آلاف الطلاب محرومون من التعليم في كوباني جراء التصعيد التركي.. ما الحلول لتعويضهم؟
فتاح عيسى ـ كوباني
تتذمر هيشان، من غياب الاستقرار والأمان الذي بدوره يتسبب في حرمان الطلاب من حقهم في التعليم، فمع كل قصف تركي على شمال شرقي سوريا، تغلق المدارس لمدة أسبوع أو أكثر، الأمر الذي يؤثر على التحصيل العلمي للطلاب.
هيشان أحمد (32 عاماً)، وهي أم ثلاثة أطفال يدرسون في قرية “كازكان” الحدودية بريف كوباني الشرقي، شمالي سوريا، تقول إن المدارس أغلقت لمدة أسبوع بسبب القصف التركي الذي طال مناطق شمال شرقي سوريا وبينها كوباني وريفها.
وتستذكر الأم، أن المدارس أغلقت لمدة أسبوع في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2022، أيضاً بسبب القصف التركي، الأمر الذي يتسبب بحرمان الأطفال والطلاب من حقهم في مواصلة تعليمهم في بيئة آمنة.
وفي العام الدراسي الفائت، سقطت قذائف تركية، في مدينة كوباني وقريه “قره موغ” ما أدى لإغلاق المدارس لمدة أسبوع.
وتطالب أحمد الدول الضامنة “أمريكا وروسيا” بالتدخل لإيقاف تركيا عن قصف المنطقة واستمرار حرمان أطفالهم من التعليم.
وتسبب القصف التركي على مدينة كوباني وريفها منذ عام 2019 بإغلاق المدارس وتعليق العملية التربوية عدة مرات خلال كل عام دراسي، ما أدى في النهاية لحرمان الطلاب والأطفال من حقهم في التعليم في بيئة آمنة ومستقرة، وخاصة في القرى الحدودية.
وقالت هيئة التربية والتعليم في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في بيان ألقته من أمام مقرها في مدينة الرقة، بتاريخ 28 كانون الأول/ ديسمبر 2023، إن القصف التركي أوقف العملية التعليمية في أكثر من 712 مدرسة، وحرم 89418 طالباً من التعليم.
وتؤثر الهجمات التركية على مناطق شمال شرقي سوريا، على سير العملية التعليمية، من حيث عدم إقبال الطلاب على المدارس نتيجة تخوفهم من هذه الهجمات، وهو ما انعكس على عدد طلاب العام الدراسي 2023 – 2024 في أغلب المدارس، بحسب مسؤولين في التربية.
ويسمع فواز عيسو (40 عاماً) رفقة سكان القرى الحدودية بريفي كوباني الشرقي والغربي، صوت القذائف التركية مرتين، “مرة حين إطلاقها، وأخرى عند سقوطها، ما يزبد من مخاوف سكان تلك القرى وخاصة الأطفال منهم”، يقول الرجل لنورث برس.
ويرى “عيسو”، وهو أب لطفلين يدرسان في إحدى القرى الحدودية بريف كوباني الشرقي، أن القرى الحدودية هي “الأكثر تضرراً من الناحية التعليمية جراء القصف والاستهدافات التركية للمنطقة”.
ويشير “عيسو” إلى أن المدارس أغلقت ثلاث مرات خلال العام الدراسي الفائت بسبب القصف التركي. ويطالب في الوقت ذاته، بتعويض أطفالهم عن أيام تعليق العملية التعليمية.
ومع كل قصف تركي للمنطقة، تهرع شيرين، إلى المدرسة لإعادة أطفالها الثلاثة للمنزل خوفاً من استهداف المدارس وبالتالي خسارتها لأطفالها، “و خسارة مستقبلهم العلمي، إذ إنهم يفتقدون لبيئة آمنة”، تقول الأم لنورث برس.
وتسكن شيرين عبدي (40 عاماً) في قرية “عليشار” بريف كوباني الشرقي، ونظراً لقرب منزلها من الحدود، تزداد المخاوف لديها ولدى أطفالها عند حدوث أي قصف يستهدف المنطقة إذ إن تركيا تتقصد في قصفها تدمير البنية التحتية للمنطقة.
وتطالب “عبدي” الدول الضامنة بالتدخل لمنع الاستهدافات التركية، حتى يتمكن الطلاب من متابعة تحصيلهم العلمي وتعويض الدروس التي فاتتهم، بسبب القصف.
من جهته يقول بكر جرادة، وهو الرئيس المشارك لهيئة التربية والتعليم في “مقاطعة الفرات”، إن تركيا تستهدف البنى التحتية في المنطقة كما تستهدف الأمن والاستقرار فيها.
ويضيف “جرادة” أنه في العام الدراسي الفائت تعرضت المنطقة للاستهداف عدة مرات، ما تسبب بحرمان الآلاف من الطلاب من التعليم، مشيراَ إلى تدمير مدرسة قرية “كوران” بشكل كامل، إضافة لمعاناة سكان قرى غربي كوباني بينها “زور آفا وسفتك وزيارة” وصولاً لحدود مدينة جرابلس، من القصف التركي اليومي.
ويشير “جرادة” في حديث لنورث برس، إلى أن سكان القرى كانوا يخافون على أطفالهم أثناء تعرض المنطقة للقصف، كما أن الأطفال كانوا يخافون الذهاب إلى المدرسة، ما أثر سلباً على الوضع التعليمي فيها.
ودفع القصف التركي الأخير الذي طال البنية التحتية في عدة مدن شمال شرقي سوريا، بهيئة التربية والتعليم لإيقاف العملية التعليمية وإغلاق المدارس وبشكل خاص في كوباني، حيث تم إيقاف التعليم في 590 مدرسة ما أدى لحرمان 68439 طالباً من التعليم، بحسب “جرادة”.
ويرجع المسؤول التعليمي، سبب إغلاق المدارس إلى أن الهجمات التركية كانت عشوائية واستهدفت أماكن متفرقة، “ما دفعنا لإغلاق المدارس لفترة، الأمر الذي أثر سلباً على الوضع التعليمي، وتسبب بفاقد تعليمي”.
ويشير “جرادة” إلى أن الهيئة ستحاول تعويض هذا الفاقد التعليمي في نهاية العام الدراسي عبر تمديده. ففي العام الدراسي الماضي، تم التمديد لـ15 يوماً، بسبب تعرض المنطقة للقصف والاستهدافات، إضافة لتأثير الزلزال.
ويحمل “جرادة” المنظمات والمؤسسات التي تهتم بحقوق الأطفال والطلاب، مسؤولية الالتزام بالعهود والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق التعليم، وعدم التزام الصمت حيال الانتهاكات والممارسات التركية، وأن يكون لهم موقف جاد حيال ذلك.