رام الله ـ أحمد اسماعيل ـ نورث برس
قال شاؤول منشة، وهو محلل سياسي إسرائيلي، الاثنين، إنه ليس هناك أي انعكاس سلبي على العلاقات التركية ـ الإسرائيلية على ضوء التطبيع المتنامي بين إسرائيل ودول عربية لا سيما الإمارات مؤخراً.
واعتبر “منشة”، في حديث خاص لـ”نورث برس”، أن هناك موقفاً رسمياً تركياً متناقضاً، فبينما يهاجم رئيسها رجب طيب أردوغان، الإمارات بسبب إبرامها اتفاق سلام مع إسرائيل، تقيم أنقرة علاقات أمنية وتجارية قوية مع إسرائيل وتزدهر عاماً بعد عام، لدرجة أن “حجم التبادل التجاري المتين بين تركيا وإسرائيل بلغ عام 2016 نحو ستة مليارات دولار”.
وأضاف أن حجم الصادرات الإسرائيلية إلى تركيا أكبر بكثير مما تستورده إسرائيل من البضائع التركية.
وكشف المحلل السياسي الإسرائيلي أيضاً أن الرئيس التركي يحافظ بقوة على الحركة السياحية الإسرائيلية في تركيا، إذ تبلغ نحو /100/ ألف سائح إسرائيلي إلى تركيا كل عام.
ووصف سياسة أردوغان بأنها “تقوم على الشيء ونقيضه”، إذ أنّ موقف تركيا وتحديداً رئيسها رجب طيب أردوغان الرامي إلى اتهام الإمارات بالخيانة، هدفه استمالة العناصر والجماعات الإسلامية المتطرفة في العالم العربي ومناطق أخرى، لا سيما جماعة “الإخوان المسلمين”.
ويتابع “منشة” أن أردوغان في الوقت الذي يحافظ على علاقات قوية مع إسرائيل، “هاجم الإمارات واتهمها بخيانة القضية الفلسطينية”.
ورأى المحلل الإسرائيلي، شاؤول منشة، أن العلاقات التركية-الإسرائيلية ستستمر بقوة؛ ذلك أن أردوغان لو أراد المس بالعلاقة مع إسرائيل لفعل ذلك منذ زمن.. “فهو منذ توليه الحكم يحافظ على العلاقة مع تل أبيب”.
وأشار إلى أن تركيا تعلم جيداً أنها لو قطعت علاقتها مع إسرائيل فإن علاقتها مع أمريكا ستتضرر.
صراع تركيا والسعودية
وتدرك إسرائيل أن صراع تركيا والسعودية هو على حكم السنة، لكنها ترى بحسب محللين إسرائيليين أن هذا الصراع سيكون حافزاً لكل من تركيا والدول العربية لتقوي علاقاتها بإسرائيل أكثر.
وعلى الصعيد الأمني، يفيد محللون عسكريون إسرائيليون، أن هناك تنسيقاً مشتركاً وتبادلاً للمعلومات بين أنقرة وتل أبيب، حتى أن الأخيرة بسبب معلوماتها الأمنية منعت العديد من العمليات التفجيرية التي كانت ستطال الأراضي التركية، وأيضاً ساهمت تلك المعلومات الإسرائيلية باعتقال السلطات التركية العديد من المطلوبين لها.
لكن إسرائيل، بحسب هؤلاء، تسعى إلى لجم الطموحات التركية بالمنطقة من خلال اتفاقات التطبيع مع الدول العربية لدرجة أن المستويات الأمنية الإسرائيلية ترى أن تركيا وممارساتها مزعجة أكثر من إيران الضعيفة.
من السلام إلى الاقتصاد
من جهته، قال عنان وهبة، وهو خبير استراتيجي وباحث في معهد “الأمن القومي” الإسرائيلي، إن علاقات تركيا وإسرائيل كانت ممتازة في الماضي، “دول ديمقراطية صديقة للولايات المتحدة الأمريكية”.
وأضاف “وهبة”، لـ”نورث برس”، أن العلاقات كانت سياسية وعسكرية واقتصادية. إلا أنها لم تكن علاقات سلام واسعة بين الشعوب، بيد أن التغيير التدريجي طرأ منذ صعود أردوغان وتبنيه سياسة مناوئة لإسرائيل، وخاصة منذ قضية أسطول الحرية (الافي مارمارا) إلى غزة.
وأشار إلى أن السلام راجع فقط لدرجة السلام الاقتصادي. وقد تم تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي الإسرائيلي في تركيا.
ورأى الباحث في معهد “الأمن القومي” الإسرائيلي أن الوضع زاد سوءاً في العقد الأخير، حيث أن تركيا “تراجعت في مستواها الديمقراطي، وانضمت بشكل علني لمحور الإخوان المسلمين، كما قامت بضرب نخبة الجنرالات في تركيا، وضربت كرد تركيا وسوريا دون رحمة”.
إدارة الملف التركي
وبحسب “وهبة”، فإن إدارة ترامب والجمهوريون يقومون بتنفيذ “صفقة القرن”، وهي صيغة مجددة لـ”سايكس بيكو”، التي تقوم بدعم المرجعية العربية المعتدلة في الشرق الأوسط (بقيادة المحور السعودي-المصري)، وإقصاء إيران وتركيا المنبوذتين عربياً، باعتبار أن تركيا تعتبر أخطر من إيران على مصالح الدول العربية.
وبناءً على ذلك، يعتقد عنان وهبة، أن “أميركا ستتولى إدارة الملفّ التركي التي هي جزء من حلف الناتو ولديها طائرات حربية حديثة (F-35) أما إسرائيل والدول العربية فإن علاقاتها مع تركيا ستتراجع، لكنها لن تنقطع بالكامل”.