عمر عبد الرحمن – دير الزور
تشهد منطقة دير الزور شرقي سوريا، تصاعدًا في أعداد الضحايا بالاشتباكات المسلحة نتيجة فوضى السلاح، حيث تتزايد الاقتتالات العشائرية على الرغم من تدخل الجهات الأمنية عدة مرات، إلا أن هذه الاقتتالات تستمر، مما يثير قلق السكان المحليين.
الأطفال والنساء هم الأكثر عرضة للخطر في هذه الظروف، حيث يجبرون على العيش في حالة من الخوف وعدم الاستقرار مما يترك أثرًا سلبيًا على حياتهم وصحتهم النفسية والجسدية.
اشتباكات مستمرة
تقول أم علي، وهي أم لطفلين من بلدة غرانيج بريف دير الزور الشرقي، لنورث برس: “الوضع في بلدتنا مأساوي، كل يوم نشهد اشتباكات وأصوات إطلاق نار ناتجة عن خلافات عشائرية”.
وتضيف أن الأطفال الذين لم يتجاوزوا العشر سنوات يعيشون في حالة من الرعب، ولم يعد بإمكانهم اللعب في الخارج كما كانوا يفعلون سابقًا، كلما سمعوا صوت إطلاق نار، يركضون للاختباء”.
وتشير إلى أنهم فقدوا شعورهم بالأمان، وهذا يؤثر على دراستهم أيضًا، “إذ لا توجد مدارس آمنة، وبعض المدارس أغلقت أبوابها بسبب الاقتتالات العشائرية المستمرة”، على حد قولها.
وتقول أم علي “لقد فقدنا العديد من الجيران بسبب هذه الاقتتالات، وهذا يترك أثرًا نفسيًا عميقًا على الجميع”.
وتنوه أنه حتى مع التدخلات الأمنية، لا يزال الوضع يتدهور، قائلة: “نرى دوريات أمنية في الشوارع، لكنهم لا يستطيعون السيطرة على الموقف، ويبدو أن الأمور تزداد سوءًا يومًا بعد يوم”.
ويطالب السكان بتدخل اللجان العشائرية والدينية والقوات العسكرية لتوفير الحماية والدعم للمدنيين.
قلق متزايد
يقول حسين العبد الرزاق من مدينة هجين بريف دير الزور الشرقي لنورث برس: “الاقتتالات العشائرية تتزايد بشكل كبير ولها تأثير كبير جدًا علينا نحن الشباب نشعر بالإحباط والقلق”.
ويضيف أن “الكثير من أصدقائنا تركوا المدينة بحثًا عن الأمان، نحن نشعر بأننا محاصرون ولا نعرف متى ستبدأ الاشتباكات مرة أخرى”.
ويشير إلى أنهم حاولوا تنظيم فعاليات توعية لكن “الأمر صعب جداً”، على حد قوله، الكثير من الناس يشعرون باليأس ولا يرغبون في المشاركة، داعياً إلى دعم من منظمات محلية ودولية لتشجيع الناس على العمل معًا.
ويقول هو الآخر “لقد فقدت العديد من الأصدقاء في هذه الاقتتالات”، مضيفاً “أشعر أنني أعيش في حالة من الخوف المستمر، وهذا يؤثر على دراستي وطموحاتي المستقبلية، لا أستطيع التفكير في مستقبلي بينما أرى الموت والعنف من حولي، و حال الآلاف من الشباب في منطقة دير الزور.”
بينما يقول إبراهيم الحسن، وهو ناشط مدني من دير الزور لنورث برس، إن “الوضع يتدهور بشكل يومي، الاقتتالات تتسبب في فقدان الأرواح وتدمير الأسر”.
ويضيف: “نحن بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني نحاول تقديم الدعم، لكن التحديات كبيرة، نعمل على تقديم الدعم النفسي للمتضررين وتنظيم ورش عمل توعية حول أهمية السلام، لكننا نواجه صعوبات في الوصول إلى جميع الفئات بسبب انعدام الأمن وتفكير البعض الرافض للجلوس والحضور لتلك الجلسات التي تدفع للسلام.”
ويشير إلى أن النساء والأطفال هم الأكثر تضررًا، فالنساء يعانين من فقدان المعيل بسبب الاقتتالات العشائرية، والأطفال يعيشون في حالة خوف دائم.
يرى الناشط المدني ضرورة توفير مراكز تعليم للأطفال لتلقي التعليم والدعم النفسي وأن تكون هناك جهود قوية من قبل السلطات الحاكمة للضغط على أطراف النزاع لوقف الاقتتالات، بالإضافة إلى برامج تنمية مجتمعية لتعزيز الحوار والسلام بين العشائر.
113 إصابة بطلق ناري
مدير المشفى العام بريف دير الزور الشرقي، مشاري الحزوم، يقول لنورث برس، “شهدنا مؤخرًا زيادة كبيرة في عدد الإصابات والضحايا بسبب الاقتتالات العشائرية، نحن نستقبل العديد من الحالات الحرجة، ومعظم المصابين هم النساء والأطفال وغالبًا ما يكونون طرفًا ثالثًا لا ينتمي لأطراف النزاع.”
ويشير مدير المشفى إلى أنه “منذ بداية العام الحالي، أحصينا 113 حالة إصابة بطلق ناري بالمشفى العام ومشافٍ خاصة في مدينة هجين، وقد فقد 18 شخصًا حياتهم جراء إصابتهم، فيما أسفرت غالبية الإصابات عن شلل أو اقتطاع جزء من جسد المصاب.”
ويشدد الحزوم على ضرورة دعم عاجل من المنظمات الإنسانية والدولية لتوفير الأدوية والمعدات اللازمة وبرامج تدريب للكوادر الطبية لمواجهة الحالات الطارئة بشكل أفضل.
ويطالب مدير المشفى العام بريف دير الزور الشرقي إلى التحرك بسرعة لإنقاذ الأرواح في دير الزور، داعياً إلى أن تكون هناك جهود حقيقية لوقف الاقتتال وتوفير الحماية للمدنيين، خاصة الأطفال والنساء الذين يتحملون العبء الأكبر في هذه الأزمة.