صيف المخيمات في الحسكة.. حرارة خانقة وأمراض تهدد حياة النازحين
سامر ياسين – نورث برس
تعاني فطوم إبراهيم في خيمتها البسيطة وسط مخيم “واشوكاني” بريف الحسكة، تحت حرارة أشعة شمس الصيف اللاهبة التي أفقدتها إحدى عينيها بسبب الحرارة، والأخرى بالكاد ترى بها بعد عملية جراحية مكلفة.
ويقطن في مخيم واشوكاني نازحون من سري كانيه (ر أس العين)، الذي أنشأته الإدارة الذاتية في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019، نحو 16,876 شخصاً موزعين على 2,377 عائلة، نزحوا من مدينتهم بعد الاجتياح التركي للمدينة والسيطرة عليها أواخر عام 2019.
“خيام مكشوفة”
تقول “إبراهيم”، إن “الحرارة تؤثر عليّ بشكل كبير، والمروحة التي نملكها بالكاد تعمل بسبب انقطاع الكهرباء المستمر، والأطفال في المخيم يمرضون كثيراً وسط خيام المكشوفة وظروف صعبة”، مع اشتداد درجات الحرارة وانتشار الأمراض، على حد وصفها.
وتعيش السيدة السورية مع عائلتها في مخيم واشوكاني بريف الحسكة، بعد أن اضطرت للنزوح من قريتها “الدشيشة” بريف بلدة تل تمر المتاخمة لريف سري كانيه، عقب هجمات فصائل مسلحة موالية لتركيا على ريف البلدة، منذ أواخر 2019.
وتشير إلى أن الحرارة أثرت عليها بشكل كبير، حيث فقدت الرؤية في عينها بالكامل بعد إصابتها بالحرارة العام الماضي، بينما أجرت عملية جراحية في العين الأخرى لتحسين رؤيتها، بتكلفة بلغت 250 ألف ليرة سورية قبل أربع سنوات.

وتضيف لنورث برس، أن لديها مروحة صغيرة في خيمتها، لكن انقطاع التيار الكهربائي المتكرر وارتفاع كلفة الاشتراك الشهري للكهرباء (37 ألف ليرة سورية) يجعل استخدامها محدوداً للمروحة ووسائل التبريد بشكل عام.
وتتابع أن “الأطفال في المخيم يتأثرون بشكل كبير من الحرارة بسبب عدم توفر وسائل التبريد، خاصةً مع استخدام خيام مصنوعة من نايلون رديء لا يحمي من الحرارة”.
وتبين أنها كمثل سكان المخيم “يشربون من مياه الخزانات المنتشرة، والتي لا يتم تبريدها بسبب تعطل برادات المياه وعدم توفر الكهرباء لفترات كافية لتشغيلها”.
أطفال يصارعون الأمراض
أحمد العيدان أيضاً من سكان المخيم ونازح مع عائلته من قرية المناجير بريف رأس العين، يتحدث لنورث برس عن معاناة العيش في المخيم خلال الصيف والحرارة العالية.
ويقول (العيدان) إن الخيام بالية وقديمة، والحرارة مرتفعة جداً، والتيار الكهربائي ضعيف جداً، بحيث مولدة الأمبيرات تعمل فقط من الساعة الثانية بعد الظهر، ولا تكفي لتبريد الخيمة أو المياه، حسب تعبيره.
ويضيف أن الأطفال في المخيم لا يتحملون درجات الحرارة المرتفعة كالكبار، وذكر حادثة مع ابنه الصغير الذي تعرض لارتفاع حرارة عالية وصل لمرحلة الصرع بسبب الاختلاج الحراري، واضطروا لسكب مياه باردة عليه ليستطيعوا إيصاله للمستوصف.
ويتابع: “رغم أننا نملك مروحة ومكيف، لكن قلة الكهرباء تمنعنا من استخدامهما، والمياه الباردة لا تتوفر لنا، فنضطر لشراء قوالب الثلج (بوظ) لأن البراد غير قادر على تبريد المياه، وخاصة أننا عائلة كبيرة تحتاج للكثير من المياه الباردة”.
فيما تقول شيخة مخلف، وهي من سكان المخيم ونازحة من قرية الطويلة بريف سري كانيه، إن “التيار الكهربائي معدوم تقريباً، ما يجعل تشغيل المكيفات والبرادات مستحيلاً، وهذا يؤثر على شرب المياه الباردة وحفظ الطعام والخضروات والخبز”.
وتضيف أن الخيام باتت بالية ومتأثرة بشدة بأشعة الشمس والحرارة، مشبهة إياها بقطعة حديد تُترك لفترة طويلة تحت الأمطار والحرارة، لتنهار وتتهالك، ولفتت إلى أن خيام المخيم مصنوعة من نايلون فقط، حسب وصفها.
وتشير إلى أن الأطفال يتأثرون كثيراً بالحرارة، حيث ينتشر بينهم الإسهال وأمراض اللوزات، بينما يتحمل الكبار هذا المناخ بشكل أكبر.
مئات الإصابات بالجرب
تحذر آمد أحمو المسؤولة الصحية بالهلال الأحمر الكردي في مخيم واشوكاني، من ارتفاع معدلات الأمراض مثل الإسهال والجرب واللاشمانيا في المخيم خلال فصل الصيف.
وتقول “أحمو” إنهم سجلوا في العام الماضي “أكثر من 2000 حالة إصابة بالجرب، ونحو نفس العدد من حالات الإسهال، بينما كانت حالات اللاشمانيا قليلة، والكوليرا سجلت حالتين فقط”.
وتشير المسؤولة الصحية في المخيم إلى أن الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن هم الفئات الأكثر تضرراً، والتي أسمتهم “بالفئات المستضعفة”، مبينة أن استمرار انتشار الإسهال والجرب مرتبط بقلة الوعي وغياب وسائل التبريد والمياه الباردة.
ولفتت أن المياه في الصهاريج تحوي مواد تعقيم تسبب الإسهالات، محذرة من أن انتشار القمامة والذباب داخل المخيم يزيد من خطر الأمراض، خاصة لدى الأطفال، مع وجود خيام تأوي أكثر من 10 أشخاص وخلوها من وسائل التبريد ما يزيد من خطورة انتشار الأمراض، وفق “أحمو”.
ويرعى المخيم من الناحية الطبية، بشكل رئيسي منظمة الهلال الأحمر الكردي، إلى جانب بعض المنظمات غير الحكومية، وفي السابق منظمة الصحة العالمية، التي بدأت تتبنى الحالات الحرجة في المخيم بداية عام 2023، لحين إعلان انسحابهم من المخيم ومخيمات أخرى، بداية شهر نيسان/أبريل من العام الفائت.
وانعكس انسحاب المنظمة من المخيمات سلباً على اللاجئين في مخيم واشوكاني على وجه التحديد، لأنه وبالرغم من الخدمات الضعيفة ووجود فرق كبير بين الدعم الذي كان يقدم في مخيمات مدينة الحسكة ومخيم الهول، إلا أنه إلى حد ما كانت تساعد اللاجئين في بعض العمليات الصعبة والمستعصية، والتي كانت تكلف مبالغ طائلة على اللاجئين.