تحت أنظار القوات الروسية والأمريكية.. قرى تل تمر تنام على أصوات القذائف

الحسكة – دلسوز يوسف – نورث برس

 

تشهد خطوط التماس بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة المسلحة بريف بلدة تل تمر وبلدة أبو راسين المجاورة وصولاً إلى الحدود التركية هدوءاً نسبياً خلال فترة النهار قبل أن يتحول هذا الهدوء إلى قصف واشتباكات في ساعات المساء.

 

ويتكرر القصف رغم تواجد القاعدة الروسية بتل تمر في محطة الأبقار (المباقر) شمالي المدينة، وانتشار حواجز أمنية لقوات حرس الحدود السورية المعروفة بـ "الهجانة"، والتي ترفع العلمين السوري والروسي، بينما تنتشر القوات الأمريكية في المداخل الرئيسية للمدينة، بحسب سكان من قرى المنطقة.

 

ولم يحصل الرجل الستيني، إبراهيم العلي، على مأوى عقب نزوحه بعد وصول القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها، إلى مشارف قريته تل الورد بريف تل تمر غرب محافظة الحسكة، فعاد أدراجه إلى منزله مجبراً رغم المخاطر التي تحدق بقريته التي باتت خط مواجهة، لينام هو وأطفاله على أصوات القذائف التي تنهال يومياً بالقرب منهم.

 

الخوف من القذائف العشوائية

 

ويتجول إبراهيم في فسحة منزله الريفي وهو يجول بنظره نحو القرية شبه الخالية من السكان، ويقول لـ "نورث برس"، إن قرية تل الورد تحوي نحو /300/ منزل، لكن لا يقطن فيها سوى ثلاثين عائلة فقط حالياً، بسبب نزوحهم منها.

 

وأضاف، " أصبحت قريتنا شبه مهجورة ونشعر بالخوف وعدم راحة البال بسبب القصف المستمر علينا وعلى القرى المجاورة، الأصوات المدوية التي نسمعها يومياً تنشر الهلع بين السكان".

 

واستغرب الرجل المسن من استمرار القصف بالرغم من تواجد القوات الروسية والأمريكية في المنطقة، "تقع قرانا تحت بحماية القوات الحكومية إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية، بينما تتمركز القوات الروسية والأمريكية في مدينة تل تمر، لكن لا تزال القذائف تنهال على قرانا".

 

وشنت تركيا وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها، في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، عملية عسكرية شمالي سوريا تمكنت بموجبها من السيطرة على مدينتي رأس العين/ سري كانيه وتل  أبيض، ما تسبب بنزوح /300/ ألف شخص ومقتل /150/ مدنياً، بحسب تقرير لمنظمة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش).

 

"ننام على أصوات القذائف"

 

إلى جانب إبراهيم، وقف شاب، فضّل عدم الكشف عن هويته، وقال إن حياتهم باتت "بائسة"، مضيفاً بألم، "ننام على أصوات القذائف لا أحد يهتم لأمرنا، وإن قتلنا سنكون رقماً ضمن سجلات ضحايا الأزمة السورية".

 

ورغم إعلان روسيا وتركيا لهدنة في سوتشي نهاية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر العام الفائت، إلا أنها بقيت هشة في ظل التوتر المستمر الذي تشهده المنطقة، لأن المسافة الفاصلة بين الأطراف المتحاربة تقدر في بعض الأماكن بنحو /500/ متر فقط.

 

وباتت أرياف مدينة تل تمر وبلدة أبو راسين التي يسكنها خليط من العرب والكرد والمسيحيين منطقة شبه عسكرية، حيث تشهد الطرقات الرئيسية مرور مئات العربات العسكرية مقابل قلة حركة السيارات المدنية لسكان المنطقة.

 

مسلحو الفصائل يزرعون الأراضي لصالحهم

 

وفي قرية أم الكيف، /3/ كم شمال مدينة تل تمر، يقف الشاب عبد العزيز الصالح أمام سياج حديدي ضمن القرية وهو ينظر إلى حقله الذي لا يبعد سوى كيلومتر واحد، لكنه لا يستطيع الوصول إليه بسبب تمركز الفصائل المعارضة المسلحة بالقرب منه.

 

وقال الصالح، "لدي أرض زراعية في قرية السيباطية، تقع بعد قناة الري على بعد /1/ كم عن هنا، السنة الماضية كان الموسم وفيراً لكن هذا العام بسبب الدمار ودخول الفصائل المسلحة للمنطقة لم نتمكن من الوصول إليها وزراعتها، ووردتنا معلومات عن قيام المسلحين بزراعة الأراضي لصالحهم".

 

وأضاف أن أوضاع المنطقة تتجه للأسوأ في ظل سيطرة المسلحين التابعين لتركيا الذين وصفهم بمن "لا يعرفون سوى السلب والنهب والدمار"، متحسراً "أرضي التي هي مصدر رزقي الوحيد، يقومون بزراعتها أمام عيني ولا يمكنني فعل شيء".

 

وأشار الصالح إلى أن الأهالي لا يرون أي دور للقوات الأمريكية والقاعدة الروسية في دعم الاستقرار أو حماية السكان ، "بدل الدفاع عنا يعترض كل طرف دوريات الآخر في الطرقات ".