درعا .. بطالة وقلة دعم بعد سيطرة القوات الحكومية
إحسان محمد – درعا
بعد سيطرة الحكومة السورية على درعا وريفها صيف 2018، توقفت العديد من المنظمات الإنسانية عن العمل في المنطقة مما زاد البطالة وارتفعت معدلاتها وانخفضت المساحات المزروعة.
ويقول خالد الجباوي، وهو موظف سابق في إحدى المنظمات الإنسانية التي كانت تعمل في درعا، لنورث برس، أنه بعد سيطرة الحكومة على درعا، فرضت قيوداً أمنية وإدارية صارمة على المنظمات الإنسانية.
ويشير إلى أنه كان هناك تخوف كبير من التعرض لمضايقات أو تهديدات، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على التصاريح اللازمة للعمل، هذه العوامل مجتمعة جعلت من الصعب للغاية على المنظمات مواصلة تقديم خدماتها.
تأثير التغيرات الأمنية
يشير الجباوي إلى أن المنطقة منذ 2018، لا تزال تشهد توترات متفرقة واشتباكات وهذه التوترات لها تأثير كبير على عمل المنظمات الإنسانية، حيث أن عدم الاستقرار يعيق وصول الفرق الميدانية ويعرضها للمخاطر.
ويقول: “لا توجد إحصائيات دقيقة متاحة للجميع، ولكن يمكنني القول إن آلاف الموظفين في المنظمات الإنسانية فقدوا وظائفهم بسبب توقف العمل”.
وفقًا لتقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” في أب/أغسطس 2022، توقفت 11 منظمة إنسانية عن العمل في درعا منذ عام 2018.
وأشار التقرير أن هذه المنظمات كانت تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة وتتلقى دعماً منها وتعمل في عدة مجالات مثل الصحة والتعلم والخدمات الإنسانية ودعم الأطفال و أبرز هذه المنظمات منظمة “كير” و”أطباء بلا حدود” و”إنقاذ الطفل”.
فمنظمة أطباء بلا حدود والتي تعنى بمجال الصحة، قالت في تقرير لها في آذار/مارس 2021 إنه في العديد من المناطق مثل درعا والغوطة الشرقية وحماة وحمص، لم تتمكّن أطباء بلا حدود من مواصلة عملها ودعمها للمرافق الطبية بعد أن استعادت الحكومة السورية السيطرة على هذه المناطق.
تدهور كبير
يضيف الجباوي: “توقف عمل المنظمات الإنسانية أدى إلى تدهور كبير في الخدمات الصحية والتعليمية، والعديد من العيادات والمستشفيات كما حصل في مشافي الغارية الشرقية وكحيل وجاسم وطفس وغيرها، والتي كانت تدعمها المنظمات توقفت عن العمل، مما ترك السكان بدون رعاية صحية كافية”.
كما أن العديد من البرامج التعليمية والمبادرات التي كانت تهدف إلى دعم المدارس وتعليم الأطفال توقفت، مما أثر سلباً على التعليم في المحافظة، وفق ما ذكره الجباوي.
ويشير إلى أنه كان هناك بعض المحاولات لتعويض الفراغ، ولكن هذه الجهود كانت محدودة بسبب نقص الموارد والدعم، كانت تعتمد بشكل كبير على التبرعات المحلية والمساعدات من المغتربين، لكنها لم تكن كافية لتلبية جميع الاحتياجات.
ويؤكد الجباوي أن تأثير توقف عمل المنظمات الإنسانية كان كبيراً على الوضع الاقتصادي والمعيشي للأسر في درعا.
ويذكر أن منظمة “آفاق المستقبل” وهي أحد المنظمات المحلية في درعا والتي تتلقى تمويلا من الجهات المانحة وتنفذ مشاريع فيها كان لديها ما يقارب 600 موظف الحد الأدنى لرواتبهم 200 دولار أميركي وتصل بعضها لأكثر من 700 دولار.
ويبين أنه تأثر بخروج هذه المنظمات ليس موظفيها فقط إنما أصحاب سيارات الشحن وسيارات التوزيع وأصحاب المخازن الذين كانوا يؤجرون المخازن.
وأشارت تقارير دولية ومحلية، وثقت تأثير توقف عمل المنظمات الإنسانية على سكان في درعا، إلى تدهور الأوضاع الصحية والتعليمية والاقتصادية، وإلى الحاجة الماسة لاستئناف المساعدات الإنسانية في المنطقة.
تضرر الزراعة بسبب توقف الدعم
يقول عبد الحكيم المصري وزير المالية والاقتصاد في الحكومة المؤقتة، لنورث برس، إن القطاع الزراعي في درعا غير مستقر بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وصعوبة التسويق و الفلتان الأمني.
وكانت المنظمات الإنسانية تعمل في محافظة درعا قبل سيطرة الحكومة السورية بالتنسيق مع الحكومة المؤقتة التي كانت تدير شؤون المنطقة من خلال مجلس المحافظة التابع لها.
وكان مجلس المحافظة يقوم بالتنسيق بين المنظمات والمجالس المحلية التابعة له في بلدات وقرى المنطقة إلى جانب تنفيذ مشاريع مشتركة مع هذه المنظمات مثل المعاهد الصحية التي تديرها مديرية الصحة التابعة لوزارة الصحة في الحكومة المؤقتة.
وأضاف المصري إن نقص الأيدي العاملة بسبب هجرة الشباب أو عدم قدرة بعضهم على التنقل نتيجة تواجد الحواجز الأمنية والعسكرية أدى إلى تراجع في المساحات المزروعة.
وبين إن هناك مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية لا يتم زراعتها بسبب ارتفاع تكاليف الزراعة والخوف المستمر من التوتر الأمني والخوف من حملات للقوات الحكومية على المدن والبلدات.
ويظل الوضع في درعا معقداً وصعباً على السكان الذين يعانون من تداعيات توقف عمل المنظمات الإنسانية، والأمل يبقى في أن تتغير الظروف وأن تعود هذه المنظمات لتقديم الدعم اللازم لتحسين أوضاعهم المعيشية والصحية والتعليمية.