الحسكة – جيندار عبدالقادر – نورث برس
تستمر معاناة سكان مدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، في ظل تأخر ضخ المياه إلى أحياء المدينة نتيجة قلة الوارد من محطة آبار علوك في سري كانيه الخاضعة لسيطرة الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية التابعة له، فيما تأخر الضخ من آبار الحمّة التي تعمل مديرية المياه على تجهيزها كحلٍّ بديلٍ بسبب تأخر توريد القطع والآلات الخاصة بتشغيلها نتيجة تفشي وباء كورونا في العالم، وفق الرئاسة المشاركة للمديرية.
وتعاني الحسكة من أزمة مياه شرب حادة، إذ تعتمد المدينة ومدن تل تمر والهول والشدادي ومخيمات النازحين على مياه محطة آبار علوك، وانقطاع المياه ونقص الوارد إلى هذه المناطق ينذر بكارثة إنسانية، بحسب تقارير منظمات حقوقية وإنسانية.
وعمدت القوات التركية بعد سيطرتها على سري كانيه أواخر العام الماضي إلى قطع المياه عن الحسكة وريفها لعدة مرات، خاصة في شهر تموز/يوليو الماضي بالتزامن مع درجات الحرارة العالية وانتشار وباء كورونا، الأمر الذي أكدت عليه منظمة هيومن رايتس ووتش وقالت إنه يضع المنطقة أمام خطر كبير وإن القوات التركية تستخدم المياه كسلاحٍ ضد المدنيين والنازحين.
وقالت يارا عبدالقادر (29 عاماً)، وهي من سكان حي الصالحية في الحسكة، إن معاناتهم مستمرة مع كيفية تأمين مياه الشرب، وإن معاناة عائلتها وعائلات جيرانها قديمة بسبب عدم وصول المياه في الكثير من الأحيان إلى منزلهم في حي الصالحية المرتفع لضعف الضخ.
وأضافت أن المعاناة تفاقمت مع سيطرة الجيش التركي على محطة آبار علوك منذ نحو /10/ أشهر، حيث لا تصلهم المياه إلا مرة كل عدة أيام لأن الحي أساساً يعاني من ضعف الضخ، “نقوم بشراء المياه من الصهاريج بمبالغ تتراوح بين /4000/ و/6000/ ليرة لكل خزان مياه مكون من خمسة براميل”.
وكان تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، قد حذَّر من أن قطع المياه المغذيّة لمدن شمال شرقي سوريا يعرّض حياة نحو نصف مليون شخص للخطر، لاسيّما في الوقت الذي يبذل فيه العالم جهوداً لمكافحة فيروس كورونا المستجد.
وأمام عدم استجابة تركيا للنداءات الدولية وغياب الحلول، اضطر كثير من سكان أحياء الحسكة مع تفاقم مشكلة نقص المياه إلى حفر آبار أمام منازلهم. ورغم ملوحة مياه تلك الآبار وعدم صلاحيتها للشرب، إلا أنه يتم استخدامها في الغسيل والتنظيف، بينما يتم شراء مياه الشرب.
وقال صالح جاسم الجربوع 57) عاماً)، الذي يقع منزله ضمن مساكن أوغاريت في الحسكة، إن المياه “قبل أشهر كانت تصلنا كل أسبوع، أما حالياً فتتأخر أحياناً لـ/12/ يوماً، فنقوم بشراء المياه من الصهاريج”.
وأضاف أنه اضطر لحفر بئر مياه بتكلفة /650/ ألف ليرة سورية لتأمين الاحتياجات المنزلية من غسيل وشطف وتنظيف.
من جانبها، قالت سوزدار أحمد، الرئيسة المشاركة للمديرية العامة لمياه الشرب في مقاطعة الحسكة، إن المشكلة تعود أساساً إلى قلّة الوارد من محطة آبار علوك التي يسيطر عليها الجيش التركي الذي يقوم بتشغيل /16/ بئراً فقط من أصل /30/ بئراً ارتوازياً في المحطة، إلى جانب تشغيل مضختين من أصل ثماني مضخات في المحطة.
وأضافت، في تصريح لـ”نورث برس”، إن كميات المياه التي تصل إلى الحسكة تُقدَّر بنحو /800/ متر مكعب في الساعة، وهي كمية “قليلة جداً” بالمقارنة مع حاجة المنطقة، “ننتظر يومين لملء الخزانات في محطة آبار الحمّة قبل أن يتم ضخها إلى أحياء المدينة”.
أما بخصوص عدم وصول المياه إلى أطراف المدينة والمناطق المرتفعة، علّلت “أحمد” الأمر “بنقص المياه وضعف قوة الضخ”.
وكانت المديرية العامة لمياه الشرب في مقاطعة الحسكة قد صرّحت، عبر مؤتمر صحفي في آذار/مارس الماضي، أنه تم البدء بحفر /50/ بئراً في محطة آبار الحمّة شمال غرب الحسكة للتخفيف من معاناة السكان.
وقال مسؤولو الإدارة الذاتية إن الآبار تم حفرها في الموعد المحدد إلا أن التشغيل تأخر بسبب عدم وصول المعدات والآلات الخاصة بتشغيل هذه الآبار نتيجة انتشار وباء كورونا في العالم.
ولفتت الرئيسة المشاركة للمديرية العامة لمياه الشرب في مقاطعة الحسكة إلى أن خمسة آبار من محطة الحمّة دخلت الخدمة فعلياً وقامت ورشاتهم بصيانتها وتشغيلها بحسب المعدات المتوفرة، ولكن الآبار الـ/45/ البقية لم تدخل الخدمة بسبب عدم وصول الآلات التي طلبوها من الخارج.