قرار منع عمل المضيفات.. تخوف عاملات في الحسكة من فقدان العمل وغياب البديل

 

الحسكة – دلسوز يوسف/ جيندار عبدالقادر- نورث برس

 

تتخوف عاملات في مطاعم وكافيتريات في الحسكة، شمال شرقي سوريا، من فقدان عملهن وعدم الحصول على وظيفة أخرى، بعد إصدار هيئة المرأة في الإدارة الذاتية في شباط/ فبراير الفائت قراراً يقضي بمنع تشغيل المضيفات في المواقع والمنشآت السياحية.

 

وفي إحدى الكافيتريات الخاصة بالعائلات وسط مدينة الحسكة، تدأب شابة على تقديم الطلبات للزبائن كعاملة مضيفة، متحدية بذلك تقاليد المجتمع الذي نادراً ما يسمح للمرأة بالعمل في هكذا مجال، لكن القرار الجديد يهدد قوت عائلتها في عدم توفر حلول بديلة.

 

حاجة للعمل

 

وقالت ميس (20 عاماً)، والتي اختارت لنفسها هذا الاسم المستعار وفضلت عدم الكشف عن هويتها، إنها المعيلة الوحيدة لوالديها المسنين عقب زواج شقيقاتها والتحاق شقيقها بالخدمة الإلزامية لدى الحكومة السورية.

 

وأضافت أن ضعف الأجر الشهري الذي كانت تتقاضاه دفعها لترك العمل في كافتيريا أخرى سابقاً لتنتقل إلى بائعة في محل للألبسة ثم عملها الحالي. "أعمل حالياً لمدة /8/ ساعات يومياً مقابل أجر شهري /60/ ألفاً (أقل من 60 دولاراً) ما عدا الساعات الإضافية، الأجر قليل لكنه يسد بعض احتياجاتي اليومية".

 

لا يختلف حال خلود (اسم مستعار)، عن حال مثيلتها ميس بعد أن أجبرتها الحرب والظروف المادية الصعبة على ترك دراستها في كلية الاقتصاد بجامعة حمص، والعمل كعاملة مضيفة في محل بيع حلويات، لتساعد أسرتها على تحمل الأعباء المادية.

 

"أحظى باحترام كبير لدى أرباب العمل ويعاملونني بسلوك حسن، لكن العقلية المجتمعية ترى عملنا كمضيفات غير مناسب للمرأة".

 

العادات والتقاليد

 

وتنحدر الشابة ميس من عائلة محافظة، وترتدي الحجاب والألبسة الطويلة الفضفاضة، إلا أنها بعملها هذا كسرت حاجز العادات والتقاليد المتعارفة في المنطقة، والتي نادراً ما تسمح للمرأة في العمل ضمن هكذا مجال، وفق قولها.

 

"عادات وتقاليد المجتمع لا تسمح بذلك، أعي الأمر جيداً، فأنا كفتاة لست راضية بأن أقدم الطلبات للشباب، لكن ماذا أفعل أنا مجبرة على العمل".

 

وأضافت أنها مقبلة العام القادم على تقديم البكالوريا (امتحانات الشهادة الثانوية)، في مسعى للحصول على شهادة من شأنها تأمين فرصة عمل أفضل لها.

 

وكان عمل الفتيات والنساء في الحسكة في الأسواق عموماً وفي المواقع والمنشآت السياحية خصوصاً نادراً جداً، بسبب منعهن من قبل عائلاتهن نتيجة البيئة المحافظة وتأثير العادات والتقاليد العشائرية في الجزيرة السورية، إلا أن أسواق مدن وبلدات المنطقة شهدت خلال الأعوام الأخيرة مشاريع نسائية وتجارب لعمل النساء في مجالات عديدة.

 

تحرش

 

وتعمل ميس بمفردها كمضيفة ضمن الكافتيريا رفقة شابين، ورغم تعرضها للتحرش عدة مرات، إلا أنها لا تريد ترك عملها، "تعرضت للعديد من المرات للتحرش اللفظي أثناء العمل، لكنني لا أهتم للترهات والكلام الفارغ، ما يهمني هو عملي فقط".

 

وتطالب بإعادة النظر بقرار هيئة المرأة الذي يمنع عمل النساء والفتيات كعاملات في الفنادق والمطاعم والكافيتريات، فتعرض بعض المضيفات للتحرش لا يعني إصدار هكذا قرار، على حد قولها.

 

"يجب محاسبة المتحرشين وليس إيقافنا عن العمل (..) سيتسبب تطبيق القرار دون إيجاد حلول بديلة بمشاكل كثيرة لي، فليس لعائلتي مصدر رزق غير عملي هذا".

 

تناقض مع قانون المرأة

 

ورغم أن قانون المرأة الذي أصدرته الإدارة الذاتية الديمقراطية عام 2014 ينص على "المساواة  بين الرجل والمرأة في كافة مجالات الحياة والمساواة بين الـرجل والمرأة في حق العمل والأجـر"، إلا أن قرار هيئة المرأة الصادر الشهر الفائت ينص على منع عمل المضيفات في المنشآت السياحية.

 

وقالت الإدارية في هيئة المرأة بـ"إقليم الجزيرة"، زينب صاروخان، لـ"نورث برس"، إنهم أصدروا هذا التعميم "نتيجة البلاغات الكثيرة التي قُدمت إليهم حول حالات تحرّش في المنشآت السياحية"، بالإضافة لاستغلال النساء، على حد قولها.

 

وأضافت صاروخان إنهم يعملون على حلول بديلة من خلال إصدار قانون ينظم عمل النساء في المنشآت، وافتتاح مشاريع اقتصادية خاصة بالمرأة كذلك.

 

وترى هيئة المرأة أن بإمكانها فتح دورات تدريبية للنساء، من أجل تعلم بعض المهن كالخياطة والتمريض، بالإضافة إلى توعية النساء العاملات كي لا يكنّ عرضة للاستغلال، بحسب الإدارية في هيئة المرأة.

 

وفي الحين الذي لم تتطرق صاروخان إلى أي آلية متبعة من قبل هيئة المرأة للحد من تعرض النساء للتحرّش في المنشآت السياحية وميادين العمل الأخرى، تتخوف ميس وخلود ومضيفات أخريات من تطبيق قرار منع عملهن.

 

وصفت خلود الأمر بالكارثي، متسائلة، كيف ستعيش هؤلاء الفتيات إذ تم منعهم من العمل الذي أجبرن على الانخراط فيه بسبب أوضاعهم المادية الصعبة!؟.

 

وزادت "العمل ليس عيباً، أنا فخورة بنفسي لأنني أساعد أسرتي ولا أمد يدي لأي أحد".