الهجرة حلم الكفاءات في حلب والحكومة عاجزة عن الاحتواء

حلب – نورث برس

لم يعد البقاء والارتقاء بالسلم الوظيفي أو تقلد مناصب حكومية هو ما يشغل بال نورالدين حيدر، وهو محامِ من مدينة حلب شمالي سوريا، عُيّن مؤخراً في القصر العدلي بمدينة حلب بعد نجاحه في دورة القضاء.

ويتقاضى “نورالدين” /50/ ألف ليرة سورية كراتبٍ شهري جزاء عمله، وهذا المبلغ لا يكفيه لإعالة أسرته المكونة من خمسة أفراد في ظل الظروف المعيشية المتردية، ما يدفعه للتفكير بالرحيل والهجرة لتأمين مستقبل أفضل لأطفاله.

ويقول لـ “نورث برس”، إن الحياة المستقرة باتت أمراً صعب المنال في هذا البلد وفي ظل الظروف الحالية “كنت آمُلُ وضعاً أفضل ولكن خابت الآمال والأماني كلها”.

ويضيف: “أعجز عن تأمين مستلزمات الحياة لأسرتي، بعد تكريس سنوات طويلة من حياتي في التحصيل الدراسي والمخاطر التي مررت بها في سبيل البقاء”.

ويتابع: “لن أفوت أي فرصة للرحيل وبشكل نهائي، فالسفر بات طوق النجاة الوحيد بالنسبة لي لتحسين ظروفي المعيشية وبناء مستقبل أفضل لأبنائي”.

ويبلغ متوسط الرواتب في مناطق الحكومة السورية نحو /50/ ألف ليرة سورية (ما يعادل /25/ دولاراً أمريكياً)، وسط تدهور الأوضاع المعيشية جراء انهيار قيمة الليرة السورية وتطبيق قانون عقوبات قيصر ضد الحكومة السورية وداعميها.

من جهته يقول سامر سلامة وهو اسم مستعار لإعلامي يعمل في مدينة حلب: “نعاني من الفقر وقلة الحيلة والمحسوبية وممارسات الأجهزة الأمنية التي تلاحقنا على الشاردة والواردة”.

ويشير إلى أنه لم يعد يطيق البقاء وتحمل ظروف الحياة المتردية، جراء تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد، لذلك يطمح بالهجرة إلى أوروبا أو استراليا أو كندا.

ويردف في مقابلة مع “نورث برس”، بأنه يرغب في الرحيل لتأمين مسكن لأسرته التي لا تملك منزلاً حتى الآن، “الأوضاع تتجه نحو السوء ولا يوجد بالأفق بصيص أمل بتغيير الأحوال بالرغم من وعود الحكومة السورية”.

وتقول نتائج دراسة نشرتها الهيئة السورية لشؤون الأسرة بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، عام 2011 أن /34/ بالمئة من الشباب السوري يرغبون بالهجرة إلى الخارج.

ويشكل الشباب، بحسب الدراسة أكثر من /50/ بالمئة من سكان سوريا في وقت تعجز فيه الهيئات والجهات الحكومية والقطاع الخاص عن توفير فرص عمل لقسم كبير منهم بمن فيهم خريجي الجامعات.

ولا تختلف الحال بالنسبة لـ أحمد عبد الله ماياتي وهو طالب سنة رابعة في كلية الهندسة الميكانيكية بجامعة حلب، فلم تعد لطموحاته ببناء مستقبلٍ مشرق، مكانٌ في سوريا بل باتت تختصر أحلامه بجوازٍ سفر ينقله إلى بلادٍ تساعده في تحقيق أهدافه.

ويتسأل “باياتي” وهو يطوي السنة ما قبل الأخيرة من دراسته الجامعية “ما البدل الذي سأتقاضاه لدى تخرجي من الجامعة؟، اعتقد أنه لن يتخطى /50/ دولاراً”.

ويقول لـ “نورث برس”: “بكل تأكيد لا يمكنني تأمين مستلزمات الحياة من منزلٍ وزواج وغيرها بهكذا مبلغ”، ويشير إلى أنه يعمل حالياً إلى جانب دراسته في مطعمٍ للوجبات السريعة من أجل تأمين مصروفه.

ويخشى “أحمد” من أن يتم سوقه إلى التجنيد الإلزامي فور تخرجه من قبل القوات الحكومية، “سأخضع لها فور تخرجي وهذه خدمة لها بداية ولا يعرف لها نهاية”، في إشارة إلى احتفاظ الحكومة السورية بالمجندين لعدة سنوات قد تصل إلى سبع أو ثمانية سنوات.

ويردف: “أسعى حالياً للسفر إلى أي مكان بعيد عن هنا، أسوة برفاقي الذين هاجروا وتمكنوا من تأمين حياة مستقرة ولديهم دخول مالية جيدة”.

وتصدرت سوريا بداية العام الجاري قائمة الدول الأكثر فقراً في العالم، وفق بيانات موقع “World By Map” العالمي، بنسبة بلغت /82.5/ بالمئة وهي نسبة تتوافق مع ما أورده تقرير سنوي للأمم المتحدة عام 2019، حول أبرز احتياجات سوريا الإنسانية.