إسرائيل تعكسُ تقديراتها: حزب الله يعمق سيطرته ونفوذه في لبنان

رام الله ـ أحمد اسماعيل ـ نورث برس

 

ترى الأوساط الأمنية الإسرائيلية أن الأزمتين اللتين تجتاحان لبنان في هذه الأيام – أزمة فيروس "كورونا" والأزمة الاقتصادية – تساعدان حزب الله على نحو كبير في تعميق سيطرته ونفوذه في هذا البلد، وفي تأكيد أنه لاعب لا يجوز تجاهله أو الالتفاف عليه.

 

وجاء هذا الاستنتاج على عكس تقدير عناصر أمنية إسرائيلية، أن الحزب يعاني التراجع، ولا سيما إثر إعلان ألمانيا أنه "منظمة إرهابية" واحتمال أن تحذو فرنسا حذوها.

 

وبحسب قراءات إسرائيلية رصدتها "نورث برس" فإن أزمة "كورونا" منحت حزب الله فرصة لم يكن يحلم بها لتعظيم سمعته ومكانته.

 

فقد نجح الحزب في إقامة منظومة طبية لا تخجل منها أي دولة تمتلك قدرات وأموالاً، تتألف من /4500/ طبيب وطبيبة، وممرض وممرضة، ومساعدين إداريين، بالإضافة إلى /5000/ متطوع، وأربعة مستشفيات، و/450/ سريراً طبياً، و/32/ مركزاً لتشخيص الإصابة بالفيروس، وأكثر من /50/ سيارة إسعاف، بحسب تقارير إسرائيلية.

 

بدورها، تعتبر صحيفة "معاريف" أن وزير الصحة اللبناني هو مندوب حزب الله، وميزانية وزارته لا تخضع لمراقبة مجلس الوزراء ولذا، فإن استغلالها ممكن من دون مضايقة من أحد، وهذا ما يفعله الحزب- بحسب الصحيفة.

 

وتعتقد الدوائر الاستراتيجية في تل أبيب أنه في بداية الأزمة تصرّف حزب الله كجهة رسمية، وقدم العلاج والمساعدة إلى عموم السكان. لكنه سرعان ما غيّر هذا التصرف وبدأ يتباهى علناً بأنه يعمل لمصلحة "مجتمع المقاومة"، وهو ما أثار غضب باقي الطوائف في لبنان عليه، والتي تشعر بأن أيديها مكبلة.

 

أمّا الأزمة الثانية، وهي الأزمة الاقتصادية القديمة – الجديدة، فإنها تشكل أرضية خصبة لحزب الله من أجل تعميق نفوذه في لبنان. وبعد أن نجح الحزب في إيقاف التظاهرات التي عمت البلد في الأشهر الأخيرة من خلال استعمال مجموعات بلطجيين تابعة له، ها هو الآن يطلق تهديدات جديدة في ضوء التظاهرات المتجددة ضد الوضع الاقتصادي الآخذ بالتدهور أكثر فأكثر، وانخفاض قيمة الليرة اللبنانية، ونقص المواد الاستهلاكية الحيوية في الأسواق. وهو يحظى بدعم الرئيس اللبناني ميشال عون الذي يمتلك صلاحيات كثيرة، من وجهة النظر الإسرائيلية.

 

إن المساعدة العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة إلى الجيش اللبناني، من منطلق إيمانها بأنه الهيئة الوحيدة التي يمكنها أن تواجه حزب الله، لم تؤد حتى الآن إلى تحقيق النتائج المرجوة، وعملياً، فإن أي جهة في لبنان لا تستطيع وهي غير معنية بمواجهة مع حزب الله.

 

بناء على ذلك، تعتقد تل أبيب أن ما تشهده الفترة الأخيرة هو تعاظم قوة ونفوذ حزب الله وليس تراجعهما كما تقول عناوين بعض وسائل الإعلام في إسرائيل. وتقول إنها تأخذ في الاعتبار أيضاً أنه في حال اندلاع حرب مع إسرائيل في المستقبل، سيكون تحت تصرف الحزب، بالإضافة إلى تشكيلات المقاتلين الذين اكتسبوا تجربة عسكرية من ميادين القتال في سوريا، منظومة طبية مهمة للمساعدة في علاج المصابين من صفوفه، أتاحتها له أزمة "كورونا" كما لو أنها "هبة من السماء"، على وصف الجهات الأمنية الإسرائيلية.

 

من جهته، أكد مصدر متابع للشأن العسكري الإسرائيلي لـ"نورث برس"، أن إسرائيل كانت تعول على الضغط الاقتصادي على حزب الله والاحتجاجات ضد الفساد في لبنان ومروراً بأزمة "كورونا"، بما يمكن أن يؤدي إلى إضعاف الحزب أو على الأقل لجم نفوذه الداخلي وأنشطته الخارجية.. لكنّ هذا لم يحدث وفق هذا المصدر.