زراعة العنب في السويداء تعاني الإهمال الحكومي واستغلال التجار للمزارعين

السويداء – نورث برس

تعاني زراعة العنب في محافظة السويداء أقصى جنوبي سوريا، من مشاكل ومعوقات عدة في موسم هذا العام، في ظل غياب خطط التسويق وانخفاض التسعيرة التي حددتها الحكومة السورية بالتزامن مع ارتفاع تكاليف الإنتاج المترتبة على المزارعين.

وتحتل فاكهة العنب المرتبة الثانية في السويداء بعد التفاح من حيث الأهمية، إذ تعتمد عليه الآلاف من الأُسرِ كمصدر زرقٍ رئيسي، حيث لا يقل إنتاجه سنوياً عن /50/ ألف طن، ويُعتَبر إرثاً اقتصادياً توارثه سكان المنطقة عن آبائهم وأجدادهم.

وأشار نايف سنيح (60 عاماً)، وهو مزارع من بلدة عرمان شرقي السويداء، إلى تحجيم زراعة العنب في المحافظة، بسبب غياب الدعم وارتفاع التكاليف وصعوبة توفر المواد اللازمة للإنتاج.

وأضاف لـ”نورث برس”، بأن معظم محاصيل المزارعين في هذا العام قد تذهب هدراً، رغم التكاليف العالية التي ترتبت عليهم جراء العملية الزراعية.

وتشغل زراعة العنب مكانةً متقدمةً في محافظة السويداء نتيجة توافر الظروف البيئية المناسبة لزراعتها كالتربة والمناخ ولعلّ وجود معاصر العنب القديمة التي ما زالت قائمة حتى الآن خير دليلٍ على اعتماد السكان عليها كمصدر رزقٍ رئيسيٍ منذ القِدم.

من جانبه، أشار وسام كيوان، وهو خبيرٌ زراعي محلي، إلى أن “الحكومة السورية لا تولي تطوير زراعة العنب اهتماماً جاداً، لأنها لا تعتبره من المحاصيل الاستراتيجية”.

وقال في مقابلة مع “نورث برس”، إن “المساحات المزروعة بالعنب وصلت هذا العام إلى أكثر من /10/ آلاف هكتار، مزروعة بنحو /4/ ملايين وثلاثمئة ألف شجرة”.

وأضاف: “يشكّل العنب مورداً أساسياً لأكثر من /٢٥/ ألف أسرة في السويداء، بإنتاجية سنوية عالية، حيث يحتل المرتبة الثانية بعد التفاح من حيث إنتاج المحافظة”.

ومن جانبه، قال المهندس راجي العربيد، المدير السابق للوحدات الإرشادية والإنتاجية التابعة لمديرية الزراعة في السويداء، إن الحكومة السورية سعّرت كيلو العنب بـ/125/ ليرة سورية واعتبر ذلك “مجحفاً وظالماً” بحق المزارعين مقارنة بتكاليف الإنتاج.

وأشار إلى غياب خطط تسويقية من قبل الحكومة، تتوازى مع كمية الإنتاج الذي وصل إلى حدود /70/ ألف طن هذا العام، ما فتح باب الاستغلال أمام تجار الأسواق، على حدِّ قوله.

 وقال لـ”نورث برس”: “تخلّي الحكومة السورية عن الإنتاج، أجبر المزارعين على توريد محاصيلهم من الحقول إلى الأسواق مباشرةً، وبالتالي بيعها بأثمان بخسة”.

ونوَّه إلى أن دعم الحكومة من شأنه تحفيز المزارعين على زيادة إنتاجهم والتوسّع في زراعة بيارات العنب، لكنها لم تقدّم أي شكلٍ من أشكال الدعم لهم.

ويعتمد معظم المزارعون في السويداء على زراعة العنب بعلياً، ما يعطيه زيادة في نسبة الحلاوة، ليُستخدم في الصناعات الغذائية والطبية مثل دبس العنب، والزبيب، وصناعة الخل والكحول الطبي.

وقال أيمن نصر، وهو مدير معمل لعصر العنب في السويداء، إن المعوقات والصعوبات التي تواجه المزارعين جعلتهم يستبدلونها بزراعات أخرى كالتفاح والزيتون.

وأردف أن “المزارعين أعرضوا في السنوات الأخيرة عن تزويدنا بالكميات المطلوبة من الأعناب لتحويلها إلى عصائر معلّلين ذلك بضعف تسعيرة الشراء التي نقدمها لهم، والتي تتراوح بين /١٦٠/ و/١٨٠/ ليرة سورية للكيلو الواحد”.

ونوَّه إلى أنه من المهم التوجّه نحو التصنيع الزراعي، لإنتاج الكحول الطبي والخل والعصائر، لأهميتها في زيادة القيمة المضافة لهذا الإنتاج، وحل مشكلة تسويقه، على حدِّ قوله.