حلب.. عام على كارثة الزلزال دون أي رعاية للناجين على الأرض

آردو جويد ـ حلب

مع مرور عام على تضرر منزله بسبب الزلزال، إلا أن حمدان فداوي (62 عاماً)، وهو من منطقة مصنفة “العاشرة” ضمن حي قاضي عسكر في مدينة حلب، شمالي سوريا، لا يستطيع الرجل العودة والسكن في منزله “غير المؤهل للسكن وخاصة بسبب القرارات الحكومية التي تمنع إعادة الأعمار دون إشراف هندسي”.

دقائق لا تنسى ولا تمسح من ذاكرة الناجين من الزلزال في مدينة حلب، فبعد مرور عام على الكارثة تستمر معاناة متضرري الزلزال الذين لا يزالون يعيشون غياب التعويض من الحكومة رغم القرارات الكثيرة التي تنص على الدعم المادي والمعنوي والنفسي.

وتسبب الزلزال الذي ضرب البلاد في السادس من شباط/ فبراير العام الماضي، في انهيار نحو 54 بناءً سكنياً مأهولاً بحلب، ووفاة 432 شخصاً، و714 مصاب، وهدم مجلس المدينة نحو 300 بناء متضرر وكان يشكل خطورة، حيث تضررت أكثر 13 ألف عائلة.

وفي العاشرة من الشهر ذاته، أعلنت الحكومة السورية المحافظات التي ضربها خط الزلزال المدمر بالمنكوبة.

فوائد الزلزال

“مصائب قوم عند قوم فوائد”، يقول “فداوي”، لنورث برس، ويضيف: “استغلت الحكومة السورية الزلزال والمساعدات التي دخلت إلى المنطقة لترفد خزينتها فقط“.

ويشدد على أن أي معاملة لمتضرري الزلزال، لإعادة إعمار منازلهم، “لا تمر دون أن تقوم الحكومة برفد خزينتها منها، رغم علمها بمعاناة المتضررين ومصابهم الجلل”.

ورغم ذلك قدم “فداوي”، كغيره من متضرري الزلزال، طلباً للحكومة لإعادة ترميم منازلهم، وجاءه الرد بـ”ممنوع”، لأن طلب الترميم جزئي وقطاع البلدية ونقابة المهندسين توافق على الترميم الكلي فقط.

اقرأ أيضاً:

وشكلت نقابة المهندسين بحلب، بعد مرحلة إنقاذ الناجين وإخراج الضحايا، نحو 115 لجنة، توزعت على 269 مهندس مختص، للتعاون مع مجلس المدينة للكشف الحسي على المباني المتضررة، وسجلت 1570 منزلاً في منطقة قاضي عسكر متضرر، ولا تزال الفرق تجري التقييم بشكل متقطع لإعادة السكان إلى منازلهم التي لا تشكل خطورة عليهم.

وتم هدم 413 بناءً تصنف “عالية الخطورة”، والتي تحتاج إعادة تدعيم 5301 بناء، وعدد الأبنية السليمة بعد الكشف بلغ 17,743 بناءً، بينما بلغ عدد العائلات التي تركت منازلها 863 عائلة.

ويعدد “فداوي” الفوائد التي جنتها الحكومة من الزلزال، “حيث قامت بإجراء معاملات لاستخراج الأوراق المفقودة وتأمين الكشف للمهندسين، ومتابعة المخاتير وإجبار إعادة معاملات حصر الإرث لمن لا يملك إثبات ملكية بتكلفة تقدر بحوالي 6 ملايين ليتمكن من حصوله على قرض من الحكومة خلال عام من وقوع الكارثة”.

إجراءات وهمية

وبتاريخ الثاني عشر من شهر آذار / مارس الماضي، صدر المرسوم التشريعي رقم 3 لعام 2023، والذي يستثني المتضررين من الزلزال الذي وقع في مناطق مختلفة في البلاد من دفع الضرائب ويمنحهم الفرصة للحصول على قروض بدون فوائد.

وبتاريخ الأول من شهر أيار / مايو 2023، صدر المرسوم التشريعي “بإنشاء الصندوق الوطني لدعم ضحايا الزلزال” عن الرئيس السوري بشار الأسد، بهدف توفير الدعم المالي للضحايا ومساعدتهم.

وتقدمت دول عربية وأجنبية للمساعدة في التخفيف من كارثة الزلزال الذي أصاب الشعب السوري الذي يعاني من ويلات النزاع والحرب والتهجير منذ عام 2012 وغادرت فرق الجهد الهندسي والطبي للحشد الشعبي العراقي مدينة حلب، بعد خمسة أسابيع من الزلزال الذي ضرب البلاد في 6 شباط/ فبراير الفائت.

وقدمت دولة العراق مساكن مسبقة الصنع للمتضررين، إلا أن الجهات المعنية أوقفت استكمال المشروع بحجة “عدم وجود ميزانية لمتابعة إنشاء الصرف الصحي ومياه الشرب وتأمين طاقة بديلة لأكثر من 150 مسكن في منطقة جبرين بريف حلب الشرقي”.

في حين أصدرت الحكومة السورية مطلع العام الجاري، قراراً يقضي بإنهاء غرف العمليات الخاصة في مساعدة متضرري الزلزال والمناطق المنكوبة التي أعلنت عنها في العاشر من شهر شباط / فبراير العام الماضي.

وقال رؤوف العلي، وهو محامٍ ومحلل في الشأن السياسي بحلب، “لم يحصل الناجون من الزلزال حتى الآن على تعويض مادي يساعدهم على إعادة بناء حياتهم. هذا الأمر يزيدهم من تحمل العبء المالي ويعجل بانهيار أوضاعهم الاقتصادية”.

وأضاف “العلي”، لنورث برس: “بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية في المدينة، لم يتم استخدام أي موارد أو تسهيلات مالية لدعم عملية إعادة الإعمار. وبسبب تراكم المديونيات وازدياد البطالة، يعجز الكثيرون عن الحصول على القروض المالية الضرورية لإعادة بناء منازلهم المدمرة”.

وأشار المحلل السياسي، إلى أنه يجب على الحكومة والمنظمات المعنية أن تعطي الأولوية لمتضرري الزلزال في حلب وتعمل على توفير التعويضات المالية وجهود إعادة الإعمار الضرورية. لا بد من اتخاذ التدابير اللازمة لتحسين الأوضاع المعيشية وإعادة إحياء الأمل في قلوب الناس الذين عانوا جراء الزلزال.

تحرير: معاذ المحمد