رسوم بمئات الآلاف.. طلاب في جامعة دمشق يشككون في استمرار مجانية التعليم
دمشق – وحيد العطار – نورث برس
أثار إعلان وزارة التعليم العالي، التابعة للحكومة السورية، عزمها مرة أخرى رفع الرسوم الجامعية اعتباراً من العام الدراسي القادم، موجة استياء واسعة لدى الطلبة مع استمرار الجامعات الحكومية بفرض رسوم "باهظة" على المقررات والوثائق الصادرة عنها.
وأصدر الرئيس السوري بشار الأسد، في 28 أيار/ مايو الفائت المرسوم (رقم 125) لعام 2020، القاضي بالسماح لطلاب مرحلة الإجازة الجامعية المستنفذين لفرص التسجيل، بالتسجيل مرة ثانية في كلياتهم ومنح عام استثنائي لطلاب دراسات التأهيل والتخصص ودرجة الماجستير المستنفذين فرص التقدم للامتحانات من خارج الجامعة وسنة ميلادية إضافية لطلاب درجة الماجستير والدكتوراه المسجلين في مرحلة الأطروحة قبل 1-3-2019.
وفي تصريحات له، مطلع شهر حزيران/ يونيو الجاري، أثارت موجة غضب واسعة في الأوساط الطلابية، كشف معاون وزير التعليم العالي رياض طيفور، عن ارتفاع مرتقب للرسوم الجامعية اعتباراً من العام الدراسي المقبل.
وعلى الرغم من أن المرسوم الرئاسي أثار ارتياح آلاف الطلاب إلا أنه جعل الراغبين منهم بالعودة إلى مقاعد الدراسة في مواجهة مشكلة دفع رسوم تُقدّر بمئات الآلاف، ما جعلها تضاهي رسوم بعض فروع الجامعات الخاصة للسنوات الفائتة، وهو ما أثار التساؤلات حول "حقيقة" بقاء التعليم الجامعي مجانياً.
وقالت سهى الجاسم، وهي طالبة في كلية الشريعة بجامعة دمشق: "تتجه وزارة التعليم العالي نحو جعل التعليم الجامعي مأجوراً، وقد قامت بالفعل باتخاذ الكثير من الخطوات بهذا الاتجاه عبر فرض رسوم بعشرات الآلاف على الطلبة الذين يكافحون في ظل هذه الظروف العصيبة لإكمال دراستهم الجامعية".
وقالت وداد عبد المنعم، وهي موظفة في قسم شؤون الطلاب بجامعة دمشق، لـ"نورث برس": "يتوّجب على الطلاب الذين استفادوا أو سيستفيدون من بنود هذا المرسوم، وهم بعشرات الآلاف، دفع مبلغ /400/ ألف ليرة سورية بالنسبة لكليات الطب إن كانوا قد دخلوا إلى الجامعة وفق مفاضلة التعليم الموازي، و/200/ ألف ليرة سورية إن دخلوا وفق التعليم العام".
وأضافت: "بالنسبة لطلاب أقسام الهندسة والفنون الجميلة، يتوجب عليهم دفع رسم /300/ ألف ليرة سورية إن كانوا مقبولين في الجامعة وفق مفاضلة التعليم الموازي و/150/ ألفاً إن كانوا مقبولين وفق مفاضلة العام، فيما يدفع طلاب كليات الهندسة الزراعية والطب البيطري المقبولون في مفاضلة التعليم الموازي /200/ ألف، و/100/ ألف بالنسبة للتعليم العام".
كما أصبحت رسوم كليات الحقوق والتربية والعلوم السياسية /160/ ألفاً للتعليم الموازي و/80/ ألفاً للتعليم العام، أما رسوم كليات الآداب والشريعة والمعاهد التقانية للعلوم السياحة والفندقية والمعهد التقاني للعلوم التطبيقية ومعهد الآثار والمتاحف فهي /120/ ألفاً للتعليم الموازي و/60/ ألفاً بالنسبة للمتقدمين للتعليم العام، وفق ما أكدته عبد المنعم.
ويدفع الطالب هذه الرسوم ليس فقط في مرحلة الاستنفاذ وإنما في بقية حياته الجامعية أيضاً، في وقت يشهد فيه الشارع أزمة اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة نتيجة انهيار الليرة السورية.
وتأتي هذه الرسوم رغم أن البند الأول من المادة /29/ من الدستور السوري للعام 2012 ينص على أن "التعليم حق تكفله الدولة، وهو مجاني في جميع مراحله، وينظم القانون الحالات التي يكون فيها التعليم مأجوراً في الجامعات والمعاهد الحكومية".
وذكر مدرّس في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن استراتيجية وزارة التعليم العالي لجعل التعليم الجامعي مأجوراً ومضاعفة الرسوم "ليست وليدة اليوم"، مشيراً إلى أنها بدأت مع استلام "عماد خميس" منصب رئاسة الحكومة وتعيين عاطف النداف وزيراً للتعليم العالي.
وأضاف: "خلال أحد الاجتماعات أكّد عاطف النداف على أن رئيس الحكومة أوعز إليه حرفياً بجعل الوزارة مساهمة بشكل فاعل في الميزانية العامة للدولة عبر رفع الرسوم الجامعية ومنح صلاحيات أوسع للجامعات الخاصة، إضافة إلى رفع رسوم الوثائق الجامعية التي بات البعض من رسومها بالعملة الأجنبية (الدولار)".
وقالت لمى الحسين، وهي طالبة في قسم اللغة الإنكليزية في جامعة دمشق، إنها قررت العزوف عن إكمال دراستها نظراً للرسوم المرتفعة التي تفرضها الجامعة على الطلاب.
وأضافت: "مجانية التعليم كذبة، عن أي مجانية يتحدثون وهذه الرسوم تضاهي رسوم الجامعات الخاصة منذ عام أو عامين".
وكانت وزارة التعليم العالي قد عدّلت، منذ حوالي عامين، رسوم التسجيل للطلاب النظاميين برسوم مضاعفة بمراتٍ عدة، كما أصدرت قراراً بإلزام الطلاب النظاميين بدفع رسوم التعليم الموازي طوال حياتهم الجامعية حال استنفاذهم أو تعرضهم لعقوبة جامعية، إضافة إلى رفع رسوم التعليم المفتوح.
كذلك أصدرت جامعة دمشق، منتصف كانون الأول/ ديسمبر الفائت، القرار (رقم 1129/9) الذي نصّ على إلزام الطلاب والكوادر الإدارية الذين صَدرت بحقهم عقوبات جامعية بدفع مبلغ مئة ألف ليرة سورية حال تسوية وضعهم، وهو ما دعم، بحسب تصريح سابق لمدير الشؤون القانونية في رئاسة الجامعة نبيل المقداد، صندوق الجامعة بعشرات الملايين سنوياً.