صفاء سليمان – دمشق
يضطر “أبو أحمد” للوقوف ساعات طويلة أمام مستوصف الرعاية في دمشق، محاولاً تجنب تكاليف زيارة الطبيب التي ارتفعت بشكل حاد بنسبة 600%.
ويقدم هذا المستوصف، التابع لمنظمة الصحة العالمية، المعاينات والأدوية بالمجان، مما يجعله ملاذا للكثيرين في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
يقول “أبو أحمد” لنورث برس: “لولا المستوصف، لا أدري ماذا كنت سأفعل”. يضيف بنبرة من القلق: “معاينة الطبيب أصبحت تكلف خمسين ألف ليرة سورية، بينما وصلت تكلفة الكشف بجهاز الايكو إلى مئة ألف ليرة”.
تتفق “طيبة أحمد” مع الرجل، حول ارتفاع أجرة مراجعة الأطباء وتلقي العلاج وخاصة بالنسبة للعائلات التي لديها أطفال ويحتاجون بشكل دوري للرعاية الصحية.
جدل واسع
أثار قرار وزارة الصحة السورية الصادر في حزيران / يونيو الماضي برفع تكاليف المعاينات الطبية والمشافي بنسبة 600% جدلاً واسعاً.
وحددت الوزارة أسعار معاينة الطبيب الاختصاصي الذي يزاول المهنة لأكثر من 10 سنوات بخمسين ألف ليرة سورية، بينما أصبحت معاينة الطبيب المختص أربعين ألف ليرة، ومعاينة الطبيب العام خمس وعشرين ألف ليرة. أما الاستشارة الطبية فأصبحت تكلف 150 ألف ليرة.
عبرت صفحة “لوحات ساحلية ساخرة” عن سخطها بالقول: “قلتولي انفراجات؟ اتفضلوا بنسبة 600%… هناك أطباء أكثر فساداً وأجورهم أضعاف التسعيرة الجديدة. هجرتوا العقول وتركتوا العجول. أوعى تجوع، أوعى تمرض، أوعى تصرخ وتشتكي يا مواطن”.
وكتبت عفت البزري الحسيني: “من تداعيات رفع الدعم الذي ينشر بشكل سابق كي يتم السباق على قتل الشعب بكل الطرق”.
في حين علق أسد الله بدوره ساخراً: “أنا رايح نبش بالأراضي وأجمع زوفا وزعتر وإكليل الجبل دواء للشتاء، يلي بدو يوصيني سعر الباقة 3000 ليرة”.
أما هبة البقاعي استنكرت الوضع بقولها: “راتب الموظف 300 ألف ليرة، بدها سيدنا أبو بكر الصديق يلاقي حل لهذه الحيرة وهذه العيشة في البلد”.
أما صفحة “دحاديل حارة الجباتنة” فقد اكتفت بالقول: “رفقا بأرواح أضناها المرض”.
معاناة على الطرفين
لكن معاناة الأطباء لا تقل عن معاناة المرضى، فهم يعيشون نفس الواقع المعيشي القاسي.
يقول الطبيب باسل طبولي، المختص بالأمراض النسائية، لنورث برس: “قالوا في الجرائد والمجلات أن المعاينة الطبية زادت 600%، ولكنها في الحقيقة نقصت سبعين بالمئة عما كنا نتقاضاه عام 2010”.
ويوضح: “كانت المعاينة 500 ليرة سورية وكانت تساوي 10 دولارات أمريكية، أما ما نتقاضاه اليوم فهو 50 ألف ليرة سورية ويساوي حوالي 3 دولارات أمريكية”.
ويشير الطبيب أن نقابة الأطباء عندما رفعت المعاينة 600% كانت تعدل وضعاً شاذاً، لأن المعاينة كانت فقط 8000 ليرة سورية قبل هذا القرار، وهذا غير صالح في 2024″.
ويضيف: “الحياة اختلفت 500% وهذه الزيادة لا تعني شيئا بالنسبة لارتفاع الأسعار”.
ونوه إلى أن أجر الطبيب في سوريا هو من أرخص أجور الأطباء على مستوى العالم، مما شجع السياحة الطبية للاستفادة من هذا الفارق، لكنه أوضح: “نحن نراعي ظروف الحياة بشكل عام ولا نستطيع رفع أسعارنا لأن ظروف الناس لا تحتمل”.