بعيداً عن أنظار “الأسايش” في الرقة.. مهن تزاول سراً خلال فترة الحظر
الرقة- مصطفى الخليل- نورث برس
يمارس أصحاب مهن في مدينة الرقة وريفها، شمالي سوريا، أعمالهم سراً خلال فترة حظر التجول، بعيداً عن أعين دوريات الأمن الداخلي (الأسايش) التي تشدد إجراءات إغلاق الأسواق والمحال، مبررين ذلك باحتياجاتهم المعيشية التي لا يتمكنون من تلبيتها دون عمل.
ويلجأ أصحاب هذه المهن إلى العمل في المنزل أو فتح محالهم سراً، في حين لا تتوفر هذه الفرصة رغم مخالفتها للقرارات لآخرين يفكرون في خروقات مماثلة في ظل عجزهم عن تدبير أمور معيشتهم واحتياجات عائلاتهم مع استمرار حظر التجول وإغلاق الأعمال.
وقال عبد الكريم (اسم مستعار)، وهو حلاق من قرى الكسرات في ريف الرقة الجنوبي، إنه يترقب مرور دوريات قوى الأمن الداخلي في منطقة الكسرات، ليفتح محله بعد ذهابهم حيث يكون قد نسق مسبقاً مع أحد الزبائن عبر الهاتف من أجل حلاقة شعره أو ذقنه. "مهنة الحلاقة مصدر رزقي الوحيد، ولا يوجد لدي مصدر رزق سواها".
وحاول عبد الكريم بداية تطبيق قرار حظر التجول ادخار "مبلغ بسيط" من المال أعانه بشكل نسبي على مصاريف معيشته، لكن ما يجنيه من عمله سراً "قليل جداً، كما أنني أعتذر من الأشخاص الذين لا أعرفهم، لأنني أخشى أن يتم الإبلاغ عني".
ويطالب عبد الكريم، الذي يخشى اكتشاف أمره من قبل دوريات الأمن الداخلي في الرقة، الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بأن تسمح للحلاقين في المدينة وقراها بفتح محالهم ليزاولوا مهنتهم، أو يتم تخصيص ساعات معينة لهم، ليتمكنوا من "تحصيل رزقهم".
وأدى انتشار فيروس كورونا المستجد في العديد من دول الجوار وفرض حظر التجول في مناطق شمال وشرقي سوريا منذ /23/ آذار/ مارس الفائت، إلى تعطل الكثير من المهن والأعمال التجارية في المنطقة.
وقال محمد علي (اسم مستعار)، البالغ من العمر (40) عاماً وهو من سكان الرقة، إنه كان يحلم منذ عشرين عاماً بفتح محل للشواء خاصاً به، بعد أن كان يعمل في مطاعم في المدينة، لكن حظر التجول جاء بعد أيام من استئجاره محلاً في حي الفردوس وسط الرقة. "كنت قد تمكنت أخيراً من ادخار مبلغ مالي بسيط بحدود/40/ ألف ليرة، لدفع آجار المحل وتجهيزه بمعدات شوي وطاولات".
لكنه خصّص القسم الخلفي من مطعمه لجلوس الزبائن ليقدم لهم وجبات الشواء، بعيداً عن أنظار دوريات قوى الأمن الداخلي في الرقة.
وفي القسم الخلفي، من مطعم محمد علي، في بناء منزلي كان قد تضرر بفعل القذائف أثناء الحرب في الرقة عام 2017، يجلس الزبائن ويعلق أحدهم، بطرافة على التخفي أثناء تناول صندويشة الكباب "يا محمد.. الله يحميك من الحكومة وكورونا".
وقال محمد علي، في حديث لـ"نورث برس"، "أعرف أن هذه مجازفة، ومغامرة، قد توصلني إلى عقوبة الحبس عند الأسايش، ولكن ماذا أفعل؟ أريد تعويض جزء قليل من خسائري".
ويعد زبائنه بأنه سيقدم لهم أطيب اللحوم المشوية علناً بعد تلاشي مخاطر انتشار فيروس كورونا وانتهاء حظر التجول في الرقة، "هذا في حال لم أسجن بعد افتضاح أمري من قبل الصحافة"، يردف مبتسماً.
ومنذ سريان حظر التجول في الرقة، انقطع حليم الحسن(اسم مستعار)، /27/ عاماً، أيضاً عن ارتياد محله لتصليح الهواتف في شارع الوادي وسط مدينة الرقة، لكنه لا يستطيع العمل من منزله الواقع في حارة الشعيب، أحد أحياء مدينة الرقة القديمة، ولا حتى في محله بعيداً عن أعين قوى الأمن الداخلي، "لانقطاع الناس عن الحركة بسبب قرار حظر التجول، ولأن المنزل غير مناسب ليكون مكاناً لمزاولة مهنة تصليح أجهزة الهاتف المحمول".
وأضاف الحسن، وهو متزوج ولديه طفل وينتظر قدوم مولود جديد، "أستدين بعض المبالغ المالية من الأصدقاء والمعارف، وصلت حتى الآن إلى أكثر من/75/ ألف ليرة سورية كمصاريف معيشية لأسرتي، كوني لم أحصل على مساعدات من قبل أي منظمة أو أي جهة في هذه الفترة".
وأشار الحسن إلى أنه سيضطر مع ازدياد ديونه، في حال استمر الحظر، للعمل بشكل سري أو من داخل المنزل كونه لا يملك أي مصدر دخل آخر.