مشروع للحفاظ على موقع أثري شمال حسكة عمره نحو خمسة آلاف عام
حسكة – نورث برس
يجهد ثامر المعيش (38 عاماً)، وهو من سكان قرية تل بيدر (35 كم شمال مدينة حسكة)، في تنعيم الجص الذي وضعه على القسم السفلي من جدار معبد تل بيدر الأثري الذي سكنه أسلافه، في محاولةٍ للحفاظ على ما تبقى من هذا الموقع الأثري.
وكانت مديرية الآثار في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا قد أطلقت، قبل نحو شهرين، مشروعاً تحت مسمّى “مشروع الجزيرة الموسّع” يهدف إلى ترميم شامل للموقع الأثري في تل بيدر.
وكان قسمٌ من الموقع قد انهار نتيجة الظروف الجوية وعدم الاعتناء به.
ويهدف المشروع أيضاً إلى تجهيز مستودعات بشروط مناسبة تساعد على حفظ اللقى الأثرية وتوفير شروط الحماية لها، بحسب القائمين عليه.
ويتوقع المشرفون على المشروع الانتهاء من الترميمات بحلول كانون الأول/ديسمبر القادم.
ويعتبر التل الأثري من المواقع الإكليلية القديمة في منطقة حوض الخابور، وكان يُعرَف قديماً باسم “نابادا”، وتعود فترة ازدهاره إلى ما بين 2900-2020 قبل الميلاد، لكن المكتَشَفات تشير إلى أنه بُني قبل ذلك، بحسب عاملين في آثار المنطقة.
ويُحكِم سورٌ يبلغ طوله نحو كيلومترين، الحصار على خمسة معابد وقصرين، أحدهما هلنستي والآخر أكادي ضمن الموقع.
ويحتوي السور على سبعة أبواب في القسم الأمامي منه، أما الخلفي فيحتوي على 14 باباً، وكلّ بابٍ كان يؤدي إلى مدينة، بحسب المعلومات المتوفرة لدى مديرية الآثار التابعة للإدارة الذاتية.
وقال “المعيش”، الذي يشرف على فريق من العمال يبلغ عددهم تسعة أشخاص يعملون على ترميم موقع تل بيدر الأثري، إنه اضطر إلى اختيار فريق ممن لا يملكون خبرة العمل في المواقع الأثرية، حيث “من المستحيل العثور عليهم في المنطقة.”
وكان “المعيش” قد كُلِّف من قِبل مديرية الآثار بتشكيل فريق عمل لترميم الموقع الأثري، حيث عمل لسنين مع البعثة الأوربية أيضاً.
ولا يخفي المشرف على العمال صعوبة العمل حيث أن “معالجة الكتل الأثرية لا بُدَّ أن تتم بتركيز وحذر فائقين.”
وكانت بعثة أوربية مشتركة قد عملت على ترميم الموقع منذ العام 1992 وحتى العام 2010، لكنها أوقفت عملها وانسحبت منذ بدء الحرب في سوريا.
وكانت البعثة الأوربية قد عثرت أثناء عملها على نحو /230/ لوحاً أثرياً تحتوي “رموزاً اقتصادية”، ما يبيّن الأهمية الاقتصادية للموقع في ذاك الوقت، بحسب مديرية الآثار في الإدارة الذاتية.
وقالت روشان حاج علي، وهي عضو في مديرية الآثار، إن المشروع يهدف للمحافظة على الموقع ومعابده الأربعة، بعد أن انهار الخامس الذي لم تستطع البعثة ترميمه، على حدِّ قولها.
وأشارت “حاج علي” إلى أن المشروع يستهدف ترميم 80 % حتى 90 % من الموقع، حيث تم تقسيم العمل إلى خمس مراحل تتضمن تأهيل الموقع للعمل وتقشير اللياسة وفكّ الجدران الآيلة للسقوط عن محيطها ومعالجة التكهّفات.
وكانت مديرية الآثار في الإدارة الذاتية قد قامت بترميم الموقع ثلاث مرات قبل إطلاقها المشروع الحالي، “لكن المحاولات السابقة كانت إسعافيه والمشروع الحالي هو الأشمل”، بحسب “حاج علي”.