"رواتب لا تكفي المواصلات".. موظفون حكوميون بحلب يسعون لإنقاذ أسرهم من الغلاء

حلب – نورث برس

 

يدفع تدني رواتب الموظفين الحكوميين في مدينة حلب شمالي سوريا، نسبة كبيرة منهم للبحث عن عملٍ إضافي إلى جانب وظائفهم التي لا تسد إلا جزءاً صغيراً من تكاليف أسرهم.

 

ويتوجه بعض الموظفين للعمل في مهنٍ شاقة تتطلب مجهوداً عضلياً بعد انتهاء دوامهم الحكومي، بغية تسديد مصاريف عوائلهم في ظل التدهور المعيشي الراهن وغياب دور الحكومة السورية في دعم موظفيها وإنقاذهم من الغلاء.

 

ويعمل غياث أحمد طالب (40 عاماً) وهو موظف حكومي في مدينة حلب، بدءاً من ساعات الصباح الباكرة وحتى ساعات متأخرة من الليل على أمل تغطية مصاريف عائلته؛ لأن راتبه الحكومي لا يكفيه "لسد حاجات زوجته وأطفاله الخمسة".

 

ولا يقضي "طالب" كل هذا الوقت، في وظيفته الحكومية أو وراء مكتبه حيث يشغل منصب رئيس الدائرة القانونية في مديرية التربية بحلب، ويتوجه بعد انتهاء دوامه الرسمي إلى شوارع المدينة للعمل كسائق تكسي أجرة بدءاً من الساعة الرابعة عصراً حيث لا يعود إلى منزله إلا في الثانية عشرة ليلاً.

 

ويقول لـ "نورث برس"، إن مرتبه الشهري لا يكفيه لسد رمق عائلته لبضعة أيام، في ظل "الغلاء الفاحش وغياب دور الحكومة في دعم موظفيها وانقاذهم من المحنة التي يعيشونها".

 

ويضيف "طالب" الحائز على إيجاز في الحقوق، إن راتبه المتدني دفعه ليعمل على تكسي أجرة بعد الدوام، حيث يتقاسم المال الذي يجنيه من عمله الإضافي مع صاحب التكسي، "لذلك أطيل ساعات العمل أحياناً طمعاً بمبلغ أكبر".

 

ويتسأل: "كيف لنا أن نعيش براتبٍ لا يعادل /50/ دولاراً؟" ويؤكد أن هذا هو حال الموظفين الحكوميين حيث يلجأ أغلبهم إلى أعمال إضافية لسد مصاريفهم العائلية.

 

ويقول إنه سبق أن تعرض لمواقف محرجة، حيث يتصادف أن يكون ركابه من زملائه الموظفين أو المراجعين كونه يحمل شهادة حقوق ورئيس دائرة حكومية، ولكنه اعتاد على الأمر مع مرور الزمن.

 

ويبلغ متوسط الرواتب في مناطق الحكومة السورية نحو /50/ ألف ليرة سورية (ما يعادل /25/ دولاراً أمريكياً)، وسط تدهور الأوضاع المعيشية جراء انهيار قيمة الليرة السورية وتطبيق قانون عقوبات قيصر ضد الحكومة السورية وداعميها.

 

وباتت سوريا تأتي في صدارة قائمة الدول الأكثر فقرًا في العالم، وفق بيانات موقع “World By Map” العالمي، بنسبة بلغت 82.5%،  وهي نسبة تتوافق مع ما أورده تقرير سنوي للأمم المتحدة الأمم المتحدة العام 2019، حول أبرز احتياجات سوريا الإنسانية.

 

وتعاني رهف عبدالله حسين، وهي موظفة في جامعة حلب ولا يتخطى مرتبها /40/ ألف ليرة، من حالة تعبٍ وإرهاق ترافقها بشكلٍ دائم بسبب عملها في متجر لبيع الإكسسوارات بحي الفرقان بعد انتهاء دوامها في الجامعة.

 

وتقول لـ "نورث برس"، إن "الراتب الحكومي لا يكفي لأجرة المواصلات لذلك لجأت إلى العمل في المحل" لذا فهي تعاني من التعبٍ الشديد، ولكنها تفضل البقاء في وضعها الحالي على أن تكون محتاجة أو أن تعاني في معيشتها.

 

ويعمل زوج "رهف" في مشغل للخياطة، وهو أيضاً موظفٌ حكومي، "العمل ليس عيباً مهما كان نوعه، لكن المعيب في الأمر هو الحاجة".

 

ويتوجه بعض الموظفين ومنهم من على باب التقاعد، للعمل في مجالات أخرى تتطلب مجهوداً عضلياً، إلى جانب وظائفهم كأعمال البناء وورش الدهان ومعامل النسج وبعض المهن الأخرى.

 

وهذا هو الحال بالنسبة لدرغام عدنان السيد، وهو موظف في شركة المياه في حلب، ويعمل إلى جانب وظيفته في ورشة بناء ويعتبره، "عملاً مرهقاً" لكن الحاجة دفعته إلى العمل في هذا المجال لتأمين مصدر دخلٍ إضافي، حسب قوله.

 

ويقول لـ "نورث برس" إن "زيادة الرواتب بات أمراً ملحاً بالنسبة للموظف لكي يستطيع تأمين قوت عياله ولو بالحد الأدنى"، إذ يعتبر أن هناك تجاهل من الحكومة السورية تجاه أوضاع موظفيها وعدم اكتراث لاحتياجاتهم ويراه : "أمراً معيباً".

 

وتذهب دراسة حديثة نشرها مركز فرات للدراسات في القامشلي، إلى أن الأسرة السورية المؤلفة من خمسة أشخاص تحتاج إلى /686000/ ليرة لتأمين احتياجاتها الشهرية من الطعام فقط حتى تعيش بمستوى عامي 2009 و 2010.

 

وفي أيار/مايو الماضي، قال وزير المالية في الحكومة السورية مأمون حمدان في تصريحات لوسائل إعلام حكومية، إن "المواطن قادر على أن يعيش من راتبه إذا تدبر أمره بالشكل الصحيح".

 

ولاقت هذه التصريحات انتقادات على نطاقٍ واسع بين الموظفين والمؤيدين للرئيس السوري بشار الأسد، منهم الفنان السوري، بشار إسماعيل الذي قال إن "الوزراء السوريين لا يعرفون معنى كلمة وزير" سائلاً وزير المالية "هل تستطيع تدبر أمرك براتب /50/ ألف ليرة؟".