المياه في الحسكة.. معاناة مستمرة وحرٌ ينذر بكارثة إنسانية

دلسوز يوسف – الحسكة

يستقل فهد جلو دراجته ذات العجلات الثلاث يومياً ويجول في أحياء مدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، بحثاً عن المياه لملء بضعة عبوات من خزانات وضعتها منظمات إغاثية قبل عدة سنوات ضمن أحياء المدينة.

 وبعد معاينته لخزان فارغ في حي الصالحية، يشكو جلو (55 سنة) من نقص المياه ولا سيما مع حلول فصل الصيف ومعاناتهم المستمرة في السنوات الأخيرة.

ويشرح الخمسيني معاناته في تأمين المياه، قائلاً: “منذ الصباح أنا أبحث عن المياه في خزانات الأحياء، والمنظمات لا تجلب المياه بكميات كافية، خاصة مع دخولنا فصل الصيف، فالذي كان يستهلك خزاناً الآن سوف يستهلك خمسة خزانات”.

كما شكى جلو من ارتفاع أسعار ملء الخزان بأسعار مرتفعة وتفاوتها من بائع لآخر.

وتعاني مدينة الحسكة والبلدات التابعة لها، من نقص في المياه بعد قطع القوات التركية مياه محطة علوك بريف مدينة سري كانيه (رأس العين) الخاضعة لسيطرتها منذ أواخر عام 2019، والتي كانت تغذي نحو مليون نسمة.

ويعتمد السكان على مياه الآبار الموجودة على أطراف الحسكة، وذلك عبر الصهاريج التي تتحرك كخلايا النحل ضمن المدينة، في ظل ارتفاع درجات الحرارة التي تجاوزت 35 درجة في الأيام الأخيرة.

معاناة

وفي حي تل حجر، يشير السبعيني عبداللطيف أحمي بأن معاناتهم كانت صعبة مع المياه في الشتاء، وقال متسائلاً باللهجة العامية “حالياً مقبلين على الصيف، محتارين كيف سنقضيها؟”.

ويضيف بينما كان ينتظر الصهريج لملء خزان منزله “بسبب الضغط، الصهاريج تتأخر حتى تأتي، أحياناً ننتظر يوماً كاملاً”.

ومع حلول الصيف وازدياد الاستهلاك، يشكو السكان من ارتفاع تسعيرة التعبئة للخزانات والتي تصل لـ30 ألف ليرة سورية (نحو دولارين).

ويقول أحمي بأن الأسعار ترتفع بين الفترة والأخرى “كانت بـ 15 ألف ليرة وحالياً بـ 30 ألف ليرة وخلال الصيف لربما يصل إلى 50 ألفاً”.

ويبين: “نحن عائلة من 4 أشخاص نملئ خزانين في الأسبوع وثمنها 60 ألف، فنحتاج بالشهر إلى 5 أو 6 مرات للمياه أي تصل لـ 300 ألف تقريباً، وهي تكلفة باهظة بالرغم من أن المياه غير صالحة للشرب لكن مضطرين إلى شرائها واستخدامها لجميع الاستعمالات المنزلية”.

“كارثة”

مع ازدياد الطلب على المياه، يرى مراقبون في المجال البيئي بالحسكة، أن مخزون المياه الجوفية تنخفض عام بعد عام، مما تضع المنطقة أمام كارثة إنسانية.

ويعمل في المدينة أكثر من 850 صهريجاً لتوزيع المياه على السكان، إلا أنها لن تغطي الحاجة اليومية ولا سيما في فصل الصيف.

ويقول يحيى حمي، الرئيس المشارك لدائرة المياه في الحسكة، بأن اعتمادهم الحالي على الصهاريج لتأمين حاجة المنطقة من المياه.

وأضاف في تصريح لنورث برس: “مع دخولنا لفصل الصيف، فنحن في الحسكة أمام كارثة بسبب نقص المياه، كما أن منسوب المياه في انخفاض، من المحتمل أن تجف الكثير من الآبار هذا العام”.

وشدد على أن الاعتماد على الصهاريج ليس “حلاً”، ويقول: “يوجد 800 صهريج مدني و 64 صهريج لدائرة المياه يعملون على توزيع المياه بالحسكة، لكن الأمر صعب جداً والإمكانيات قليلة”.

وبينما تواجه الحسكة أزمة حقيقة بسبب المياه، يناشد “حمي” منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة للتدخل لتشغيل محطة علوك وتحيدها لإنهاء معاناة السكان في الحسكة.

تحرير: محمد القاضي