بيروت – ليال خرّوبي – NPA
شهد الوضع الأمني في لبنان توتراً خلّف قتيلينْ وعدداً من الجرحى وتقطيعاُ لأوصال بعض المناطق على خلفيّة زيارة وزير الخارجية جبران باسيل إلى منطقة "عاليه" في محافظة الجبل.
القصةُ بدأت قبل أيام مع توارد تقارير أمنيّة أفادت بأن الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتزعمه النائب السابق وليد جنبلاط يحضّر لتوتير الشارع خلال زيارة باسيل التي كانت مقررة مساء أول أمس الأحد، وذلك بحسب ما أدلى به وزير الدفاع الياس بو صعب، المحسوب سياسياً على التيار الوطني الحر الذي يتزعمه باسيل، خلال تصريح صحفيّ.
لكنَّ التوتّر انفجر في وجه موكب وزير شؤون النازحين صالح الغريب، المحسوب على الحزب الديمقراطي اللبناني، ذلكّ أنَّ إقفال الحزب التقدمي الإشتراكي الطريق الواصلة إلى بلدة كفرمتّى التي عزم باسيل على زيارتها، دفعته إلى البقاء في قرية شملان بحسب ما ذكر الوزير الغريب وأضاف:"وإنصافاً للحق والحقيقة، باسيل أخذ القرار بعدم المجيء إلى المنطقة قبل وقوع الإشكال، حرصاً منه على السلم الأهلي، وتم التوافق على تأجيل الزيارة إلى وقت آخر حقناً للدماء".
لكنْ ما حصلَ في تلك اللحظة الدموية يحمل روايتين الأولى للحزب التقدمي الاشتراكي والثانية للوزير الغريب، فالإشتراكيون يؤكدون أن موكب الغريب باشر أولاً بإطلاق النار على المحتجين فردّ بعض من كان يحملون سلاحاً باتجاه مصادر النيران، لكنّ الوزير الغريب ينفي هذا الرواية ويوضح:" لما أتينا من شملان، حيثُ التقيتُ باسيل، واستدراكا للوضع وعدم رغبتنا في استفزاز احد، اتيت لوحدي ولم يسمح لنا بالمرور، وحاول الموكب فتح الطريق عندها بدأ اطلاق النار ما أدى إلى مقتل اثنين من مرافقيّ".
تقطيع أوصال مناطق عدّة
كعادةِ أيّ توترٍ أمني وسياسي في لبنان تُستخدمُ الطرقات كأداة تعبيرٍ عن الغضبْ، فانعكس الوضع على الشارع في أكثر من منطقة، حيثُ أغلق مناصروا الحزب الديمقراطي اليوم الاثنين طريق بيروت – دمشق الدولي في منطقة بعلشمية – صوفر لما يقارب الساعة قبل أن تفتحها القوى الأمنيّة.
كما أغلق مناصرو الحزب ليل أول أمس أوتوستراد خلدة الواصل بين محافظات الجنوب والبقاع والعاصمة بيروت، وطرق صوفر وعاليه وبحمدون، اضافة الى منطقة حاصبيا في الجنوب.
تطويق ذيول الإشكال
اتخذ المجلس الاعلى للدفاع قرارات حاسمة باعادة الامن الى المنطقة التي شهدت الاحداث الدامية، وبعد التئامه اليوم استثنائياً برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون, أكد المجلس في بيانه أن "التحقيقات ستتم بسرعة باشراف القضاء المختص، وذلك وأداً للفتنة وحفاظا على هيبة الدولة وحقناً للدماء".
كما اجتمع عون بكلٍّ من رئيس الحزب الديمقراطي طلال ارسلان والوزير صالح الغريب للوقوف على تفاصيل الإشكال، فيما أكد إرسلان أنَّه :" كان هناك كمين محكم لموكب الوزير الغريب"، ودعا الدولة إلى " حماية الناس وإلا عمدوا إلى حماية أنفسهم".
خلفيات الإشكال
بحسب عدة مصادر إعلامية فإنَّ خلفية الإشكال الدموي كانت أبعدَ من زيارةِ باسيل إلى مناطق نفوذ جنبلاط حيث ذكرت صحيفة الحياة أنّه نسب إلى باسيل قوله أمام أنصاره في بلدة الكحالة خلال جولته الجبلية:" تعرفون تاريخ الرئيس عون في الكحالة وسوق الغرب وضهر الوحش وكل هذه المنطقة التي حمت الشرعية بمعناها العميق." حيثُ تردّدَ أن إذاعة هذا الكلام أثار حفيظة جمهور الاشتراكيين لأنه يذكرهم بمرحلة الحرب الأهلية حيث كانوا في مواجهة عون في منطقة سوق الغرب.
بدورها صحيفة الأخبار اللبنانية لفتت إلى أنَّ "عراضة جنبلاط لم تكن غايتها الوقوف في وجه جبران باسيل، بقدر ما هو تخويف آل فتوش من مغبة الاستمرار في بناء معمل لهم في عين دارة، سينافس معمل جنبلاط في سبلين"، كما أنَّ الصحيفة نقلت عن مصادر مقربة من جنبلاط قوله في أكثر من مناسبة أنَّ "معمل عين دارة هو موقع عسكري متقدّم للنظام السوري وحلفائه في الجبل، وكما لم يسقط الجبل في الحرب، لن نسمح بسقوطه سلماً".