غياب تدابير الوقاية من كورونا وضعف إمكانات المشفى الوحيد في بلدة بريف الحسكة

تل تمر – دلسوز يوسف – نورث برس

داخل محلٍّ للمواد الغذائية وسط السوق الرئيسي ببلدة تل تمر، شمال الحسكة، يجلس جمال بكر (55 عاماً) وحوله عدد من رفاقه دون التقيّد بإجراءات التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات، وسط تداول النقود والبضائع بين البائع والزبائن المقبلين على شراء احتياجاتهم اليومية من محله.

وتشهد البلدة حركة شرائية نشطة في ساعات الصباح الأولى مع غيابٍ واضحٍ للالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي ووسائل الوقاية من فيروس كورونا.

ويقول سكان إنهم لم يعتادوا على ارتداء الكمامات فيما يردُّ أطباء وصيادلة البلدة ذلك إلى غياب الوعي، في وقت تعاني فيه البلدة من نقصٍ في الأدوات الطبية وبُعدِ مراكز الحجر الصحي.

“لامبالاة بالمخاطر”

ورغم عدم تسجيل إصابات في تل تمر وريفها، إلا أن رقعة انتشار الفيروس وصلت إلى مدينتي الدرباسية والحسكة القريبتين، في حين بلغ مجموع الإصابات في شمال شرقي سوريا /354/ إصابة، بينها /22/ حالة وفاة، بحسب ما أعلنته هيئة الصحة في الإدارة الذاتية صباح الأحد.

ويبرر “بكر”، في حديثه لـ”نورث برس”، عدم تقيّده بوسائل الحماية من كورونا إلى عدم اعتياده على ارتداء الكمامات رغم امتلاكه واحدة منها، “لم أعتد على ارتداء الكمامات والقفازات، أحسُّ أنني مكبّل”.

وأضاف: “عندما أكون ضمن المحل لا أرتدي الكمامة، أرتديها عند الخروج فقط”.

وبالقرب من محل بكر، يدخل رجل خمسيني، عرّف نفسه بـ”أبو أكرم”، إلى إحدى الصيدليات لشراء بعض الأدوية، فيبادر الصيدلي بإهدائه كمامة مجاناً لارتداها، لكنه يضعها في جيبه ولا يرتديها.

وعلل “أبو أكرم” الأمر بالطريقة نفسها، “لم نعتد على وضع الكمامات”.

لكن آخرين يعيدون سبب عدم شراء المُعقِّمات وارتداء الكمامات إلى غلاء الأسعار في ظل الوضع المعيشي المتدهور نتيجة انهيار قيمة الليرة السورية وتوقف بعض الأعمال بسبب انتشار كورونا وكذلك قطع تركيا لمياه الشرب عن المنطقة.

وبحسب اتحاد الصيادلة في تل تمر فإن سعر الجملة للكمامة الواحدة /200/ ليرة سورية، إلا أن الكثير من الصيادلة يقومون باستغلال الظرف الحالي لبيعها بـ/500/ ليرة.

ويتجمّع السكان خلال فترة الصباح في الأسواق وأمام العيادات الطبية دون التقيّد بإجراءات التباعد الاجتماعي والوقاية الصحية، بينما تتجمّع مجموعات أمام صهاريج مياه ليتمكنوا من تعبئة خزاناتهم المنزلية نتيجة قطع الجيش التركي المياه عن محطة علّوك المغذّية للبلدة.

“الوباء ليس مزحة”

وفي بادرة خيّرة، قام أحد الصيادلة بالبلدة بتوزيع كمية /2000/ كمامة مجاناً على السكان في خطوةٍ لتشجيعهم على التقيّد بوسائل الحماية.

وقال الصيدلي بهزاد سينو، القائم بهذه المبادرة، لـ”نورث برس”، إن “المبادرة جذبت الكثير لاقتناء كمامة، لكن رغم ذلك فإن البعض لا يتقيّدون بارتدائها، كما أرى نسبة كبيرة من سكان المنطقة، وحتى المسنّون منهم، يتعاملون بسخرية مع مخاطر المرض”.

وأضاف أنه يخبر الجميع أن عليهم إدراك أن هذا الوباء “ليس مزحة” ويجب عليهم التقيّد بالقرارات الصادرة عن هيئة الصحة في الإدارة الذاتية.

ولفتَ “سينو” إلى أن السبب الأول لثقافة عدم ارتداء الكمامات يعود إلى نقص الوعي الصحي، كما أنه ليس هناك كوادر طبية بالقدر الكافي لتوعية السكان، وفق قوله.

وكانت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا قد أعلنت، الأحد الفائت، فرض ارتداء الكمامات للحدِّ من انتشار فيروس كورونا، وقالت إن أي مخالفة لهذا القرار يفرض على صاحبها غرامةً ماليةً قدرها /1000/ ليرة سورية.

مشفى غير مُجهَّز

من جانبه، قال حسن أمين، مدير مشفى “الشهيدة ليكرين”، وهو المشفى الوحيد في تل تمر، إن البلدة تعاني نقصاً في الإمكانات الطبية لمواجهة كورونا وعدم توفر أجهزة طبية للتعامل مع الحالات المُتشبهة أو المُصابة، وإن المشفى يفتقر إلى قسم حجر صحي.

وأضاف أنهم غير مستعدين لمواجهة الفيروس في حال ظهور إصابات في البلدة، بسبب نقص المستلزمات وعدم دعم المنظمات لهم، “هناك نقص كبير ولا دعم مقدَّم لنا، هذا واجب أخلاقي وإنساني على المنظمات الدولية، ويجب عليها التوجه إلى مناطق شمال وشرقي سوريا ودعمها طبياً في هذه المحنة الصعبة”، على حدِّ قوله.

ورغم أن بلدة تل تمر لم تسجِّل أي إصابة بفيروس كورونا حتى الآن، إلا أن ازدياد الإصابات في مدينة الحسكة، يؤرق مدير المشفى الوحيد في تل تمر.

كما أن أقرب مركز للحجر الصحي يبعد عن بلدة تل تمر نحو /30/ كم، وهي مشفى “كوفيد -19” في قرية توينة بالقرب من مدينة الحسكة، بسعة /60/ سريراً.

وحول الإجراءات المُتّبعة في المشفى مع الحالات المُشتبَه بها، يقول “أمين”: “أنشأنا غرفاً خاصة تُسمّى (غرف الفرز) عند بوابة المشفى. هناك، في حال مراجعة أحد الأشخاص للمشفى، يتم فحصه وسؤاله حول الأعراض التي يعاني منها، وفي حال الشك بالإصابة، يتم عزله وإخطار الهلال الأحمر الكردي في الحسكة”.

وأضاف “كما شكلنا فريقاً للتثقيف الصحي، مهمة أعضائه توعية المراجعين في المشفى من خلال التقيّد بالتباعد الاجتماعي ووسائل الحماية من فيروس كورونا”.