المدرّسون السوريون في تركيا.. معاناة بعد انتقال ملفّهم من اليونيسيف إلى الحكومة التركية
إسطنبول – نورث برس
تزداد معاناة المدرّسين السوريين، خاصةً بعد أن انتقل ملفهم من منظمة اليونيسيف الأممية والتي كانت تدعمهم بالرواتب والأجور، إلى الحكومة التركية.
وأصدرت الحكومة التركية مؤخراً بحق المدرسين السوريين عدة إجراءات رأى فيها المدرّسون أنها غير منصفة بحقهم.
ويبلغ عدد المدرّسين السوريين في عموم تركيا نحو /15/ ألف مدرّس من بينهم ألفي مدرّس في ولاية إسطنبول لوحدها، وذلك بحسب إحصاءاتٍ غير رسمية.
وألحق المدرّس السوري اليوم بشكل مباشر بتركيا، ومنح هذا الإلحاق بدايةً نوعاً من التفاؤل بتحسين أوضاعهم المعيشية والمادية والاقتصادية.
ولكن الصدمة كانت في الرواتب التي يحصلون عليها نهاية كل شهر عن طريق الجهات التركية.
ولا تتناسب هذه الرواتب مع سعر الصرف الحالي لليرة التركية مقابل الدولار الأميركي (كل 7,5 ليرة تركية تساودي دولاراً واحداً)، ولا مع الرواتب التي يحصل عليها المدرّسون الأتراك.
إلحاق بتركيا
وقال أحمد الحموي، وهو مدرّس سوري، يقيم في غازي عنتاب، لنورث برس، إنه بإلحاق المدرّس السوري أصبحت لتركيا بشكل مباشر، “ومن يشرف على المدرسين السوريين وزارة التربية التركية.”
وأضاف أن من يدفع الرواتب هو “مكتب BIKTS التركي المسؤول عن المدرّسين السوريين.”
أما سابقاً، حين كان المدرّس السوري يتبع لليونيسيف، “كنا نستلم في كل عام رسائل من اليونيسيف بشكل مباشر على هواتفنا لتفقد أوضاعنا و إخبارنا بزيادة الرواتب”، بحسب “الحموي”.
وأضاف: “انقطعت تلك الأمور والرسائل من اليونيسيف، وهذا أكبر دليل على أن التبعية أصبحت بشكل مباشر لتركيا.”
وأشار إلى أنه لم يعد هناك اليوم شيءٌ اسمه مدارس سورية مؤقتة أو مراكز مؤقتة، “وأصبحت كلّها مدارس تركية.”
وأصبح المدرّسون السوريون موزعين على المدارس التركية إلى جانب المدرّسين الأتراك، بحسب “الحموي”.
ويقتصر عمل المدرّس السوري على “الإشراف والترجمة والتنسيق بين أولياء الطلاب والطلاب من جهة والمدرّسين الأتراك من جهة أخرى.”
وحول مناشدتهم اليونيسيف بعد إلحاقهم بتركيا، قال إنه “في الأصل التعاقد كان مع اليونيسيف، وأن الجهات التركية لا تُبدي أي تجاوب تجاه مشاكلنا التي نمرّ بها دون معرفة الأسباب.”
ورجَّح أن عدم الاهتمام بهم من قِبل الأتراك “مقدمات لتخفيف عدد المعلّمين السوريين والفصل بالتدريج.”
وأضاف أن “ما يقارب /12900/ مدرّس سيتم تخفيض عددهم في المدارس التركية إلى لنصف تقريباً.”
وأشار إلى أن عقود المدرّسين السوريين تنتهي في الـ/31/ من حزيران/يونيو 2021، “وسط توقعات ضئيلة بأن يتم التجديد لهم عاماً آخر.”
حملة للفت الانتباه
ودفعت تلك الظروف التي يمرُّ بها المدرّس السوري في تركيا، لإطلاق مدرّسين سوريين في تركيا، مؤخراً حملة عبر الإنترنت، بهدف لفت الانتباه إلى ما وصفوه بـ”الأوضاع المتردية” داخل تركيا.

وتمت الحملة عبر منظمة “آفاز AVAAZ” العالمية، والتي تُعتَبر أكبر تجمّع للحملات عبر الإنترنت.
وجاءت الحملة تحت عنوان “أنصفوا المعلّم المتطوّع السوري في تركيا، فهو بين مطرقة الفقر وسندان التهميش.”
ودعا القائمون على الحملة، كلّ المدرسين على الأراضي التركية للتوقيع عليها من أجل إيصالها إلى منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة.
ولفتَ القائمون على الحملة إلى أن “المعلّم السوري في تركيا يتقاضى من الحكومة التركية /2020/ ليرة تركية فقط لا غير.”
وذلك المبلغ لا يكفيه أجور السكن والفواتير الشهرية، بحسب القائمين على الحملة.
فيما كان الراتب الذي تقدّمه اليونيسيف للمدرّس السوري في تركيا يبلغ /435/ دولاراً (ما يعادل /3262/ ليرة تركية).
وحول تلك الحملة، قال المدرّس أحمد الحموي أيضاً، إنه “ليس هناك أي جهة تهتم بأمور المدرّس السوري في تركيا، ]…[ هم جهات السرقة والنصب.”
وقال عبد الكريم عليّان، وهو مدرّس سوري، يقيم في مدينة غازي عنتاب، إن “التبعيّة الإدارية والتنظيمية كمهنة ليس لها أي صلة بالتربية التركية.”
وأرجع “عليّان” السبب إلى أن المدرّس السوري “مجرّد متطوع ضمن عقد بينه وبين اليونيسيف.”
وأضاف أنه في حال توقف دعم اليونيسيف للمدرّسين السوريين، سيخرج المدرّس إلى بيته دون “أي أتعاب أو مكافأة على ما بذله طيلة عمل سبع سنوات.”
دمج الطلاب
وقامت الحكومة التركية بدمج الطلاب السوريين بالمدارس التركية، ويأتي ذلك بحسب “العليّان”، “بغية تمكينهم من إتقان اللغة التركية بوقت أسرع”، نقلاً عن معلمين أتراك.
وأضاف أن عملية دمج الطلاب السوريين بالمدارس التركية أجبرت المدرّسين السوريين على ترك المدارس السورية رغماً عنهم، “وهنا تكمن المعضلة التي لم يكن يأملها الطالب والمدرّس السوري.”
وكان هدف المعلّمين السوريين في تركيا دعم العملية التعليمية ونجاحها في تركيا للطلاب السوريين، بحسب “العليّان”.
ولكن تركيا أشرفت على التعليم، وبالتالي “أخذت حق المدرّسين السوريين في التوظيف وأعطت الحصة الأكبر لتوظيف المعلّمين الأتراك بحجة تعليم اللغة التركية.”
وقال “العليّان” إن هدف تركيا من تلك المعاملة، هو “تهميش المدرّسين السوريين وإقصائهم، وفصل الطلاب السوريين عن مدرّسيهم.”
وكان لإشراف تركيا على التعليم آثار كارثية على الطلاب والمعلّمين السوريين، “خاصةً وأن تركيا بنت مدارس وجددت أثاث مدارسها القديمة على حساب التمويل الذي تقدّمه اليونيسيف للعملية التعليمية للسوريين” بحسب “العليّان”.
وكان المدرّسون، من أوائل الحاصلين على الجنسية الاستثنائية في تركيا من بين اللاجئين السوريين في بداية موجات اللجوء.
وحول ذلك، قال “العليّان” إن منح الجنسية الاستثنائية للمعلمين السوريين في تركيا، “كانت لمدرّس واحد من أصل /15/ مدرساً.”