اتهامات لأطباء في حلب بارتكاب أخطاء طبية قاتلة وسط تواطؤ لجان قضائية

حلب – نورث برس

تستذكر مروى أسود شقيقتها راما (23 عاماً) بقولها: ” استمر الطبيب في القول إن الأمر طبيعي إلى أن فارقت الحياة.”

وفقدت راما أسود حياتها الأسبوع الفائت بعد خضوعها لعملية جيوب أنفية “بسيطة” وذلك نتيجة خطأ طبي جسيم خلال إجراء العملية، بحسب ذويها.

وكثر في الآونة الأخيرة الحديث عن وجود أخطاء طبية في مشافي مناطق سيطرة الحكومة السورية في كل من دمشق وحلب.

وسجلت وزارة العدل التابعة للحكومة السورية أكثر من ألف دعوة طبية في الفترة الممتدة ما بين عامي 2014 و2019.

“أدوية متعددة”

وأكدت “أسود” لـ “نورث برس” أن شقيقتها خرجت من المشفى في يوم إجراء العملية نفسه، لكن بعد وصولها المنزل حل بها وجع شديد، وبعد تواصلهم مع طبيبها وصف لهم “إبرة ديكلون” واعتبر الوجع طبيعياً.

إلا أن الوجع ازداد تدريجياً، “ازداد الألم في قدميها بصورة غريبة، وترافق مع إسهال وإقياء شديدين، ورغم الاتصالات الكثيرة مع الطبيب، بقي الجواب نفسه وهو أن الأمر طبيعي جداً.”

وقال أنطون جبور، وهو الطبيب الذي أجرى العملية لراما، في حديث لنورث برس، إن العملية كانت “ناجحة” وذكر أن النجاح “واضح جداً والخبرة الطبية يمكن أن تثبت الأمر.”

وأضاف: “تعرضت راما لنزيف نتيجة تناولها لأدوية متعددة وليس بسبب العملية.”

لكن مصدراً طبياً من المشفى، طلب عدم الكشف عن اسمه، ذكر أن “الوضع الصحي لراما لم يكن مستقراً حين دخولها المشفى للمرة الثانية، “لقد كانت تعاني من نزف معدي شديد وانهيار في ضغط الدم.”

ورفض المصدر تحميل الطبي مسؤولية الوفاة، “ما حدث خارج عن الإرادة الطبية، ولا يتحمل الطبيب مسؤوليته إطلاقاً، إنه قضاء وقدر.”

إلا أن مروى تصر على أن “إهمال” الطبيب هو سبب وفاة شقيقتها.

“قانون فضفاض”

وانتقد صالح عباس، وهو محام، في حديث لنورث برس “عدم وجود قانون ناظم وفعلي” ينصف ذوي الضحايا “تقع الدعاوى المنظورة في محورين، الأول خطأ طبي أدى للموت، والثاني إهمال طبي أفضى للموت، وفي الحالتين فإن سلم العقوبات فضفاض وغالباً لا يسمح بإدانة الطبيب.”

وطبقاً لإحصاءات حصلت عليها نورث برس فإن أكثر من /700/ دعوة من أصل 1000 دعوة تم تبرئة الأطباء فيها.

وتتمحور هذه الدعاوى حول اتهامات من ذوي مرضى فقدوا حياتهم بارتكاب الأطباء لأخطاء قاتلة تؤدي إلى الوفاة بصورة مباشرة، بحسب مصدر في وزارة العدل.

وسجلت الوزارة في العام 2019 وحده /11/ حالة وفاة طبية، وحالتي غيبوبة استمرتا لأكثر من أربعة أشهر، بالإضافة إلى حالة بتر قدم نتيجة خطأ طبي.

وقال المحامي “عباس” أن أساس القضية في القانون، وفي تدخل الجهات الحكومية القضائية والنقابية، لصالح الطبيب والمشفى الذي وقعت فيه الحادثة.

لكن القانون عينه يخضع لمنطق العقوبات والقانون المدني، وفقاً للمحامي الذي أضاف: “تبرز هنا قوانين نقابة الأطباء كمدافع عن الطبيب، وإلى جانبها قانون مهنة مزاولة العمل الطبي، وكلاهما لا يقدمان توضيحاً لكيفية التعامل مع الخطأ الطبي، ولا حتى تعريفه وعقوباته.”

وكان فؤاد درويش، مستشار وزير العدل الأسبق، قد قال خلال تصريحات صحفية في العام 2018 إنه “ليس من الضروري وجود قانون مساءلة طبي، لأن قانون العقوبات السوري واضح، ويشمل كل الحالات المنصوص عليها.”

بينما قال أيهم عودة، وهو طبيب شرعي، إنه يتم تشكيل لجنة كشف طبية من داخل المحافظة، وإذا اعترض الأهل على النتيجة، يتم تشكيل لجنة من خارجها للبت بالأمر.

ويتعامل المحامي نور سليمان حالياً مع ادعاءين مسجلين لديه في مواجهة أطباء متهمين بوفاة مريضين نتيجة إهمالهم الطبي.

وقال “سليمان”: “لا شك لديّ أن هناك تآمراً وتواطئاً كبيرين وواضحين من قبل اللجان الطبية القضائية لصالح المدعى عليهم أطباء وممرضين ومستشفيات”.

ويتماشى رأي “سليمان” مع تصريح القاضي فؤاد درويش حول عدم إنكار وجود نوع من التعاطف بين الأطباء المحققين والمتهمين، وبأن ذلك يمنع المتضرر من استعادة  أي جزء من حقوقه.

“ابتزاز الأطباء”

لكن عبد المعين علي، وهو طبيب مقيم في حلب، قال  إنه يجب ألا يكثر هذا النوع من الدعاوى، “علينا ألا نغفل أن المئات قد يلجؤون إلى هذا النوع من الدعاوى بهدف الابتزاز المعنوي والمادي لأطباء معروفين”.

وأضاف: “بالتالي قد يجعل هذا الأمر حتى أمهر الجراحين يعتذرون عن إجراء أي عملية مهما كانت بسيطة، خشية من العواقب المفترضة والتي قد تهدد عملهم”.

إعداد آدم أفرام  – تحرير: حكيم أحمد