“حتى الإبرة والخيط استعرتهما من جارتي”.. سكان مخيمات بمنبج يعانون صعوبات معيشية

منبج – نورث برس

في مخيم عشوائي شرق مدينة منبج، شمالي سوريا، تحاول منى السمعو (32 عاماً)، إعادة ترقيع خيمتها المصنوعة من أكياس “الخيش” بقطع من القماش التي جمعتها من ملابسها القديمة.

ومثلها مثل أكثر من عشرين عائلة، تعيش “السمعو” في مخيم العمرية العشوائي في ظروف قاسية للغاية، وسط غياب أدنى متطلبات الحياة والمساعدات الإنسانية.

ويضمُّ هذا المخيم نازحين من مدينة مسكنة وريفها بريف حلب، وعائلة واحدة من ريف مدينة حماة، دفعتهم ظروف الحرب إلى الفرار بأرواحهم نحو مصير أشد وطأة من الحرب نفسها.

ويقول سكان في المخيم “لا أحد ينظر إلى أحوالنا.”

وقالت “السمعو”، إنها لا تملك سوى بضعة صحون وإبريق شاي “وموقداً للطبخ يعمل على الكاز.”

وأضافت والحزن يعتصر قلبها: “حتى الإبرة والخيط استعرتهما من جارتي.”

ومع غياب أي دعم إنساني، تلجأ “السمعو” وآخرون في المخيم لشراء أكياس الخيش لخياطتها بهدف صناعة خيمة تقيهم العراء.

وتقول: “نشتري أكياس الخيش بـ\700\ ليرة للكيس الواحد من أجل خياطتها وصناعة خيمة”.

وتتحوّل هذه الخيم مع وصول درجات الحرارة في ساعات الظهيرة إلى أوجها حيث تصل إلى أكثر من /40/ درجة لـ”كتلة من النار الملتهبة.”

وتطالب “السمعو” المنظمات الإنسانية بتأمين “شوادر” للنازحين، بالرغم من أنها “لا تقي من الحرِّ ولكنها تبقى أفضل من أكياس الخيش.”

ودفعت حالة الاستقرار الأمني النسبية في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا مقارنةً بالمناطق السورية الأخرى، مئات الآلاف من النازحين من مختلف المناطق السورية للتوافد إليها خلال سنوات الحرب.

لكن استخدام روسيا والصين للفيتو في مجلس الأمن الدولي منذ كانون الأول/ديسمبر من العام 2019 أدى إلى إيقاف وصول المساعدات عبر معبر تل كوجر (اليعربية) إلى مناطق شمال شرقي سوريا.

وفي المخيم العشوائي الواقع بقرية الخطاف، شرق منبج، يجلس فادي المحمد (35 عاماً)، تحت ظل الأشجار هارباً من الحرارة المرتفعة داخل خيمته.

ويعيل “المحمد”، النازح من ريف الخفسة شرق حلب، عشرة أطفال، لكنه لا يستطيع تأمين أبسط متطلباتهم، على حدِّ قوله.

“لا أستطيع تأمين الحليب لهم ولم تقدّم لنا أي منظمة مساعدة حتى الآن.”

ورغم أنه يعمل “عتالاً” في ساحات منبج، إلا إنه يعود في أغلب الأحيان صِفر اليدين.

وقال “المحمد”، مع قدوم فصل الشتاء، سيكون وضعنا أسوأ من الآن.

وكان تقرير للأمم المتحدة قد ذكر أن /33/ % من السكان في سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وقدَّر أن /11.7/ مليون سوري بحاجة إلى شكلٍ من أشكال المساعدات الإنسانية المختلفة، كالغذاء والمياه والمأوى والصحة والتعليم.

وقالت نورة عزيز (38 عاماً)، وهي نازحة من ريف حماة وتقيم في مخيم عشوائي شمال قرية العمرية، إن المساعدات الغذائية والخدمات الصحية غائبة عن المخيم “منذ أن سكنته قبل ثلاثة أعوام.”

وأضافت النازحة التي أصبحت المعيلة الوحيدة لعائلتها بعد فقدان زوجها لحياته، أن المنظمات الإنسانية لم تقدِّم لها “سوى سلتين غذائيتين وحصتين من المنظفات خلال الأعوام الثلاثة الماضية.”

“نحن بحاجة لمواد غذائية ومنظفات ومستلزمات من أجل إعادة ترميم خيامنا المهترئة.”

ولفتت “عزيز” إلى أن أطفالها لم يتلقوا اللقاح منذ ثلاثة أعوام.

من جهتها، بدأت لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في مدينة منبج منذ قرابة شهر بإحصاء المخيمات العشوائية بريف المدينة، بعد أن كانت تواجه صعوبة في الوصول إليها بسبب “تبعثرها.”

وقال محمد العبد، مدير المخيمات العشوائية في منبج، إن اللجنة قامت بإحصاء /85/ بالمئة من المخيمات العشوائية حتى الآن، حيث تم إحصاء /32/ مخيماً عشوائياً يضمُّ /925/ عائلة.

وأضاف أن الحل هو إقناع عائلات المخيمات العشوائية “بالانتقال إلى مخيم جديدة الحمر.”

لكن قاطني المخيمات العشوائية يفضّلون البقاء فيها، ويقولون إن ذلك يشكل نوعاً من الراحة لهم خاصةً أنهم اعتادوا على السكن في تجمّعات محدودة وجميعهم ينحدرون من القرية أو المنطقة ذاتها.

وقال “العبد” إن النازحين سيحصلون في مخيم جديدة الحمر، جنوب منبج، على احتياجاتهم المعيشية، “وسيكون للمنظمات الإنسانية دور كبير والمجال مفتوح أمامها لتقديم المساعدة.”

وأضاف أنه في حال لم يقبل النازحون في المخيمات العشوائية الانتقال، ستقوم الإدارة المدنية بتقديم المساعدات لهم ضمن أماكن تواجدهم، بعد الانتهاء من عملية الإحصاء.

 إعداد: صدام الحسن – تحرير: سوزدار محمد – حكيم أحمد