سوريون يشتكون قلة الرواتب والحكومة الجديدة تتعهد بزيادتها

نورمان العباس – دمشق

تتوالى شكاوى السكان في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد وخاصة الموظفين من قلة الرواتب التي كانوا يتلقونها وذلك خلال أزمات اقتصادية عاشها السوريون على مدار أكثر من 14 عاماً.

السكان يرون أن الأجور الحالية لم تعد تكفي لشراء جرة غاز، أو لشراء المستلزمات الأساسية للمعيشة واليومية علاوة عن أمور نساها السكان خلال سنوات الحرب.

وعانت سوريا من أزمات اقتصادية في السنوات القليلة الماضية إضافة إلى شح العملة لأسباب من بينها الانهيار المالي، ما أدى بمعظم السوريين إلى ما دون خط الفقر في ظل ضعف أجور القطاع العام وانهيار عدد من الصناعات.

وتقدر كلفة زيادة الرواتب بنحو 1.65 تريليون ليرة سورية (نحو 127 مليون دولار بسعر الصرف الحالي)، والتي يعتقد أنها ستُمول من خزانة الدولة الحالية ومساعدات إقليمية واستثمارات جديدة والجهود الرامية إلى فك تجميد الأصول السورية الموجودة في الخارج.

راتب معدوم

يقول أحد الموظفين وهو من سكان دمشق، لنورث برس، إن أوضاعهم المعيشية سيئة جداً مقارنة مع راتب قدره 300 ألف ليرة سورية.

ويضيف أن هذا الراتب لا يكفي لشراء جرة غاز، والتي تبلغ قيتها 250 ألف، والخبز الذي وصل سعره إلى 4000 ليرة.

ويبين أن إذا لم يكن هناك زيادة للرواتب أو تخفيض لأسعار المواد الغذائية، فإنهم سيواجهون مشاكل كبيرة جداً، ويطلب الحكومة يصرف الرواتب وزيادتها أو خفض للأسعار.

ويذكر أن هناك مواد ارتفعت أسعارها وهم كموظفين غير قادرين على الحصول عليها لأنهم لا يملكون ثمنها مثل الازوت الذي وصل سعره إلى حوالي 15 ألف ليرة.

فيما يقول موظف آخر، وهو أيضاً من سكان مدينة دمشق، لنورث برس، إننا كنا نعاني أيام النظام السابق، فراتب 300 ألف ليرة لا يكفي شيئاً، فبعد أيام من قبضه لا تبقى منه ولا ليرة.

ويضيف أن الكثير من المستلزمات الحياتية الضرورية كانوا قد نسوها، وأن الراتب لم يكن يكفي القوت اليومي.

ويطالب الحكومة الجديدة في دمشق بأن تنظر إلى معاناة السوريين المعروفة لدي الجميع ووضع حلول لكل معاناة.

ويطالب موظف آخر، وهو يعمل في القطاع الصحي، برفع الرواتب فوراً بحيث يكتفي المستوى المعيشي، مبيناً: “لا نريد رفاهية تامة”.

كما يطالب بمراقبة الأسواق وتخفيض الأسعار إضافة إلى الأمن والأمان، مشيراً، لنورث برس، إلى أن الراتب القديم يكفي فقط لشراء جرة غاز لا أكثر مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة رفع الرواتب بالسرعة القصوى، لأن “الوضع لا يطاق”.

الراتب أهم مرتكزات الاقتصاد

يقول علي كنعان، دكتور في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، لنورث برس، إن الراتب والأجور تعد أحد أهم مرتكزات السياسة الاقتصادية في أي بلد من بلدان العالم.

ويضيف: “الدول المتقدمة وصلت إلى مستوى عالي من الأجر، حيث وصلت الأجور والرواتب إلى ما بين 60 و70 بالمئة من الدخل القومي”.

ويشير إلى أنه كلما ازداد الأجر يزداد الاستهلاك ويزداد تشغيل العمالة ويزداد الاستثمار والإنتاج من السلع والخدمات، وبالتالي ركزت الدول المتقدمة منذ عام 1980 كثيراً على زيادة الأجور لأن الأجور هي التي تصنع التقدم والتطور الاقتصادي وليس العكس.

ويبين أن المستثمر لا يزيد الإنتاج إلا إذا وجد سوقا لتصريف بضاعته، مشيراً إلى أن سياسة الأجور الرخيصة تخلصت منها الدول المتقدمة ودول متوسطة النمو في حين أن الدول النامية والمتخلفة مازالت محافظة على هذه السياسة والتي لا تشجع الاستثمار ولا الاستهلاك.

وذكر كنعان، أن “زيادة الأسعار الوسطي وصلت إلى 30 ألف بالمئة إذا أخذنا مجمل السلع على مستوى الاقتصاد السوري في حين أن الأجور لم تتجاوز 1200 بالمئة.

ويشدد على أن الحكومة الجديدة ورثت عبئاً ثقيلاً جداً، ولكن يوجد هناك حلول منها الاستدانة من البنك المركز وطباعة نقود وتزيد الرواتب والأجور، مبيناً أن هذا الأمر سيشكل ضغطناً على العملة السورية ولكن لا يوجد حل آخر في حال لم تأتي مساعدات من الخارج.

زيادة 400%

يقول محمد عبد الحليم أبازيد، وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال السورية، لنورث برس، إن زيادة الرواتب للعاملين في القطاع العام ستكون قريبة ونسبتها 400%.

ويبين أنه “سيتم صرف رواتب الموظفين المدنيين بالسرعة القصوى.

ويضيف أن زيادة الرواتب ستأتي في إطار إعادة هيكلة الوزارات التي بدأت منذ اليوم الثاني لسقوط النظام، حيث تم اكتشاف وجود ترهل وظيفي وبناء ًعليه سيتم إعادة تقييم الكادر العامل، بحيث يُدرج الفئة الفعالة التي لديها استعداد للعمل ضمن الخطط في زيادة الرواتب الجديدة.

ويشير إلى أن أنه سيحصل الجزء الآخر من العاملين في القطاع العام على نفس الرواتب المعمول بها في عهد النظام المخلوع السابق.

وطمأن الوزير في اللقاء الموظفين بشأن عدم وجود تسريح تعسفي، مشيراً إلى أن هناك لجنة قضائية تدرس ملف القطاع الخاص بالمتقاعدين العسكريين لتحديد موعد صرف رواتبهم.

ويبين أبازيد أنه سيتم في الأشهر المقبلة صرف الرواتب عبر تطبيق “شام كاش، قائلاً بأن التطبيق “سهل الاستخدام” وسيتم تحسينه وتطويره خلال الفترة المقبلة.

ويشدد على أن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال وستسعى إلى إدخال بعض الأمور والأدوات والتقنيات سواء للرواتب والدفع أو حتى في مجالات أخرى، على أن تستمر وتتقدم هذه الأمور شيئاً فشيئاً خلال فترة الحكومة المقبلة.

تحرير: محمد القاضي