نازحو السويداء.. تدهور معيشي مع تراجع الدعم الإنساني منذ عام
السويداء – نورث برس
تقول عائلات نازحة في محافظة السويداء، جنوبي سوريا، إن أوضاعهم المعيشية تتفاقم وسط التدهور المعيشي في البلاد مع تخفيض المساعدات الإنسانية بعد عدم تمكنها من العودة إلى المناطق التي نزحت منها.
وشكلت محافظة السويداء مقصداً لآلاف من الفارين من مناطق النزاع خلال الأزمة السورية، ولا سيما من أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا في المنطقة الجنوبية.
ويبلغ عدد النازحين، حالياً، ما يقارب /800/ أسرة مسجلة، تقيم أغلبها في "معسكر الطلائع" في قرية "رساس"، /15/ كم جنوب مدينة السويداء، وفقاً لإحصائيات فرع الهلال الأحمر السوري في السويداء.
"سلة كل ثلاثة أشهر"
وقال نازح من مدينة حلب يقيم مع عائلته المؤلفة من ثمانية أولاد في مدينة السويداء، طلب عدم ذكر اسمه، إن المساعدات تقلصت منذ عام، فبعد أن كانت تقدّم لكل عائلة سلة غذائية في أول كل شهر، أصبحت تقدم كل ثلاثة أشهر، "رغم أن هذا الدعم غير كافٍ وتنتهي محتويات السلة المقدمة خلال الأيام العشرة الأولى من كل شهر".
وأضاف: "وصل سعر كيلو السكر إلى /1100/ ليرة، وكيس حفاضات الأطفال تضاعف مرتين، وأنا عامل بناء وقد انخفض العمل بالبناء كثيراً وأصبحت شبه متوقف، فكيف سأتمكن من تأمين متطلبات أسرتي وسط هذا الغلاء".
وقالت أم أحمد (اسم مستعار)، وهي نازحة من ريف حلب تضم عائلتها /11/ شخصاً مع أولاد ابنتها، إنه "من النادر" أن تحصل عائلتها على المساعدات التي لم تعد تفي بالحاجة.
وأضافت: "زوجي عمره 70 عاماً ومصاب بمرض قلبية، أصبحت المعيشة صعبة جداً، ولا أقدر تأمين احتياجات عائلتي".
المساعدات تحددها مفوضية اللاجئين
وعللت منظمة الهلال الأحمر السوري تقلّص الدعم بتقليص المساعدات المقدمة من الجهات المانحة ومفوضية اللاجئين التي لها مقر داخل مدينة السويداء.
وقال عبدي الأطرش، وهو رئيس منظمة الهلال الأحمر في السويداء، لـ "نورث برس"، إن كمية الدعم المقدّمة للنازحين من الجهات الدولية المانحة انخفضت بنسبة /35/ % بسبب تقليل المساعدات في السنوات الثلاثة الأخيرة من قبل الأمم المتحدة لسوريا.
وأضاف: "نقدم لهم الخدمات والرعاية بحسب برنامج منظمة الأمم المتحدة وبالتعاون مع مفوضية اللاجئين السوريين ".
وأشار "الأطرش" إلى دور الاعتبارات السياسية في التعامل مع الحكومة السورية والملف السوري في تخفيض المساعدات، الأمر الذي تسبب بمعاناة نازحين وسكان من ذوي الدخل المحدود في السويداء في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية عموماً.
توافد نازحين خلال ستة أعوام
وكانت محافظة السويداء قد استقبلت بين العامين 2012 و 2018، مئات الأسر من محافظات ريف دمشق ودرعا والقنيطرة وحلب وأريافها نتيجة المعارك في تلك المناطق، لتصل بعض تلك العوائل إلى السويداء عبر مهربين تقاضوا مبالغ كبيرة.
وقال أبو محمود (اسم مستعار)، وهو نازح من عربين بريف دمشق، هرب مع عائلته إلى السويداء في العام 2014، مقابل /300/ دولار عن كل فرد من عائلته المؤلفة من وزوجته وأولاده الثلاثة.
وكان أغلب النازحين ما بين عامي 2012 و 2014 قد جاؤوا من محافظة درعا وخاصة الريف الغربي نتيجة العمليات العسكرية الواسعة آنذاك بين الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلحة هناك، بينما كان القليل منهم من ريف دمشق الشرقي وخاصة بلدات عربين وسقبا ودوما والمليحة، بحسب الهلال الأحمر السوري.
لكن السويداء عادت لتشهد موجة نزوح ثانية ما بين 2014 و2016 من أهالي ريف دمشق الغربي، نتيجة توسّع العمليات العسكرية للحكومة السورية ضد فصائل المعارضة المتمركزة في داريا والقلمون الغربي آنذاك، إلى جانب قدوم نازحين من ريف درعا الشرقي وريف القنيطرة وريفي حلب الشمالي والشرقي.
واستمر توافد النازحين بعدها إلى السويداء حتى العام 2018بنسب أقل، بحسب سجلات الهلال الأحمر السوري.
وضمت محافظة السويداء عدداً من مراكز الإيواء في مناطق مختلفة من المحافظة لاستقبال موجات النزوح الثلاثة بين العامين 2012 و 2018.
وأحصت مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بالسويداء ومنظمة الهلال الأحمر السوري ما يقارب /35/ ألف أسرة نازحة، معظمها قادمة من محافظات درعا وريف دمشق والقنيطرة ونسبة أقل من محافظتي حلب ودير الزور.
وقد بلغ عدد الأفراد المسجلين لدى الهلال، ما يقارب /200/ ألف من رجال ونساء وأطفال تم توزيعهم على أربعة مراكز للإيواء في معسكر الطلائع والقريا وعرى وشهبا، بحسب ما أوضحه رئيس الهلال عبدي الأطرش لـ "نورث برس".
وكانت موجات النزوح للسويداء قد توقفت بعد اتفاق التسوية بين فصائل المعارضة والقوات الحكومية وتوقف العمليات العسكرية بالمنطقة الجنوبية ومناطق أخرى من سوريا في العام 2018، وعادت المئات من الأسر النازحة في محافظة السويداء إلى ديارهم في درعا ومناطق أخرى.