مخاوف أرباب عائلات في عفرين من تعرّض أبنائهم لانتهاكات تمارسها الفصائل التابعة لتركيا

عفرين – نورث برس

يعيش سكان منطقة عفرين، شمالي سوريا، خوفاً دائماً خشية تعرض أفراد من عائلاتهم لاعتداءات وانتهاكات الفصائل المسلّحة التابعة لتركيا التي سيطرت على المنطقة منذ آذار/مارس عام 2018.

ويخشى أرباب العائلات من ممارسات الفصائل، ولا سيما الخطف والقتل، التي تهدف برأيهم إلى التضييق على السكان لتهجير من تبقّى منهم والاستيلاء على ممتلكاتهم.

“أخاف على أولادي”

وقال علي أحمد، وهو اسم مستعار لرجل خمسيني من سكان مدينة عفرين، إن خروج ابنته ذات العشرين ربيعاً من المنزل لاستكمال تعليمها، “بات أمراً مخيفاً بعد حوادث الخطف والاغتصاب والتحرّش التي تكون غالبيتها بيد عناصر الفصائل.”

وأضاف أن افتقار المنطقة، بعد الدمار الذي حلّ بها وتشريد أهلها، إلى كوادر تعليمية وطبية جعل من إقامة العائلات فيها “ضرباً من المستحيل.”

“وفي ظل الفلتان الأمني الدائم، أخاف على أولادي من أن يصابوا بمكروه أو يفقدوا تعليمهم وأحلامهم في الحصول على شهادات عليا.”

وكان مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا قد وثق، خلال آب/أغسطس الفائت، اعتقال /100/ شخص في عفرين من قبل الفصائل المسلّحة التابعة لتركيا بتهم مختلفة.

“يعبثون بحياتنا”

ولا تقتصر الانتهاكات على المدينة وحدها، بل تشمل البلدات والقرى التي تربط أهاليها علاقات اجتماعية، وطالما نعمت بالأمان قبل سيطرة تركيا والفصائل التابعة لها عليها.

وقال سامي الجابر (45 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان ناحية شيه بريف منطقة عفرين، إنه “لم يعد أحد من سكان البلدة قادراً على الخروج من منزله بعد غروب الشمس.”

وأضاف: “نخاف من الاعتداء أو الخطف مقابل فدية أو ابتزاز، فقادة وعناصر الفصائل يعبثون بحياة من تبقى من الأهالي.”

ولفت “الجابر” إلى أن “اهتمام قادة تلك الفصائل ينصبُّ على تأمين ركوب سيارات فاخرة حصلوا عليها عبر سلب ممتلكات المُهَجَّرين وجمع الإتاوات والفدى من الباقين.”

ويرى الرجل الذي لا يزال في بلدته أن “الإقامة في عفرين أمرٌ لا يقدر عليها إلا من يصبر على حقد الفصائل ويفضّل البقاء في داره وأرضه على العيش في المخيمات ومناطق التهجير.”

“التعامل مع الحزب”

وكان موقع عفرين بوست قد نشر، في الثاني من أيلول/سبتمبر الجاري، عن اعتقال عناصر من الفصائل المسلّحة خمسة مواطنين مسنّين من سكان قرية بريمجة في ناحية ماباتا، بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتيّة سابقاً.

وبحسب منظمة حقوق الإنسان-عفرين، فقد تم الإفراج عنهم بعد دفع كلّ شخص فدية مالية قدرها /800/ ليرة تركية (ما يعادل /108/ دولارات).

وتعتبر عبارة “التعامل مع الحزب” (العمل مع الإدارة الذاتية السابقة في عفرين) تهمة جاهزة تُوَّجه لكل من اُرتكبت انتهاكات بحقه، بحسب سكان تعرّضوا لتلك التهم.

وقال أبو غريب (57 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة عفرين، إن تكرار انتهاكات فصائل المعارضة المسلّحة جعل المدينة شبه خالية من سكانها الأصليين.

وأضاف: “اعتداء الفصائل على الأهالي يتم تارةً بتهمة التعامل مع الحزب، وتارة بدفع الإتاوات على المحال والأراضي، وتارةً بالكلام البذيء للفتيات والتحرّش بهن.”

وقال أيضاً إن “هذا ما جعل فكرة ترك المدينة الشغل الشاغل للأهالي، بعضهم من نفذه وفرَّ بنفسه وأهله، بينما لا يزال آخرون يعتبرون الفرار ضعفاً و ترك ممتلكاتهم أمراً لا تستطيع عقولهم استيعابه.”

وقام “أبو غريب” بإرسال أولاده إلى ريف منبج وبقي مع زوجته ليهتما بمنزلهما وأرضهما، دون التعامل مع محيطهما “إلا في الضروريات”، لتجنّب أي انتهاكات.

إعداد : خالد الحسن – تحرير : روان أحمد – حكيم أحمد