاء جنوب سوريا من القوات الموالية لإيران.”

جاء ذلك في مقال كتبه إيغور سوبوتين حمل عنوان “إسرائيل تذكّر روسيا بالمسائل العالقة في سوريا.”

استحالة تلبية المطالب

 لكن الباحث السوري أحمد الدرزي يرى أن الطلب الإسرائيلي، يوحي بوجود مجموعة من التفاهمات بين موسكو وتل أبيب وواشنطن.

  وتوقع في تصريح لنورث برس: “أن تتعلق التفاهمات بوضع مستقبل سوريا الجيو سياسي كدولة حيادية، وانسحابها من محور المقاومة، وتبريد الجبهات المفتوحة على تل أبيب في جنوب لبنان وغزة والعراق واليمن.”

كما تقتضي التفاهمات المفترضة بحسب “الدرزي” “خروج إيران وحزب الله من سوريا، بالإضافة إلى إعادة صياغة العقيدة القتالية للجيش السوري، وإعادة هيكلته.”

وحسب “نيزافيسيمايا غازيتا”، فإن إسرائيل ترى أن موسكو لم تف بوعودها، فيما يتعلق بالوجود الإيراني في جنوبي سوريا، على الرغم من تعهدها قبل عامين بحل هذه القضية.

ويؤيد “الدرزي” هذا الرأي، لكنه يفسر عدم الوفاء الروسي للمطالب الإسرائيلية بـ”رفض دمشق، وتشابك المصالح الإيرانية – الروسية على مستوى آسيا الوسطى وغرب آسيا.”

ويضيف “الدرزي”: “ما كان الطلب الإسرائيلي ليظهر إلى العلن وبشكل رسمي لولا وصول تل أبيب لقناعة باستحالة تلبية طلباتها.”

ويشير الباحث السوري إلى أن “هذا ما أدى لتحريك جبهة ريف درعا الغربي بعناصر ما يسمى المصالحة التي تمت بتوافق روسي أميركي إسرائيلي.”

صيغة جديدة

و يرى خبير المجلس الروسي للشؤون الدولية، أنطون مارداسوف، لـ”نيزافيسيمايا غازيتا” أنه من غير المستبعد، أن تقوم روسيا وإسرائيل بالبحث عن صيغة جديدة لحل المسألة في جنوبي سوريا.”

وتصف موسكو، علاقتها بطهران بأنها “علاقةُ تنسيق وليس تحالفاً” كما قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف.

فإيران ليست حليفة لموسكو، “وروسيا لا تستخف بأي طريقة بأهمية التدابير التي من شأنها ضمان أمن قوي لإسرائيل وهي من أهم أولويات روسيا”، وفق ريابكوف.

وتعرف طهران أيضا أن خلافها مع موسكو يأتي من البوابة الإسرائيلية، وهذا ما أكده النائب السابق لوزير الخارجية الإيراني حسين جابري أنصاري في تصريحات سابقة.

 وقال أنصاري: “إسرائيل أدركت الآن تبعات الربط بين إيران وسوريا ولبنان، وتسعى إلى تحميل خططها للاعبين الآخرين في سوريا، ومن جملتهم روسيا.”

وأضاف: “الكيان الإسرائيلي يستغل العلاقات التاريخية بينه وبين روسيا لتحقيق أهدافه.”

وبدأ انخراط إسرائيل في الأزمة سوريا منذ عام 2013عبر التدخل “الجراحي ” أو ما وصف بـ ” الضربات الجوية “، عبر التفرغ لاستهداف الوجود الإيراني.

ولا تخفي إسرائيل أن غاراتها الجوية والصاروخية على الأراضي السورية، تحقق مصالح أمنية.

 كما لا يخفى وجود دعم أميركي وتفهم روسي للمصالح الإسرائيلية التي تعكسها التصريحات السياسية بضرورة إبعاد حزب الله عن الحدود ضمن مسافة 40 كيلومترًا.

وكانت  إسرائيل وروسيا اتفقتا في أيار/ مايو 2018، على السماح للجيش السوري بإعادة السيطرة على جنوب البلاد، حتى الحدود مع إسرائيل، وألا يُسمح لإيران وحزب الله بالمشاركة في هذه العملية.

وغداة الاتفاق شدد وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف على أن الحضور العسكري الوحيد المسموح به على الحدود الجنوبية لسوريا هو حضور القوات السورية الحكومية.

وقال لافروف: “يجب خروج أي قوات أجنبية أخرى”، وشدد على ضرورة التزام طهران بذلك الاتفاق.

الاختبار الحقيقي

التحالف المفرض على موسكو وطهران، نتيجة الظروف وتقاطع المصالح، لا يمكن حصر الصراع فيه، في الملف الإسرائيلي وحده، وفق مراقبين.

 لكن حالة التدافع بين العاصمتين من أجل تحقيق أكبر قدر من المصالح، لا يمكن وصفها في الوقت الراهن بـ “الصراع”  أو “الصدام المباشر” إلا أن المتابعين يرجحون أن يكون الاختبار الحقيقي للتعاون الروسي – الإيراني في سوريا، آت دون شك.

 وقد يكون هذا الاختبار مع البدء بإقرار ترتيبات الحل السياسي النهائي، والاشتراطات التي تضعها الجهات الدولية المؤثرة (أمريكا وإسرائيل وبعض دول الخليج)، والتي تتضمن إخراج إيران من سوريا مقابل رفع العقوبات ودعم إعادة الإعمار.

لكن مدى التجاوب الروسي مع هذه المطالب من عدمه ستكون له الكلمة الفصل في تحديد شكل العلاقة بين الطرفين.

 إعداد أوس حمزة – تحرير: جان علي