تفاح السويداء.. مزارعون ينتقدون إهمال الحكومة السورية وتسعيرة شرائها
السويداء – نورث برس
يعد محصول التفاح في محافظة السويداء، جنوب سوريا، من أهم المحاصيل الاستراتيجية في المنطقة، إلا أن الحكومة السورية لا توليها الاهتمام المطلوب مما سبب ضعفاً في التسويق عاد ضرره على الفلاح بالدرجة الأولى.
وقال إحسان جنود، وهو رئيس اللجنة الزراعية التابعة لاتحاد الفلاحين والمختصة بتحديد سعر شراء التفاح، إن اللجنة حددت، في 16 من حزيران/ يونيو الحالي، تسعيرة شراء كيلو التفاح "دوغمة " بـ /390/ ل.س، "بعد إضافة قيمة ربحية عليهم وهي قيمة تفضيلية قابلة للزيادة أو النقصان بحسب سعر صرف البنك المركزي للدولار في أوقات القطاف والتسليم".
وأضاف لـ "نورث برس" أن التسعيرة حددت بحضور مندوبين اثنين من مزارعي التفاح في السويداء، "وبالاستناد إلى التكلفة التي يدفعها المزارع من رش مبيدات وفلاحة وعزق وتقليم وقطافة وعبوات بلاستيكية".
"تسعيرة لا تناسب التكاليف"
لكن مزارعي التفاح يرون أن التسعيرة الحكومية " القليلة" تتسبب لهم بخسائر، كما تضعهم تحت رحمة تجار القطاع الخاص (الضمانة) والذين يشترون التفاح من المزارعين بأسعار تزيد قليلاً عن أسعار الحكومة.
وقال إبراهيم الحناينة، وهو مزارع تفاح يملك عشرين دونماً في منطقة ظهر الجبل، لـ "نورث برس"، " إن التسعيرة التي وضعت تتسبب لهم بالخسائر وهي بعيدة كل البعد عن طموح المزارعين ولا تراعي تكاليفهم أو مجهودهم طوال السنة".
وأضاف: "أصبحت تكلفة ساعة عزاقة الأرض تتجاوز ثمانية آلاف ليرة وصهريج الرش الواحد يكلف /30/ ألفاً وهو ضعف ما كان عليه العام الماضي".
وتحتاج أشجار التفاح إلى خمسة "رشات" للمبيدات على الأقل من أجل المكافحة الحشرية، كما وصلت أجرة اليد العاملة في القطاف سبعة آلاف ليرة سورية للعامل في الساعة الواحدة، بحسب مزارعي تفاح في السويداء.
وتحتضن محافظة السويداء ما يقارب ثلاثة ملايين و/980/ ألف شجرة تفاح، تتوزع على /16,500/ هكتار من الأراضي الواقعة إلى الشرق من مدينة السويداء، في مناطق ظهر الجبل، وعرمان، وسالي، وقنوات، وبوسان.
وتعتبر تلك المناطق ملائمة لزراعة التفاحيات التي تحتاج لمرتفعات جبلية ودرجات حرارة منخفضة ونسبة أمطار عالية وكثافات ثلجية جيدة، كما تحتاج شجرة التفاح سنوياً لـ /3,450/ ساعة من الحرارة المنخفضة بين /2- و10/ درجة مئوية حتى تعيش وتثمر على نحو جيد.
لا دعم من الحكومة
ويرى مختصون أن بالإمكان الاستفادة من محصول التفاح في المنطقة الجنوبية بشكل أفضل لو توفر الاهتمام الحكومي، ولا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
وقال المهندس وجدي أبو رسلان، وهو رئيس دائرة التفاحيات في السويداء، لـ "نورث برس"، إن الحكومة ترتكب خطأً فادحاً حين لا تعامل محصول التفاح معاملة المحاصيل الاستراتيجية كالقمح والشعير والحمص، "رغم أن السويداء ستنتج من التفاح هذا العام ما يفوق /50/ ألف طن".
إذ يمكن لموسم التفاح في المحافظة، برأيه، أن يغطي حاجة السوق السورية، "وأن يصدر إلى الأسواق العالمية بالعملة الصعبة، ما سيزيد من توفر النقد الأجنبي في البنك المركزي ويعزز صمود الليرة السورية"، على حد قوله.
ولفت "أبو رسلان": إلى أن برادات الخزن والتسويق التابعة للحكومة السورية تستوعب ثلاثة آلاف طن فقط من التفاح، "وهي طاقة تخزينية ضئيلة مقارنة بكميات الإنتاج الهائلة، الأمر الذي فتح المجال لتجار القطاع الخاص بإنشاء برادات تخزين باهظة الثمن لا يحتملها الفلاح".
لا موافقة على التسويق الخاص
ورغم أن للقطاع الخاص مساوئ تتسبب ببعض الأضرار للفلاحين والمستهلكين، إلا أن غياب خطط تسويقية ناجعة للحكومة السورية دفع بعض التجار للتفكير في مشاريع تسويق خاصة قالوا إنها ستفيد المزارعين وإنتاجهم، لكن الأمر لم يخلُ من عقبات.
وقال أحد المغتربين من أبناء محافظة السويداء، طلب عدم كشف اسمه، لـ "نورث برس"، إنه واجه عقبات كثيرة حالت دون تحقيق رغبته في إنشاء شركة تسويقية خاصة تقوم بتصدير التفاح إلى خارج البلاد.
وأضاف: " قدم العام الماضي مستثمر لبناني كبير يملك الجنسية الكندية إلى محافظة السويداء، لإنشاء شركة كبيرة، بالشراكة معي، لتصدير التفاح إلى إيطاليا، حيث أبدى استعداده لإصدار شهادة منح خاضعة لشروط عالمية لإخراج إنتاج التفاحيات في السويداء من المحلية إلى العالمية".
وذكر "المغترب" أن العقبات تمثلت في "الحصول على الترخيص من الحكومة السورية، فقد اعتبرته بعض الجهات مضارباً للقطاع الحكومي".