ماذا تريد تركيا من “مساعدة” لبنان؟
يلاحظ مراقبون أن تركيا تسارع إلى تقديم نفسها كـ “حامية” “للمسلمين السنة” وفاعل سياسي واقتصادي في لبنان عقب الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت قبل اسبوعين، حيث تحاول أنقرة الاستفادة من غياب الدور السياسي والاقتصادي للمملكة العربية السعودية.
وترى الرياض، كما ورد على لسان كبار المسؤولين فيها، أن الدولة اللبنانية أصبحت خاضعة كلياً لسطوة حزب الله، الأمر الذي يحول دون حضورها السياسي والاستثماري في لبنان.
ويقول الكاتب السعودي، خالد السليمان، في مقال بصحيفة “عكاظ” إنه لا يمكن للسعودية أن “تسقي الأشواك” ، ودفع فواتير حزب الله وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه عبث الحزب داخلياً وإقليمياً.
ويشكل هذا الموقف فرصة لتوسع الدور التركي، إذ ترى مصادر سياسية تتابع التحرك التركي في لبنان أن أنقرة تراهن على ملء الفراغ العربي في لبنان، ولربما تمتلك وجوداً معنوياً هذا البلد، لكنها لا تدرك أنّ هذا الوجود لا يعني أنّ السنّة موالون لها.
ونشر موقع “أساس ميديا”، عن أشرف ريفي مدير الأمن اللبناني السابق ووزير العدل أنه يقوم بالتنسيق مع أجهزة المخابرات التركية للسيطرة على شمال لبنان.
ويعتبر السياسيون السنة، حسب موقع “أحوال تركية”، أن أنقرة تسعى إلى اختراق واسع في لبنان و”تمثيل الطائفة” من خلال مشروع رعاية الجمعيات الإسلامية، والاهتمام بترميم الأبنية القديمة مع تركيز خاص على تلك التي تذكّر بالحقبة العثمانية.
ويجد البعض أنه من الضروري التمييز بين التقدير الذي يكنّه السنّة اللبنانيون، لتركيا، وبين الولاء لها، حيث يتعاطف السنّيون في لبنان مع كلّ من يتصدّى لحكم الرئيس السوري بشار الأسد في ضوء وجود تجربة مريرة لديهم مع الوصاية السورية التي امتدت إلى عام 2005.
ويعتقد مراقبون أن تركيا لم تضع الفرصة الاقتصادية التي يمثلها خروج ميناء بيروت تماماً عن العمل، حيث يتحدث مسؤولون أتراك عن دور ميناء مرسين كبديل لميناء بيروت وأن تركيا ستمضي مع لبنان حتى النهاية.
وكانت زيارة وفد تركي رفيع لبيروت مباشرة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محاولة واضحة لإيجاد توازن مع فرنسا، وإظهار تركيا كـ “حامية للمسلمين السنّة” في مقابل حماية فرنسا للمسيحيين.
وتقول صحيفة “العرب”، أن كلام المسؤولين الأتراك أثار استياءً في أوساط كثيرة بلبنان، وكشف الانتهازية التركية بما في ذلك الأوساط السنّية التي لديها مصلحة في بقاء ميناء بيروت وإعادة ترميمه على وجه السرعة. ولكن رغم ذلك تكشف خريطة توزع الموانئ في شرق المتوسط حجم الفرصة التركية في السيطرة على التجارة مع لبنان.
فخروج ميناء بيروت عن الخدمة ومحدودية إمكانيات ميناء طرابلس في استقبال سفن الحاويات الكبيرة، يجعل ميناء مرسين واحداً من الخيارات الأساسية كميناء مناولة، خصوصاً مع وجود الحظر الدولي على الموانئ السورية، واستحالة أن توفر الموانئ الإسرائيلية البديل.