تربية النحل في قرية بوبان بريف كوباني.. مهنة توارثها الأبناء عن الأجداد
كوباني – نورث برس
في قريته بوبان (15 كم غرب كوباني)، يعمل شعبان بكي (34 عاماً) منذ أكثر من عشر سنوات في مهنة تربية النحل التي ورثها عن أجداده.
وتشتهر القرية بإنتاج العسل الطبيعي، إذ لا يخلو منزل فيها من وجود مناحل تؤمِّن مؤونة العام أو كميات أكبر لبيعها في أسواق المدينة.
ويقول “بكي” لنورث برس، إن تربية النحل موجودة في قريته منذ نحو 100 عام حيث ورثها والده عن جده، وورثها هو وإخوته عن أبيهم.
ويضيف أن هناك قرى أخرى بريف كوباني تقوم بتربية النحل، لكن قريتهم هي الأشهر والأقدم في هذه المهنة.
ويملك “بكي” 50 خليّة فيما يملك أحد إخوته 170 خليّة، ويملك أخوه الثاني 100 خليّة، كما يصل عدد الخلايا في القرية إلى نحو /700/ خليّة.
ويقول الشاب إن إنتاج قريتهم من العسل كان قليلاً جداً هذا العام، بسبب قلّة الغطاء النباتي تبعاً لقلّة هطول الأمطار.
ويساهم هطول الأمطار خلال الشهرين الرابع والخامس من كل عام في نمو الغطاء النباتي وخاصةً نبات الخاشل الذي يساهم في زيادة إنتاج العسل، بحسب سكان في القرية.
ويصل إنتاج الخليّة الواحدة من النوع الكبير في كل عام عادةً إلى نحو عشرة كيلوغرامات، بينما تنتج خلايا أخرى ما بين أربعة إلى ثمانية كيلوغرامات، في قرية بوبان.
لكن معظم الخلايا لم تكن تنتج سوى نصف كيلو من العسل أو أقل، وهو ما لن يكون كافياً لمؤونة النحل خلال فصل الشتاء، ويهدد بموت الخلية.
ويقوم مربّو النحل بشراء المناحل الخشبية الفارغة بنحو عشرة دولارات خلال فصل الربيع مع تكاثر النحل من أجل زيادة عدد مناحلهم، وكثيراً ما تولد من كل خليّة نحل نحو أربع خلايا خلال الربيع.
ويقول “بكي” إن النحل يتغذى من نبتة الخاشل بشكل رئيسي في ريف كوباني، بينما يتغذى النحل في المناطق النهرية كبلدات شيوخ والقنايا على السمسم والذرة والخيار والقطن والخضار.
لكنه يشير إلى أن الحشرات تنتشر داخل الخلايا في المناطق النهرية بسبب الرطوبة.
وقام المربّي الشاب هذا العام بنقل مناحله بين قرية قبه جق وقرية سربحور بحثاً عن نبات الخاشل.
وتهاوت أسعار العسل خلال سنوات الحرب السورية، حيث كان سعر الكيلو عام 2010 نحو 500 ليرة سورية، وهو ما كان يعادل ثمنَ غرام الذهب حينها، بحسب “بكي”.
ويتراوح سعر كيلو العسل حالياً بين 25 و30 ألف ليرة سورية، بينما يصل سعر غرام الذهب إلى نحو /130/ ألف ليرة.
ويتذكر الشاب كيف قضى عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على أغلب مناحل القرية في عام 2014 بعد نزوحهم إلى تركيا.
ويقول: “كان لدى عائلتنا /200/ خليّة نحل تقريباً، لكن أغلب الخلايا أُتلفت ومات النحل فيها جراء البرد وبقائها معرّضة للأمطار بعدما قام عناصر التنظيم بإخراج العسل وتركها مفتوحة.”
ويضيف”بكي” أن ست خلايا من أصل 200 نجت من التخريب وهو ما كان كافياً للبدء من جديد في تربيتها.
ويشير المربّي الشاب إلى أنهم يحتاجون إلى شيء وحيد من مديرية الزراعة التابعة للإدارة الذاتية، ألا وهو تأمين مبيد للقمل.
اقرأ ايضا: تربية النحل في الرقة تواجه مصاعب مع تدهور الأوضاع الاقتصادية وفقدان مستلزماتها
فالمبيدات المتوفرة في السوق “رديئة”، حيث يحتاج مربّو النحل إلى رشِّ مبيدات القمل ثلاث مرات في العام.
وكان إنتاج سوريا من العسل يبلغ قبل الحرب حوالي /3,000/ طن سنوياً، إلا أنه تعرّض لأضرار كبيرة لينخفض الإنتاج لـ/600/ طن فقط.
وتشير الإحصائيات خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى زيادة بنسبة 25 %، بحسب اتحاد النحّالين العرب في سوريا.
وكحال “بكي”، فإن جاره مسلم ممو (28 عاماً)، ورث مهنة تربية النحل عن أجداده.
ويقول “ممو” إن أعمامه تبرّعوا له بمناحل في بداية الأمر، لكن اهتمامه بها ساهم في زيادة عددها إلى 25 خليّة.
ويعتبر” ممو”، كباقي سكان القرية، أن العام الحالي كان سيئاً، رغم أنهم قاموا بنقل مناحلهم بين أكثر من منطقة بحثاً عن النباتات لكن الإنتاج كان قليلاً جداً.
وهناك نوعان من النحل في المنطقة، النحل الزراعي والنحل البلدي، لكن غالبية سكان قرية بوبان يفضّلون النحل البلدي.
وفي حين يتم وضع الشمع الصناعي في المناحل الزراعية، يتم صنع الشمع من النباتات من قبل النحل البلدي.
ويقول “ممو” إن الاعتماد على تغذية النحل بالسكر يساهم في زيادة الإنتاج إلا أن ذلك يعتبر غشّاً يذهب بالسمعة وينفر الزبائن.
ويضيف المربّي أن قريتهم كانت وما زالت تُعرَفُ بنوعيّة عسلها، لذا لا يمكنهم التنازل عن هذه السمعة التي ورثوها عن أجدادهم، بحسب قوله.
وللعسل الأصلي علامة مميزة إذ إنه يشبه إلى حدٍّ بعيد السمن المنزلي (السمن البلدي) ذلك أنه متماسك.
ويرى “ممو” أن تربية مجموعة متوسطة من خلايا النحل يمكنها تأمين معيشة عائلة كاملة في حال كان الموسم الزراعي جيداً ومترافقاً بهطول أمطار ربيعية.