المدرس السوري في تركيا.. واقع مؤلم زاد من حدته أزمة "كورونا"
اسطنبول ـ نورث برس
يعاني المدرس السوري في تركيا واقعاً متردياً في ظل تفاقم أزمة "كورونا" التي بدأت تعصف بالبلاد.
فيما كانت فئة المدرسين، خلال بدايات اللجوء السوري إلى تركيا، من أوائل الحاصلين على الجنسية الاستثنائية، وذلك ضمن سياسة اتبعتها الحكومة التركية؛ أولت بموجبها المدرسين اهتماماً أكثر بالمقارنة مع غيرها من الفئات.
صعوبات جمة
المدرس السوري "علاء أبو رجب"، الذي ينحدر من مدينة حمص، أشار في حديثه لـ "نورث برس"، إلى أن المدرسين السوريين، لا يعاملون معاملة المدرس التركي، ذلك أنه يخضع إلى التعامل وفق نظام العقود، لا نظام التوظيف الرسمي، وبالتالي لا يوجد لهم أية حقوق سواء على صعيد التأمينات أو التعويضات السنوية، وبمجرد انتهاء العقد ينتهي عمل المدرس.
ويرى "أبو رجب"، أن هناك صعوبات أخرى تواجه المدرسين السوريين من حيث "عدم إمكانية الانتقال من ولاية إلى أخرى للعمل في مدارسها، حيث يجب على المدرس الحصول على موافقة من المدرسة التي سينتقل إليها، كما أنه يتوجب عليه الحصول على براءة ذمة من المدرسة التي كان يعمل فيها سابقاً، "لكن في العموم هذا أمر مستحيل"، وفق تعبيره.
ويلفت "أبو رجب" إلى أن حصر السلطات التركية تعاملها مع المدرس السوري بنظام العقود المؤقتة، يترك تأثيره السلبي عليهم، ذلك أن "دور المدرس السوري يصبح مقتصراً على أخذ دور المرافق للمدرس التركي من أجل توضيح اللفظ للطلاب السوريين، أو دور الشخص الذي يتواصل مع الأهالي من أجل أبنائهم في المدارس التركية".
"رواتب قليلة"
ويشتكي المدرسون السوريون من ضعف الرواتب الشهرية مقارنة بالرواتب التي يحصل عليها المدرسون الاتراك، إذا يصل راتب "السوري" إلى نحو /2000/ ليرة تركية فقط (ما يعادل نحو 300 دولار أمريكي)، رغم أن الجهة المسؤولة عن دعم المدرسين السوريين بالرواتب هي منظمة "اليونيسيف" وليس الحكومة التركية، وفق ما يؤكد "أبو رجب".
ولا يكفي هذا الراتب الشهري بحسب "أبو رجب": "سوى لدفع إيجار المنزل ودفع فواتير الماء والغاز والكهرباء والإنترنت".
في ظل "كورونا"
لكن ما تم ذكره ليس سوى جزء من المصاعب التي كان يواجهها المدرس السوري في تركيا قبل أزمة "كورونا"، أما ما بعدها، فقد بات يجد نفسه أمام موقف لا يحسد عليه في ظل غياب أية جهات داعمة له، سواء من مؤسسات المعارضة السورية أو من قبل الحكومة التركية.
عمل إضافي
وكانت الغالبية من المدرسين السوريين مضطرين إلى العمل في مهن أخرى بعد فترة دوامهم الصباحي، لكن مع الظروف الراهنة بات كل شيء متوقفاً.
ويرى المدرس "عثمان الشامي" أن أوضاعهم سابقاً كانت سيئة للغاية، لكون المدرسين كانوا يتقاضون الحد الأدنى من الأجور في تركيا، والذي ما كان يكفي لدفع إيجار البيت والفواتير، "لذا كان عليه أن يعمل عملاً إضافياً لكي يستطيع أن يطعم عائلته".
ويشير "الشامي إلى أن بعض المدرسيين السوريين كانوا يضطرون سابقاً إلى العمل إضافياً في ورشات للخياطة،" لكن كل شيء توقف مع دخولنا أزمة كورونا الآن، وبقي الراتب القليل جداً، ليزداد الوضع سوءا".
أما بالنسبة للمدرسة "أسماء العامر"، فقد كانت الدروس الخصوصية مصدر آخر للرزق تغطي به مصاريفها بقية الشهر من دون أن تضطر للاستدانة، "لكن وفي ظل أزمة كورونا انقطع هذا العمل أيضا والحمد لله".
ويلفت المدرس "خالد السعيد" إلى أن لا خيار أمام السوري سوى هذه الفرصة التي يوقعها رغماً عنه، مؤكداً أن "راتب المدرس التركي يصل إلى ثلاثة أضعاف نظيره السوري".
غياب الإنصاف
ويرى "السعيد" أن "مصيراً مجهولاً ينتظر المدرسين السوريين، إذ لا مرجعية تنصفهم، أمام الإجحاف الذي يتعرضون له مقابل نظرائهم الأتراك، رغم أن مشروع التدريس يستهدف الأطفال السوريين".
في حين يرى المدرس "حسين الزعبي"، أن "هناك معاناة مادية ونفسية وعلمية، بسبب عدم الاستقرار وعدم وضوح المستقبل".
من حدد الرواتب؟
ويذهب "الزعبي" إلى أن الآلية التي تم فيها تحديد هذه الرواتب القليلة للمدرسين السوريين، هي أن "الحكومة التركية تقوم عبر الموظفين الأتراك في اليونيسف بتحديد الأجور وتوزيعها على المدرسين السوريين، لكون الاتحاد الأوروبي يقدم لها الأموال على شكل مبالغ وليس على شكل رواتب".
ويشدد الزعبي على ضرورة "أن يتم النظر إلى المدرسين السوريين من الناحية المادية والعلمية، وأن يكون هناك مشروع واضح للتدريس، يضمن لهم العيش بكرامة والاستفادة من خبراتهم ومؤهلاتهم".
غياب المؤسسات المعارضة
وأما وزير التعليم في الحكومة السورية المؤقتة "هدى العبسي" فترجع السبب في غياب مؤسسات المعارضة عن تقديم الدعم للمدرسين السوريين والوقوف على احتياجاتهم، إلى "عدم وجود تمويل أو دعم من المنظمات الدولية، بعد أن أصبح الاهتمام منصباً على حفظ حياة الإنسان، ولم تعد العملية التعليمية ذات أولوية".
وتلفت "العبسي"، إلى أن "مدرسي الداخل وضعهم أسوأ"، لكنها تستدرك قائلة: "سوف نرفع الأمر لبعض المنظمات، علّها تساعد".
ويبلغ عدد المدرسين السوريين في عموم تركيا نحو/ 15000 / مدرس سوري من بينهم /2000/ مدرس في ولاية إسطنبول لوحدها، وذلك بحسب احصاءاتٍ غير رسمية.
وسبق أن أطلق معلمون سوريون في تركيا، في شباط/فبراير من العام الفائت، نداء استغاثة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لزيادة رواتبهم، بعد تردي الوضع المعيشي في تركيا وارتفاع الدولار وانخفاض قيمة الليرة التركية.