انقسامات في صفوف تحرير الشام.. ما دور تركيا في ذلك؟

هاني سالم ـ إدلب

تشرف السلطات التركية على كامل الانقسامات والتغيرات التي تحصل ضمن قيادات هيئة تحرير الشام، (جبهة النصرة سابقاً)، ولكن ليس بشكل علني، فهي تعلم بكل ما يدور داخل الهيئة، في ظل صمت كامل.

ومنذ مدة تشهد تحرير الشام، انقسامات وانشقاقات ضمن القيادات البارزين في صفوفها، كان أولهم أبو ماريا القحطاني ثم أبو أحمد زكور وغيرهم، بالإضافة للملاحقات الأمنية التي تقوم بها الأذرع الأمنية للهيئة، والاعتقالات التي تحصل بحق كل من يخالف سياستها أو يحاول الخروج عن أمرها، وفضح المستور داخلها، خاصة أن كل من تم ملاحقتهم هم من الجسم الأساسي للهيئة.

وقال الإداري الأمني بلال الخاني، في معبر باب الهوى شمال إدلب: “السلطات التركية تعلم بكامل التغييرات منذ تسلمها ملف المهاجرين من جهاز الأمن العام، حيث رفعت مستوى الاجتماعات والجلسات مع قيادات تحرير الشام الأمنية وعلى رأسهم أبو أحمد حدود والمغيرة البدوي وسابقاً أبو ماريا القحطاني”.

وأضاف “الخاني”، لنورث برس: “بدا بشكل جلي رغبت هذه السلطات بالتعاون مع تحرير الشام في عدة ملفات، لكن بصورة سرية، تجنباً للضغط الدولي وما شابه. وهذا ما يدفعنا قبيل كل اجتماع لإغلاق كاميرات المراقبة وتبديل دوريات الحراسة بشكل كامل قبل وخلال الاجتماعات وحتى بعد أن تنتهي”.

وكشف الإداري عن اجتماع لأبو محمد الجولاني، زعيم تحرير الشام، “مرتين في إحدى مكاتب باب الهوى بشخصية أمنية من الجانب التركي يدعى كاهان، لمدة  3 أو 4 ساعات للجلسة الواحدة”.

وزار صهر الجولاني “البدوي”، بعدها الأراضي التركية، حيث بقي فيها 5 أيام قبل أن يعود وذلك خلال حزيران الماضي(…) طبعاً التعاون مع الجانب التركي له شروط وعلى ما يبدو بالفعل شرع الجولاني في تطبيق الشروط مستخدماً صهره المغيرة البدوي كملقط جمر”.

واتضحت خارطة الطريق، بحسب الإداري، بعد اعتقال أبو ماريا القحطاني وملاحقة أبو أحمد  زكور، إضافة لاعتقال العديد من القيادات الأمنية والعسكرية التابعة لهم وتسليم أبو داوود التركماني وصهر الجولاني المغيرة البدوي، الملفات الأمنية مع الأتراك، وأيضا ملفات الداخل بما فيها العلاقات العسكرية مع الجيش الوطني إلى جانب أبو أحمد حدود.

وأشار إلى أن تلك الخارطة تعني أنه “تم التخلص من الشخصيات القديمة التي لم يرضَ عنها الجانب التركي والتي كانت تعرقل العديد من الملفات لأسباب لا نعلمها”، بحسب الإداري.

ومنذ منتصف آب/ أغسطس الماضي، ظهرت الشروخات في جسد هيئة تحرير الشام، بشكل جلي، رغم محاولات الجولاني إخفاءها، وذلك عقب اعتقالهم للقيادي، أبو ماريا القحطاني، تبعها اعتقالات لعشرات القيادات العسكرية والأمنية ليصل الاختيار إلى أركان التأسيس ممثلة بالقيادي المقرب من الجولاني “أبو أحمد زكور – جهاد عيسى الشيخ” والشرعي الأول في الهيئة “مظهر الويسي” الذي وضع تحت الإقامة الجبرية مؤخراً.

الإداري في جهاز الأمن العام “أبو موسى الشامي” الذي كان يشرف على أمنيات مجلس الشورى التابع للجولاني سابقاً، قال: “بدأنا نلاحظ التغير بوضوح من خلال الاجتماعات المستمرة في معبر باب الهوى، وهنا علمنا أن التوجهات المستقبلية ستكون عنيفة، لكن لم نتوقع أن تصل لأركان تحرير الشام”.

وأضاف: “بدأت الأوامر تصلنا من أبو محمد الفلسطيني نائب أبو ماريا القحطاني في تموز الماضي، حول الحملات الأمنية ضد عناصر سابقين وحاليين في الهيئة بتهمة الخيانة، لكن في منتصف آب جاء الأمر بمحاصرة منزل أبو ماريا القحطاني بمدينة إدلب واعتقاله بتهمة العمالة والجاسوسية”.

ولحظة اعتقال أبو ماريا القحطاني، “علمنا أنها نقطة انتقال إما نحو نهاية تحرير الشام  أو تغيير كامل في منهجيتها خصوصا أن هذا الاعتقال تبعه حملة اعتقالات واسعة طالت القيادات الموالية للقحطاني لاسيما من شباب المنطقة الشرقية الحسكة والرقة والدير”.

وبعد أسبوعين تقريبا تم توقيف أبو أحمد زكور الركن الأهم في تحرير الشام، والصندوق الأسود للجولاني بتهمة الجاسوسية واستغلال علاقاته مع فصائل الجيش الوطني لمصالحه الخاصة بغية الإطاحة بالجولاني، وهنا تدخلت قيادات عسكرية ووجهاء عشائر وبالفعل تم إيقاف أمر الاعتقال وقتها وخرج زكور.

ولكن وقبل كل تلك الاعتقالات، كان الجولاني قد أسند كل الملفات الأمنية والعسكرية وغيرها لصهره البدوي المغيرة، أمير مدينة إدلب، وأيضا للقيادي أبو أحمد حدود في القيادة العامة وأبو داوود التركماني المنسق الأمني مع الجانب التركي، وبالتالي تم تحجيم مسؤوليات وسلطات الجميع قبيل عمليات الاعتقال.

لم تتوقف قائمة الشرخ والانقسامات في تحرير الشام عند إقصائها لكل من “القحطاني” و”زكور” و”الشيخ ” بل وصل الأمر لاعتقالها السبت الماضي الشرعي الأول في صفوفها والعضو في مجلس الشورى “مظهر الويسي” ووضع تحت الإقامة الجبرية حالياً، بحسب ما بين لنا مصدر إداري في جهاز الأمن العام.

وحول ذلك قال هارون الدحو، مسؤول مجموعة في وحدة المهام الخاصة التابعة لجهاز الأمن العام التابع للهيئة: “جاءت الأوامر أولا باعتقال مظهر الويسي ولكن فيما بعد وصلتنا برقية بإبقائه تحت الإقامة الجبرية إلى جانب أبو العلا الصنهاجي أحد مساعديه”.

وبحسب “الشامي”، فإن مجلس شورى تحرير الشام كان يضم سابقاً “القحطاني” و”زكور” و”الويسي” و”عبدالرحيم عطون” بشكل رئيسي, “وباعتقال الثلاثة الأوائل، انتهى العهد القديم لتحرير الشام”.

وأضاف: “وبحسب المعلومات التي وصلتنا فإن كل ما يجري من اعتقالات للقيادات وتجديد الهيكلية الداخلية لتحرير الشام يتم تحت موافقة تركية بل وأوامر تركية ترجمت على أرض الواقع(…) دون أن يعلم أحد إلى أن تسير الهيئة”.

وحاولت نورث برس عبر مصادرها في المنطقة، الاستفسار عما يجري داخل الهيئة من السعودي مصلح العلياني، الشخصية المقربة من الجولاني، لكنه رفض الإجابة، واكتفى بالقول: “الأمور ستتضح في وقت أقرب مما تتصورون”.

تحرير: معاذ المحمد