العمل بعد الدوام.. طوق نجاة الموظفين الحكوميين في حلب

حلب – نورث برس

يعمل كثيرٌ من الموظفين الحكوميين في مدينة حلب شمال سوريا، بعد انتهاء دوامهم الرسمي في أعمال إضافية مختلفة، نظراً لتدني أجورهم الشهرية التي لا تسد سوى جزءاً من حاجاتهم الرئيسية في ظل الأحوال الاقتصادية البائسة في البلاد.

ورغم المطالبات المتكررة من الموظفين بزيادة أجورهم وتحسين أوضاعهم المعيشية، لا تبدو الحكومة السورية بصدد التحرك باتجاه إيجاد حلٍّ لموظفيها، فيما تكتفي خطابات مسؤوليها بتوجيههم لشد الأحزمة ومواجهة الجوع بمزيدٍ من الصبر.

ويقول نادر حسين قضماني (40 عاماً) وهو مدرّس لغة عربية في مدرسة المأمون بحي الجميلية، إنه يتقاضى راتباً شهرياً قدره /74/ ألف ليرة سورية لا يكاد يكفي لإعالة أسرته المكونة من خمسة أفراد سوى اسبوعٍ واحد فقط.

لذا يتوجه بعد انتهاء دوامه الرسمي في المدرسة إلى العمل في إحدى محلات صيانة وبيع الهواتف النقالة مقابل أجرٍ شهري يلامس حدود الـ /100/ ألف ليرة بدوامٍ غير ثابتٍ يصل أحياناً إلى الثانية عشر ليلاً.

ويعتبر “قضماني” عمله الإضافي طوقاً للنجاة والمتنفس الوحيد لتدبر أمور معيشته، بعد خدمة في سلك التدريس لمدة /17/ عاماً لصالح المدارس الحكومية. 

ويشير إلى أن الكثير من زملائه الموظفين يطمحون للحصول على فرصة عمل كهذه، أملاً في زيادة مداخيلهم الشهرية وسداد تكاليف جزء من حاجاتهم الأساسية، حسب قوله.

ويبلغ متوسط الرواتب لدى الحكومة السورية نحو /50/ ألف ليرة سورية، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية جراء انهيار قيمة الليرة السورية وتطبيق قانون عقوبات “قيصر” الأمريكي ضد الحكومة السورية وداعميها.

واحتلت سوريا مطلع العام الجاري صدارة قائمة الدول الأكثر فقرًا في العالم، وفق بيانات موقع “World By Map” العالمي، بنسبة بلغت /82.5/ بالمئة وهي نسبة تتوافق مع ما أورده تقرير سنوي للأمم المتحدة في العام 2019.

ويرى فضل الله الشيخ حسن (50 عاماً) وهو مدير مدرسة ابن البيطار الثانوية في حي الحمدانية، إن العاملين في الحقل التربوي هم الحلقة الأضعف في سلم الرواتب والأجور الوظيفية لدى الحكومة السورية.

ويقول متحدثاً لـ “نورث برس”: “الحكومة لا تهتم بنجاح المنظومة التعليمية بل كل ما يهمها هو أن تواصل هذه المنظومة عملها بظلّ ظروف قاهرة سواء أدت للنجاح أو نحت باتّجاه الفشل”.

ويضيف: “كل ما وفرته لنا الحكومة هو هامش وقت للبحث عن عمل إضافي قد نجده أو لا نجده، حيث لا يوجد حوافز ولا منح ولا استفادة مادية معينة من الوظيفة.”

ويشير إلى أن جميع العاملين والموظفين الحكوميين يأملون في الوقت الحالي، صدور قرار من الحكومة بزيادة أجورهم، كما في العام الماضي حيث ساعدتهم الزيادة ولو بنسبة محدودة على تغطية جزءاً من مصاريفهم.

ويبلغ متوسط الرواتب في مناطق الحكومة السورية نحو /50/ ألف ليرة سورية (ما يعادل /25/ دولاراً أمريكياً)، وسط تدهور الأوضاع المعيشية جراء انهيار قيمة الليرة السورية وفرض حزم عقوبات على الحكومة السورية وداعميها بموجب قانون قيصر.

ويرى عبد الخالق علي الشامي (50 عاماً) وهو موظف في بلدية مدينة حلب، أن الزيادة التي أضيفت على رواتب الموظفين العام الماضي “كانت بمثابة البحصة التي تسند الجرة” في ظل الغلاء وارتفاع الأسعار بشكلٍ كبير.

ورغم أنه تقدّم في عمره الوظيفي وبات على أبواب التقاعد، إلا أن “الشامي” لا يزال يأمل إصدار قرار زيادة في هذا العام، حيث يقول إن “الوضع المعيشي يتجه نحو الكارثة لعموم الموظفين”.

ويتساءل في مقابلة مع “نورث برس”: “كموظف على أبواب التقاعد لا يتعدى راتبه /50/ ألف ليرة، كيف لي أن أتدبر  أموري من تأمين الغذاء والدواء ودفع فواتير الماء والكهرباء؟”

وفي أيار/مايو الماضي، قال وزير المالية في الحكومة السورية مأمون حمدان في تصريحات لوسائل إعلام حكومية، إن “المواطن قادر على أن يعيش من راتبه إذا تدبر أمره بالشكل الصحيح”.

ولاقت تصريحاته انتقادات على نطاقٍ واسع  على وسائل التواصل الاجتماعي وبين الموظفين والمؤيدين للرئيس السوري بشار الأسد، منهم الفنان السوري، بشار إسماعيل حيث رد عليه “هل تستطيع تدبر أمرك براتب /50/ ألف ليرة؟”.