في الذكرى الـ 122 لانطلاق الصحافة الكردية.. انتقادات حول التوجه والأهداف
القامشلي – زانا العلي – نورث برس
أضاءت الصحافة الكردية، الأربعاء، الشمعة الـ/22/ بعد المائة لميلاد أول جريدة كردية، لكنها لا تزال تواجه انتقادات من الشارع الكردي تتعلق بالقضية القومية ومسائل متعددة تتعلق بالمهنية والتوجه الحزبي في تغطية قضايا المناطق الكردية.
في الـ22 من نيسان/ أبريل عام 1898، أسس الأمير الكردي مقداد مدحت بدرخان الجريدة الكردية الشهيرة "كردستان" التي اعتبرها العديد من المؤرخين أول صحيفة كردية، ليصبح هذا التاريخ يوماً للصحافة الكردية، يحتفل به الصحافيون الكرد والمؤسسات الثقافية والحزبية في كل من كردستان العراق وسوريا وإيران وتركيا وفي دول الشتات.
وقال آلان بكي (33عاماً)، من سكان مدينة كوباني، إن الصحافة الكردية لعبت دوراً إيجابياً في السنوات الأخيرة داخل روج آفا (شمال وشرقي سوريا)، ومارست دور السلطة الرابعة بطرح معاناة الناس للرأي العام، والضغط على الحكومة (الإدارة الذاتية) بشكل مقبول.
لكن حديثه، لـ"نورث برس"، لم يخلُ من انتقادات لوسائل الإعلام الكردية من ناحية "أنها بعيدة كل البعد عن الصحافة العالمية من حيث المهنية، فرغم التزايد الهائل في عدد وسائل الإعلام بكافة أشكالها, ولكنها لا تزال خجولة، ولم تستطع من جعل القضية الكردية قضية عالمية، بالمقارنة مع الصحافة العالمية التي تجعل القضايا من لا شيء إلى قضايا أساسية في العالم".
وشدد بكي على أن الصحافة المحلية لم تحقق شيئاً للقضية الكردية على المستوى الدولي، مشيراً إلى أنه " لولا تدخل الصحافة العالمية أثناء هجوم تنظيم "الدولة الإسلامية" على كوباني لما أصبحت المدينة عاصمة المقاومة العالمية. ورأينا أن الإعلام الكردي في عفرين لم يستطع فعل شيء".
فيما قالت أفين محمد يوسف، الرئيسة المشاركة لاتحاد الإعلام الحر، إنه لا يمكن مقارنة الصحافة الكردية بالصحافة العالمية لعدة أسباب، أهمها أن الكرد "منقسمون بين أربع دول محتلة لجغرافية كردستان، وتمارس تلك الدول كل الأساليب القمعية لطمس الهوية الكردية وخاصة لدى المثقفين منهم، بالإضافة لمحاولات إبادة الشعب الكردي، لذلك كان إصدار صحيفة كردستان بمثابة الخطوة الأولى في تاريخ الصحافة الكردية، وكانت خطوة جيدة وجريئة حينها، وعلى الرغم من تعدد الإصدارات والوسائل الإعلامية خلال 122 عاماً الماضية، إلا أن الصحافة الكردية لم ترقَ إلى المستوى المطلوب بسبب التفكك السياسي والصراعات الحزبية القائمة حتى الآن".
ومقداد مدحت بدرخان هو أحد أبناء العائلة البدرخانية، التي كانت حاكمة في جزيرة بوتان، المعروفة باسم جزيرة ابن عمر، والواقعة في ولاية شرناخ في تركيا، حالياً.
دفعه قمع السلطات العثمانية للعائلة للهجرة إلى القاهرة العاصمة المصرية حيث كانت تنشط الحركة الثقافية، ومن هناك، أصدر جريدته باللغة الكردية وبالأحرف العربية التي كانت معتمدة في ذاك الوقت.
صحافة حزبية
وخلال القرن الماضي، قلما كانت تصدر الصحف عن مؤسسات كردية مستقلة، بل ترافق صدور الصحف والمجلات الكردية مع الحراك السياسي، لا سيما الحزبي.
وقال الدكتور بختيار مدرس حسين، من سكان مدينة كوباني، إنه رغم كثرة وسائل الإعلام الكردية، لكنها لعبت دوراً سلبياً حيال قضية شعبها، فعجزت عن إحداث أي تغيرات إيجابية في مسألة الحقوق الكردية.
وفي السياق ذاته، أضاف آلان بكي أن معظم وسائل الإعلام في روج آفا، دخلت في الصراعات الحزبية نتيجة الولاء للأحزاب السياسية، لافتاً من جديد إلى أن سبب عدم تسويق القضية الكردية في الصحافة العالمية هو الأجندات الحزبية التي أصبحت جزءاً من الصراعات الحزبية.
وحول المسألة نفسها، اتفقت الرئيسة المشتركة لاتحاد الإعلام الحر، أفين محمد يوسف، مع حسين وبكي في أن الصحافة الكردية "لم تستطع أن تكون طرفاً في الوفاق بين الأطراف الكردية المتصارعة، بل سقطت في مستنقع التحزب والانحياز لطرف ضد الآخر، لتكون الصحافة في نهاية المطاف وسيلة لبث خطاب الكراهية الذي انعكس على المجتمع الكردي وتسبب في تفككه".
خطوات جيدة
وقال الصحفي هيبار عثمان، والذي يعمل مراسلاً صحفياً لقناة "الحرة" الأمريكية، إن الصحافة الكردية شهدت تطوراً ملحوظاً خلال الأعوام الماضية، نظراً لهامش الحرية الذي ساد المنطقة التي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، الأمر الذي لم يكن متوفراً أثناء سيطرة الحكومة السورية.
وأضاف، لـ"نورث برس"، أن العديد من الصحفيين الكرد حصلوا على جوائز دولية بالإضافة إلى عمل بعض الصحفيين الكرد مع القنوات العربية والعالمية المتميزة، وهو ما يعتبر تقدماً في مسيرة الصحافة.
وأشار عثمان إلى أن الوسائل الإعلامية الكردية استطاعت أن تحل محل وسائل إعلام عربية في نقل الأخبار عبر القنوات الكردية للمشاهد الكردي.
وقالت أفين يوسف، الرئيسة المشاركة لاتحاد الإعلام الحر: "نعم، استطاعت الصحافة الكردية إيصال جزء من واقع الشارع الكردي للمحافل الدولية في ثورة روج آفا، وهو الجانب العسكري والانتصارات على الدولة الإسلامية (داعش)، لكنها لم تستطع طرح القضية الكردية للعالم كقضية مصيرية لشعب بأكمله، ولم تستطع إيصال ثقافة وحضارة وتاريخ الشعب الكردي للعالم بالشكل المطلوب".