الاضطرابات النفسية .. وجه آخر لمعاناة ضحايا الحرب في إدلب

إدلب- نورث برس

تشتكي والدة الطفل رضوان العبيد (سبعة أعوام) في مخيم بمدينة أطمة شمال إدلب، من نوبات ذعر وبكاء تصيب ابنها.

تقول الأم إن ابنها لم يتخلص من قلقه وانطوائه رغم انتقالهم من مدينة سرمين التي فقد فيها يده إثر إصابته بشظايا قذيفة.

وتزداد في منطقة إدلب، شمال غربي سوريا، حالات الاضطرابات النفسية وسط نقص مراكز العلاج وقلة عدد الأطباء النفسيين، الأمر الذي دفع عائلات إلى اللجوء لشيوخ دين وأشخاص غير مؤهلين للتعامل مع حالة المصاب.

تضيف والدة رضوان أنه عايش القصف والبراميل المتفجرة في مدينته سرمين قبل النزوح، وأنها عرضته على رجال دين حاولوا معالجته بالرقى والآيات القرآنية.

ويعاني الطفل أيضاً بسبب التنمر من قبل أطفال آخرين، رغم مرور أشهر على فقدان يده، “وقد أصبح انطوائياً يرفض الخروج من الخيمة، كما يخاف من الأصوات العالية، وهو كثير البكاء .”

وكانت دار لاستشفاء الأمراض النفسية قد افتتحت قبل عامين بمدينة سرمدا بريف إدلب الشمالي بالتعاون بين منظمة الصحة العالمية ومنظمة “UOSSM”، بهدف تخفيف وطأة تكاليف العلاج الطبي النفسي عن المرضى، ومساعدتهم في تجاوز اضطراباتهم.

لكن القدرة الاستيعابية للمركز لا تتجاوز 20 سريراً، ويتألف الكادر الطبي من أربعة أطباء من اختصاصات مختلفة وممرضين اثنين، بإشراف طبيب نفسي مختص، بحسب أحد العاملين في الدار.

أما عائشة البديوي (35عاماً)، وهي نازحة من مدينة أريحا إلى مدينة إدلب، فتقول إن الكوابيس الليلية التي لا تفارقها.

 وتضيف لنورث برس: “طيف ولدي الذي قتلته طائرات النظام لا يزال يلاحقني في النوم واليقظة، ويحرمني من النوم أو عيش حياتي بشكل طبيعي.”

وتقول إحدى قريبات عائشة، إنها تعيش صامتة معظم الوقت وترفض الخروج من المنزل.

وكانت عائشة قد فقدت ابنها الوحيد والبالغ 15 عاماً، بعد إصابته بشظايا أمام باب منزلهم في أريحا بداية شهر آذار/مارس الماضي.

وترددت عائشة على مركز للدعم النفسي في مدينة إدلب، بالإضافة إلى طبيب قال إنها مصابة “باكتئاب يمنعها من ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺑﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﺣﻴﺎﺗﻬا ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻛﺎﻟﻤﻌﺘﺎﺩ.”


من جانبها، قالت باسمة العثمان (38عاماً)، وهي مختصة في الإرشاد النفسي في مدينة بنش، إن
العنف والتهجير القسري وافتقاد الأمان خلال سنوات الحرب شكلت بيئة حاضنة للاضطرابات النفسية.

 بالإضافة إلى الصعوبات المعيشية وتفكك الروابط الاجتماعية نتيجة التهجير والموت.

 وترى “العثمان” أن المشكلة في قلة عدد الأطباء النفسيين الذين غادر معظمهم البلاد بسبب الحرب، الأمر الذي دفع بعض الجهات إلى تدريب أشخاص غير مختصين لتقديم خدمات طبية نفسية.

إعداد: حلا الشيخ أحمد- تحرير: حكيم أحمد