حلب – زين العابدين حسين – نورث برس
عاد جان هورو (16 عاماً) إلى استئناف تعليمه في معهد "دار ساز" للموسيقى، لكن في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب، شمالي سوريا، بعد أن كان يرتاد المعهد نفسه في عفرين شمال حلب قبل تهجيره أثناء هجمات الجيش التركي والفصائل التابعة له على المنطقة والسيطرة عليها في آذار/ مارس عام 2018.
ويستمر معهد "دار ساز" للموسيقى بحي الشيخ مقصود في حلب بتعليم الطلاب الكُرد المهجّرين من عفرين رغم الظروف الصعبة وتركه للمجهود الذي قدمه خلال سنوات في عفرين.
ويعتبر "دار ساز" أول معهد تأسس على مستوى منطقة عفرين عام 2001، لتعليم الموسيقى ونشر العلوم الموسيقية والعزف الأكاديمي وتوثيق الفلكلور الكُردي لمنطقة عفرين ونشره في المنطقة والعالم عموماً.
وقال هورو، لـ "نورث برس": "رغم مرارة النزوح إلّا أنني لم أتوقف عن تعلم الموسيقى، فالطنبور جزء مني ومن التراث العفريني الذي لم يغب عن نفسي أبداً".
وأضاف أنه بدأ بتعلّم الموسيقى قبل أربعة أعوام في عفرين، لكنه اضطر النزوح لحلب قبيل احتلال المدينة ، وأنه يستمر في تعلم الموسيقى إلى جانب دراسته محاولاً التوفيق بينهما قدر المستطاع.
وقال بهجت سرور(24 عاماً)، وهو مدير معهد "دار ساز" للموسيقى، إنهم تركوا في مركزهم بعفرين كلّ شيء من معدات ونوط موسيقية، فيما اتجه المدرسون والإداريون نحو مناطق مختلفة، فافتتح أحدهم فرعاً بهولير في إقليم كردستان العراق، وآخر افتتح فرعاً بمدينة غازي عينتاب التركية، وآخر بألمانيا، في حين افتتح هو مركزاً بالاسم نفسه في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب.
وأردف لـ "نورث برس": "المعهد في عفرين كان يضم أربعة مدرسين، بالإضافة لمدير المعهد حسن حموتو، وهو بدوره عازف وأستاذ للموسيقى كان يدرّس العزف على آلة الطنبور رفقة العازف ومدرس الموسيقى عبدو قلندر، وجودي قرجول التي كانت تدرّس العزف على الباغلما والكمان، في حين كان روني حنان يعلم المتدربين على آلة الغيتار.
وكان معهد "دار ساز" للموسيقى قد استطاع منذ تأسيسه عام 2001، استقبال أكثر من /16/ ألف طالب وطالبة جرى تخريج معظمهم، بحسب القائمين على المعهد
كما استقبل المعهد منذ إعادة فتحه في حي الشيخ مقصود طلاباً من سكان حيي الشيخ مقصود والأشرفية، بالإضافة لطلابه من مهجري عفرين ممن توجهوا إلى مدينة حلب.
وقالت عائشة أوسو (18 عاماً)، لـ "نورث برس"، إنّها التحقت بـ "دار ساز" في حلب، منذ بداية افتتاحه قبل عامين في الشيخ مقصود، بغية تعلم الغناء بشكل أكاديمي، وذلك لشغفها بالأغاني الكُردية منذ صغرها، ولكن ظروفها لم تسمح لها بالبدء مبكراً لتحقيق حلمها في الغناء.
وأضافت: "تعلمت أساسيات الغناء الأكاديمي خلال فترة شهرين تقريباً، وسأبقى هنا وأتدرّب حتّى أتخرّج من المعهد، فالغناء بالنسبة لي ليس مجرد موهبة يمتلكها بعضنا، وإنّما مدرسة ومنهاج كامل يجب أن ندرسه جيداً حتى نتخرّج ونحصل على الشهادة مثلها مثل الشهادة التعليمية".
ويبلغ عدد الطلاب في المعهد حالياً حوالي /80/ طالباً، تتراوح أعمارهم ما بين خمسة أعوام و /60/ عاماً، يتلقون التدريس بشكل فردي، لتعلم الغناء (صول فيج) والعزف على آلات الساز والباغلما والبزق والغيتار والكمان والكلارينت والعود والبيانو والأورغ.
وقال مدير المعهد إن "العازف علاء اتش اوغلي يقوم بتدريس الغيتار، والفنانان فيان سرور وفوزي حمزة يقومان بتدريس العزف على الكمان، وبقية الآلات أقوم أنا بتدريس الطلبة العزف عليها".
ويتذكر بهجت سرور الأمسيات والمهرجانات التي أقاموها في عفرين قبل سيطرة الجيش التركي وفصائل المعارضة عليها، والتي شارك في بعضها أكثر من /80/طالباً وطالبة من معهدهم، بالإضافة إلى مشاركتهم في مهرجان جنديرس عام 2005، ومهرجان آلة البزق على مسرح دار الأوبرا بدمشق عام 2019.
ولا يغيب عن عمل كوادر المعهد توثيق الأغاني التاريخية الخاصّة بتراث عفرين، حيث يسمع طلابهم وزائروهم أغنيات مثل ""De zave و"Sînemê" و "Kela hûrî" وغيرها الكثير من الأغاني التراثية الأخرى.