السويداء: سياسيون وقادة عسكريون يتهمون روسيا وإيران بخلق نزاع مسلّح في الجنوب السوري
السويداء – نورث برس
شهدت بلدة القريّا بريف السويداء الجنوبي، الأسبوع الماضي، هجوماً من قبل مسلّحين تابعين للفيلق الخامس التابع للحكومة السورية والذي تديره روسيا.
وتطور الهجوم لاشتباكات بين الفصائل المحلية بالسويداء والفيلق الخامس، سقط خلالها قتلى وجرحى من الطرفين.
ولم يقدّم الروس موقفاً أو يدلوا بأي تصريح، حيث اكتفوا بمراقبة المشهد عن كثب وسماع آراء وردود أفعال مشايخ عقل طائفة المسلمين الدروز، بحسب مصدر من مكتب التنسيق الإعلامي بين الروس والحكومة السورية.
وقال المصدر إن ضباطاً روس من داخل غرفة عمليات حميميم أجروا، الثلاثاء الفائت، اتصالات مع مشايخ عقل الطائفة وقادة رجال الكرامة من جهة وقادة اللواء الثامن في الفيلق الخامس من جهة أخرى.
وأضاف أنهم طلبوا من الجميع ضبط النفس وتهدئة الأوضاع.
“شدد الضباط الروس على عدم تصعيد العمل العسكري بين درعا والسويداء، وقالوا إنهم سيعملون على اتخاذ إجراءات لوقف القتال وإيجاد حلول ترضي المتناحرين كافةً في منطقة القريّا وبصرى الشام.”
وأشار المصدر إلى أنه لم يحدث شيء على الأرض من تلك الوعود المقدّمة من قبل الروس حتى الآن.
وينتظر مشايخ العقل وقادة الفصائل المحلية في السويداء تطبيق الوعود المقدمة من قِبل الجانب الروسي بأن اللواء الثامن وخلال الأيام المقبلة سينسحب إلى داخل مقراته في بصرى الشام والمناطق الإدارية التابعة لمحافظة درعا.
بينما قال مصدر عسكري من الحكومة السورية إنه “طُلِب من النقاط العسكرية التابعة لها والقريبة من مواقع الاشتباك بعدم التدخل بين طرفي النزاع أو مساندة أي طرف على حساب الآخر حتى لو تعرضت تلك المواقع لاعتداء.”
واستغرب المصدر العسكري الصمتَ الذي أبدته الحكومة السورية، واعتبر أنه “كان لا بُدَّ أن يكون للقوات الحكومية الكلمة العليا في أي حدث عسكري داخل المنطقة الجنوبية بسوريا.”
ومن جهته، شدد سلمان رشيد، أحد قادة فصيل رجال الكرامة، على ضرورة مؤازرة بلدة القريّا “واسترجاع أراضيهم ومزارعهم التي استولى عليها اللواء الثامن.”
ونوّه إلى أن “قوات رجال الكرامة وباقي الفصائل المحلية والمتحالفة معها لن تقف مكتوفة الأيدي أو متفرجة على أي اعتداء على أهالي السويداء في أي منطقة من مناطقهم وليس فقط في بلدة القريّا.”
وانتقد الصمت الحكومي والروسي المريبين على حدِّ قوله.
هذا وتشهد الخطوط القتالية غرب بلدة القريّا حالةً من الهدوء النسبي مع توقف العمليات القتالية بعد أن خلّفت ورائها في اليومين الماضيين /15/ قتيلاً و/62/ جريحاً من قوات الفصائل المحلية داخل محافظة السويداء.
فيما لم تّرد معلومات دقيقة عن عدد القتلى والجرحى في صفوف عناصر اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس.
ورأى مهيب صالحة، وهو سياسي مقيم في السويداء، أن الصراع الحاصل في السويداء بالجنوب السوري قابل للتصعيد، و”يندرج تحت أجندة إقليمية وليس بحادثة عابرة على الأرض.”
وأضاف “صالحة” أن هذا الصراع القائم بين الفيلق الخامس ومن خلفه الروسي وبين فصيل الدفاع الوطني وبعض الفصائل التابعة للحكومة السورية، هو صراع روسي-إيراني للسيطرة على المنطقة الجنوبية، “أدواتها ووقودها شباب السويداء ودرعا معاً.”
وأشار إلى ضرورة حوار السوريين فيما بينهم وعلى طاولة تجمع كل المكونات السورية لإيجاد حل للأزمة السورية.
وقال إن الإدارة اللامركزية الموسّعة وبمختلف مستوياتها هي طوق نجاة للأزمة.
“تمنح أصحاب الأقاليم في سوريا أحقيّة إدارة مناطقهم واستثمار مواردهم بالشكل الصحيح دون الخروج من إطار سوريا الواحدة، وتمنح الحكومة المركزية للبلاد ضمن لامركزية الإدارة حق الاحتفاظ بالحقائب السيادية كالدفاع والخارجية.”
واعتبر “صالحة” كل السيناريوهات في إدارة الداخل قابلةً للنقاش حتى يتم إيجاد عقد اجتماعي جديد يتبنّاه دستور فتي للبلاد، “ولكن مع استثناء ورفض العودة إلى المركزية المتهالكة في طريقة حكم البلاد.”
من جهته، دعا قائد رجال الكرامة، يحيى الحجار، الروس، الخميس الفائت، إلى سحب الفيلق الخامس والمتمثّل باللواء الثامن من الأراضي الإدارية في محافظة السويداء وإزالة السواتر الترابية التي أنشأها الفيلق غرب بلدة القريّا “درءاً لمواجهات قادمة قد تكون أكثر دموية.”
من جهته، قال أحمد العودة، قائد اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس، أمس الجمعة، إن “هناك جهات إقليمية مغرضة وخبيثة تريد خلق نزاع مسلّح بين السهل والجبل (درعا والسويداء).”
ووجّه “العودة” الاتهام إلى حزب الله ومن خلفه إيران التي قال إنها تدعم وتسلّح بعض الفصائل الموالية لها كفصيل الدفاع الوطني “لتوريط بعض الفصائل المحلية بالسويداء باقتتال بين الجارتين درعا والسويداء.”
وأضاف أن ذلك يتم بالتنسيق مع الحكومة السورية.