أسعار المواد العلفية تدفع مربي أبقار في الرقة لتقليص أعدادها

قيس الحمود – الرقة

يطحن محمد، الذرة الصفراء مع قليل من الخبز اليابس والنخالة، يخلطها مع بعضها ليطعم بها أبقاره، ويحاول في كل مرة أن يقتصد في إطعامها.

محمد النعيمي (40 عاماً)، من سكان قرية السحل جنوبي مدينة الرقة، شمالي سوريا، يمتهن تربية الأبقار، لكنه اضطر لتقليص عددها بسبب غلاء الأعلاف، حسبما يقول لنورث برس.

ويشتكي مربو أبقار من تراجع الدعم لرؤوس الماشية التي يمتلكونها، وارتفاع أسعار الأعلاف، لذا عمد الكثير منهم للعزوف عن تربيتها مؤخراً.

لم يبق لدى “النعيمي” سوى ثلاثة رؤوس من أصل 7 كان يمتلكها، أجبره على ذلك صعوبة تأمين الأعلاف لها.

 ويعتمد الرجل على تربية الأبقار لتأمين مصاريف معيشته وعائلته، وتعتبر مصدر رزقه الوحيد.

وتؤمن الماشية التي يربيها سكان ريف الرقة، حاجة السكان من الأجبان والألبان، لكن المربين يشتكون من ارتفاع أسعار الأعلاف مقارنة بأسعار ما يبيعونه من منتجات ما يملكونه من ماشية.

يقول “النعيمي” إنه يشتري الأعلاف بالدولار الأميركي، ويصل سعر كيس العلف المركب المستورد إلى 19 دولار أميركي، وهو ذو إنتاجية جيدة من ناحية الحليب.

لكن مؤخراً، تراجعت إنتاجية أبقاره رغم أنه يشتري المادة بالسعر ذاته، حيث انخفض إنتاج البقرة الواحدة من 17 كيلو حليب إلى 7 كيلو فقط، وفق قوله.

غش وتراجع جودة

ويشير المربي إلى تراجع جودة الأعلاف وغشها، فضلاً عن عدم توفر دعم لعلاج القطعان أو رؤوس الماشية، في ظل انتشار الأمراض بينها.

ويطالب الجهات المعنية بالاهتمام بالثروة الحيوانية من ناحية تأمين الأعلاف والأدوية وتوجيه عمل المنظمات إليها، في ظل تراجع أعدادها مؤخراً.

كذلك اضطر عبود الحويجة (23 عاماً)، من سكان قرية فخيخة جنوبي الرقة، ويربي ذويه الأبقار، لبيع قسم كبير من قطيعهم، بسبب ارتفاع أسعار المواد العلفية.

ورث الشاب تربية الأبقار عن والده، ويتخذها مصدر دخل أساسي.

ولتقليل الاعتماد على الأعلاف وتقليص عدد الوجبات، يلجأ “الحويجة” للرعي بقطيعه على ضفاف الفرات، تخفيفاً لمصاريفها أيضاً.

ويملك وعائلته 15 بقرة، لذا فإنها تحتاج لكميات كبيرة من الأعلاف، ولا قدرة له على تحمّل مصاريفها كاملاً بسبب الغلاء في أسعار المواد العلفية.

ويحذر مربو أبقار من فقدانها كـ”ثروة” تعود بالفائدة على عموم سكان المنطقة، حيث تسهم أعدادها وإنتاجها الوفير في جعل منتجاتها بمتناول الجميع وضمن قدرتهم الشرائية.

وعلى الرغم من تسببها بتردي الإنتاجية وحال الأبقار، إلا أن أحمد محمد (35عاماً)، يجلب الأعشاب التي يقطفها من الأراضي الزراعية لأبقاره، بعد أن عجز عن شراء الأعلاف.

ويشتكي المربي من ارتفاع أسعار المواد العلفية المستوردة، لذا اعتمد على جلب الأعشاب لـ 2 من بقراته الست، بينما يرعى في البقية على ضاف الفرات.

وتؤمن الأبقار حاجة سوق الرقة من مشتقات الحليب على مدار العام بعكس الأغنام التي تؤمن الحاجة بشكل موسمي، ذروته تمتد من آذار/ مارس وحتى تموز/ يوليو.

بالإضافة إلى رخص سعر لحومها مقارنة بلحوم الأغنام، كما أنها تشكل ثاني أنواع الثروة الحيوانية في الرقة بعد الأغنام من حيث العدد.

يقول “محمد” لنورث برس، إنه كان يمتلك قبل فترة ليست بالبعيدة 10 رؤوس، بقي منها 6، ويفكر المربي بإنقاص العدد، والأمر ينسحب على غالبية المربين.

تأتي شكاوى المربين في ظل تراجع الاهتمام بالثروة الحيوانية في سوريا عموماً، وفي شباط/ فبراير 2022، أعلن مسؤول في حكومة دمشق، فقدان الثروة الحيوانية في سوريا نحو 40% إلى 50% من قطيعها، بسبب الارتفاع العالمي في أسعار الأعلاف، إضافة إلى العقوبات الاقتصادية.

وكشف حينها عن وجود مشكلة كبيرة تهدد جهود ترميم الثروة الحيوانية، تتمثل بعدم قدرة المربين على الاستمرار بعملية التربية، ما يدفعهم لبيع قسم كبير من قطعانهم لتأمين احتياجات القسم الآخر.

وفي الـ 23 من أيار/ مايو الماضي، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد، قانونًا يقضي بإعفاء عملية استيراد الأبقار بقصد التربية من الرسوم الجمركية والضرائب والرسوم الأخرى، لمدة خمس سنوات من تاريخه. حيث تمنح إجازات الاستيراد بناء على موافقات مسبقة من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي.

تحرير: أحمد عثمان